مقالات

أرض الشايقية.. ملاذ الإبداع وسر الوداعة وحب الوطن

الباقر عكاشة عثمان:

الشايقية جزء من مكونات المنطقة الجنوبية للولاية الشمالية، وجذورهم ضاربة في أعماق الحضارة السودانية. أرضهم ليست مجرد رمال وجروف، بل هي واحة للإنسانية والقيم الأصيلة والنبيلة التي تسري في عروقهم كما يسري الدم في الشريان. وداعة أهلها ليست ضعفًا، بل هي القوة الحقيقية التي يستمدونها من إيمانهم العميق بالقيم الخُلُقية المتوارثة من أجدادهم. فمن بين رمال أرضهم وأغانيهم تنبثق معاني الكرامة والتسامح. يتحلون بالصبر، لكنهم في ذات الوقت مبدعون في كل ما يفعلون. تراهم ينسجون الفنون بأطيافها المتعددة، فنسجوا من شريانهم آلة الطمبور، وغنوا بها أجمل القصائد شعرًا، لحنًا، ودراما، وفنًا تشكيليًا، وكلها تنبض بحب الوطن الصغير الذي يغذون به قلوبهم.
تقعد تحش اللوبي للكاويق تقش
تصل البحر والموج يداعبا
في هدوما ينط يرش

أغانيهم ليست مجرد أنغام، بل هي قصائد حيّة تعبّر عن الحياة اليومية، عن الحب، وعن التحديات التي يواجهونها، مثل حياة الغربة وحنين الأرض والأم بصدر رحب.
يا يمة ترسلي عفوكي ينجيني من جور الزمان

حتى مع الزحف الصحراوي الذي غطى أرضهم، لم يندبوا حظهم، بل تعاملوا مع الطبيعة كما تعاملوا مع الحياة بحكمة وهدوء. تقبلوا الواقع وطوّعوه بقدراتهم الإبداعية، فغنوا للرمال التي غطت أراضيهم الطيبة ودخلت منازلهم دون استئذان:
يا رمال حلتنا زولا كان بيأنسك
يا حليلو فات روح لي بلدا ماها هيلو

فهم موقنون أن الصخر والوادي والبركل والبتمودا والبركاوي وجناين نوري تحكي عن ثقافتهم وتراثهم وهويتهم، ولا يتوانون في المحافظة عليها حتى إذا كلفتهم حياتهم.

قادني قلمي ليكتب هذه الحقيقة الماثلة دون تزييف في حق أهلنا الشايقية. ردًا على تصريحات المرتزق حميدتي، قائد مليشيا الدعم السريع، وتجنيه على الشايقية، أقول إن الشايقية ليسوا عرب شتات؛ فهم أهل حضارة، تجرعوا من ينابيع هذه الحضارة أحلى الصفات. دافعوا عن الوطن ووقفوا سدًا منيعًا أمام الغزو الأجنبي في بداية الحرب اللعينة.

أليس من المنطق أن نقول جميعًا لآل دقلو: لا وألف لا؟! إن تصريحاتك مردودة عليك، ولن تنال منهم، ولن يزيدهم تهديدك إلا تماسكًا وقوةً وعزيمةً لمواجهة أي معتدٍ أثيم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق