مقالات
يا بثينة إستقالتك عينة
برير إسماعيل:
لقد فقدت الحركة الشعبية الإنقلابية التي يترأسها الإنقلابي مالك عقار البوصلة الثورية والسياسية خاصة بعد وقوع الإنقلاب الأخير الذي خططت له و نفذته اللجنة الأمنية لنظام الجبهة الإسلامية القومية مسنودة بالحركات التي وقعت على إتفاقيات سلام جوبا ومسنودة كذلك بإقتصادها الطفيلي وبمليشياتها الأمنية و العسكرية المعروفة إن كانت مليشيا الدعم السريع أو مليشيا الجيش السوداني المسيس و المؤدلج وهو نفس الجيش السوداني الذي أجادت قيادته السياسية و العسكرية قتل مواطنيها منذ تأسيسه في 1925م بإسم قوة دفاع السودان*.
*يا بثينة إستقالتك عينة لأنها كانت بمثابة عرضة خارجة حلبة زفة الثورة السودانية المجيدة*.
*الكنداكات و الميارم و الثوار الذين يتابعون ما يدور في أوساط الحركة الشعبية التي يترأسها الإنقلابي مالك عقار سيُصابون قطع شك بالدوشة و لفة الرأس من كثرة المحن و الإحن التي يرددها الكثير من المنسوبين و المنسوبات لهذه الحركة في الأسافير سيما بعد حدوث الإنقلاب الأخير في يوم 25 أكتوبر 2021م كأحدى حلقات المسلسل الإنقلابي الكيزاني الطويل و الممل و الذي بدأت أولى حلقاته الإجرامية في 30 يونيو 1989م مروراً بمحطات إنقلابية تاريخية عديدة بما فيها محطة إنقلب إتفاقية نيفاشا نفسها وهي الإتفاقية التي مكَّنت كيزان السودان و بعض حلفاءهم الإقليميين و الدوليين من السيطرة على مقدرات البلاد و من إذلال غالبية مواطنيها و من ضمن هذه المحطات أيضاً محطة إنقلاب الوثيقة الدستورية الكارثية وصولاً للإنقلاب الذي لازالت أحداثه الدموية و الإجرامية جارية*.
*على طريقة أذهب إلى السيادي الإنقلابي عضواً وسوف أذهب بدوري إلى قِوى الحرية و التغيير المجلس المركزي معارضاً ذهب مالك عقار رئيس الحركة الشعبية إحدى الحركات الموقِّعة على إتفاقيات سلام جوبا إلى السيادي الإنقلابي بينما ذهب رفيقه ياسر عرمان إلى قوى الحرية و التغيير المجلس المركزي معارضاً للإنقلاب بل أصبح ناطقاً رسمياً بإسم المعارضة وسط دهشة ملايين الثوار و الثائرات و سبب الدهشة هذه هو إحتفاظ ياسر عرمان بقيادته للحركة كنائب لرئيسها و هنا سوف يتذكر الناس المسرحية الهزيلة لعراب حركة الأخوان المسلمين حسن الترابي التي جاءت بطريقة أذهب إلى القصر رئيساً و سوف أذهب أنا بدوري إلى السجن حبيساً و (حدس ما حدس) بعد ذلك*.
*الموقف المتسق الذي كان يجب أن يقوم به ياسر عرمان و تقوم به كل عضوية و قيادة الحركة الشعبية ما دام هم أغلبية رافضة للإنقلاب على حد زعمهم هو أن يطيحوا برئيسهم الإنقلابي مالك عقار منذ الأسبوع الأول للإنقلاب و يعلنوا على الفور إنحياز الحركة عضوية و قيادة للشارع السوداني الثائر الرافض للمنظومة الإنقلابية. و بما أن هذه الخطوة لم تحدث فليست هنالك أية قيمة سياسية تُذكر لصالح الثورة لمعظم ما يقوم به ياسر عرمان و رفاقه في الحركة الشعبية منذ وقوع الإنقلاب و ستظل الحركة حركة إنقلابية تتحمل كل تبعات الإنقلاب ما لم يتغير موقفها بطريقة واضحة و مقنعة للشارع السوداني الثائر*.
*البيان الأخير الصادر عن مكاتب و تنظيمات المهجر بالحركة الشعبية لتحرير السودان/ شمال حول بيان رئيس الحركة بخصوص مشاركة الحركة في تحالف قوى الحرية و التغيير المجلس المركزي بيان يعج بالمتناقضات و بالتحليل المبسَّط لما يجري في السودان من أحداث سياسية متسارعة على مدار الساعة عندما تحدثت إحدى فقرات هذا البيان عن أن إنقلاب الإسلاميين قادم !! و هنا تناسى الذين كتبوا هذا البيان بأن الإنقلاب الحالي نفسه تقوده اللجنة الأمنية لنظام الجبهة الإسلامية القومية و لذلك لا حاجة للإسلاميين تجار الدين بإنقلاب قادم*.
*البيان في كل فقراته إعترف برئاسة مالك عقار الإنقلابي للحركة و ظلَّ الذين كتبوا هذا البيان يخاطبونه برئيس الحركة إلى آخر كلمة فيه و عليه بإختصار شديد و بخطاب مباشر ستظل المشكلة في الحركة قائمة ما لم تعزل الحركة رئيسها الإنقلابي و تنحسب من المنظومة الإنقلابية لتلتحق كل مؤسساتها مع الشارع السوداني لمقاومة الإنقلابيين و العمل على إسقاطهم*.
*إحدى فقرات البيان الصادر عن مكاتب و تنظيمات المهجر تتحدث عن وجود إنقلاب في الحركة و في نفس الوقت تقول فقرة أخرى إن غالبية القيادة و العضوية ضد دخول الحركة في مؤسسات الإنقلابيين و لكن ما دام الغالبية العظمى في الحركة ضد الإنقلاب و ضد المشاركة فأين هي المشكلة إذن ?*!.
*حديث ذات البيان عن وجود إستقالات و حدوث بلبلة في داخل الحركة يؤكد بأن الرئيس الإنقلابي ليس وحده المساند للإنقلابيين و إلا لماذا تأخر الذين أصدروا هذا البيان إلى هذه اللحظة في إقالة رئيسهم الإنقلابي ما دام هو شخصية معزولة عن القاعدة العريضة الرافضة للإنقلاب و لا يمثل إلا نفسه كما يقولون?*.
*حديث البيان عن إنسحاب نائب رئيس الحركة من موقعه كمستشار لرئيس الوزراء د. حمدوك حديث عدمي و محير و ليست له أية قيمة سياسية لسبب في غاية البساطة هو أن الإنقلاب جب ما قبله و لم يعد رئيس الوزراء نفسه في موقعه الدستوري لكي تقدم له إستقالة ..كما أن قرار قبول أ. ياسر عرمان بهذا المنصب الحساس كمستشار لرئيس الوزراء لم يكن قراراً موفقاً لأنه لم يكن شخصية محايدة و لن يقدم أي شيء في هذا المنصب الهام الذي كان و لازال حتى في المستقبل بعد السقوط محتاج لشخصية محايدة صاحبة عقلية متفتحة على جميع المكونات السودانية*.
*أ. ياسر عرمان لديه جسم من الأجسام الموقعة على إتفاقيات السلام في جوبا و لديه خلافات مع بعض القيادات التي وقعت على سلام منبر جوبا و لديه خلافات مع بعض قيادات القوى السياسية و خلافات أخرى مع بعض قيادات المجتمع المدني و لذلك سينحاز إلى هؤلاء على حساب أولئك و سينهار بالتالي مفهوم المستشار السياسي لرئيس الوزراء*.
*حديث البيان عن مقاومة وزيرة الحكم المحلي الإنقلابية أ. بثينة دينار للإنقلاب وهي في هذا الموقع الإنقلابي حديث فيه عدم إحترام كبير لعقول المواطنين و المواطنات .. فكيف لوزيرة إنقلابية أن تقاوم منظومة إنقلابية متكاملة و لديها بعض الإرتباطات الإقليمية و الدولية المعروفة … فماذا فعلت أ. بثينة دينار في الفترة الأنقلابية السابقة من أجل تغيير المعادلة السياسية و الثورية لصالح الثورة ? و ماذا ستفعل هذه الوزيرة إن أرادت الإستمرار لوحدها مع هؤلاء الإنقلابيين المجرمين*?
*حديث ذات البيان العجيب في معظم فقراته عن أن إتفاقيات سلام جوبا لم تلزم الحركة بدعم الإنقلاب حديث لا يقوله طفل صغير في الروضة ناهيك عن أن تكتبه قيادات في جسم ثوري أو هكذا كان يفهم الناس الحركة علماً بأن الشارع السوداني الثائر طالب بإعادة النظر في إتفاقيات سلام جوبا من أجل تجويدها و هذا يعني بأن الشارع الثائر مع المفهوم العميق الشامل للسلام الذي لا يعني بأي حال من الأحوال غياب صوت البندقية كما حاول الإنقلابيون و حلفاؤهم قصيري النظر و عديمي الحيلة بسبب فقر المفاهيم السياسية الترويج لذلك. فبدون تحقيق السلام الشامل القائم على أسس صحيحة في ظل وجود مؤسسات مدنيَّة و ديمقراطية و راشدة لن تقوم للسودان قائمة و لكن السلام المبتذل لعدد من الأسباب مع إنحياز قياداته للإنقلابيين هو الذي أفرغ مفاهيم السلام الحقيقية من مضامينها*.
*تحدث ذات البيان الصادر عن مكاتب تنظيمات المهجر بالحركة الشعبية التي يترأسها الإنقلابي مالك عقار عن التفاوض المفضي إلى حل جذري مع الإنقلابيين و هذا كلام إنشائي بحت لأن في العملية التفاوضية/ السياسية لن يستطيع أي طرف أن يلغي الآخر تماماً من الوجود و عليه لن يحدث أي تغيير جذري منشود كهدف إستراتيجي في السودان عبر عملية سياسية و تفاوضية و هذه من بديهيات التفاوض مع الخصم في أي مكان في العالم و لكم في التاريخ السياسي السوداني و في الوثيقة الدستورية الكارثية و في الكثير من أخواتها من الإتفاقيات السودانية مع الخصم السياسي الإنقلابي بالتحديد الأسوة السيئة*.
*خلاصة البيان الصادر عن مكاتب و تنظيمات المهجر بالحركة الشعبية التي يترأسها الإنقلابي مالك عقار هي إهتمام الموقعين على البيان ببيان رئيس الحركة الإنقلابي المتعلق بتواجدها في قوى الحرية و التغيير المجلس المركزي و كان الأمثل و الأفضل أن يهتم الذين كتبوا هذا البيان المحير بخروج الحركة من المنظومة الإنقلابية لتنحاز بصورة كاملة للشارع السوداني الثائر لأن معارضة الإنقلاب لا تحتاج لأن تكون الحركة عضواً في قوى الحرية و التغيير المجلس المركزي .. فها هي لجان المقاومة و المجتمع المدني العريض معارضان للإنقلاب وهما خارج عضوية قوى الحرية و التغيير المجلس المركزي*.
*بعد كل هذا البيان المطول الصادر عن مكاتب و تنظيمات المهجر بالحركة الشعبية لتحرير السودان/ شمال التي يترأسها الإنقلابي مالك عقار تحدث الذين كتبوه في خواتيمه عن إستخدام الطرق الدستورية و الديمقراطية لمعالجة قضية تواجد حركتهم في جسم المنظومة الإنقلابية و لذلك لم يطيح البيان برئيس الحركة الإنقلابي بإعتبار إنه معزول جماهيرياً وفقاً لحيثيات البيان نفسه و لم يتم سحبها من مكونات المنظومة الإنقلابية.. يبقى كأنك يا أبو زيد ما غزيت*.
*بيان عضوية المهجر في الحركة الشعبية الإنقلابية حتى هذه اللحظة تمًَ التوقيع عليه من قِبل عدد قليل جدا من المعارضين للإنقلاب و لمشاركة الحركة فيه رغم حديث البيان عن العدد الكبير من عضوية الحركة الرافضة للإنقلاب*.
*عدد مقدر من مكاتب الحركة الشعبية الإنقلابية لم توقع منها شخصية إعتبارية واحدة ممثلة للمكتب بل نجد توقيعات لأكثر من شخص من نفس المكتب و هذا كلاماً عجبا ربما يكون هدفه تكبير الكوم السياسي*.
*البيان تحدث عن عضوية المهجر بينما المطلوب هو موقف الحركة الكامل في الداخل من الإنقلاب لأن عضويتها في الخارج لا تحتاج لبيان لتثبت به بأنها ضد الإنقلاب و حتى لو كانت مع الإنقلاب و مع مشاركة الحركة فيه سيظل الموقف المطلوب ثورياً و سياسياً و جماهيرياً هو موقف الحركة في الداخل*.
*بعد سرد هذه الخلفية الهامة لبيان عضوية الحركة الشعبية الإنقلابية حالياً في المهجر لإرتباطه الكبير بإستقالة الوزير الإنقلابية أ. بثينة دينار دعونا نعود الآن إلى محن و إحن هذه الوزيرة الإنقلابية القيادية في ذات الحركة الإنقلابية حتى هذه اللحظة لنقول لها كلاماً بديهياً مفاده أن الإنقلاب يجب ما قبله و عليه نتساءل عن طبيعة اللوائح المرتبطة بالإستقالة و عن حكاية التسليم و التسلم التي تريد هذه الوزيرة الإنقلابية (المستقيلة) بثينة دينار إستخدامها لتكملة إجراءات إستقالتها المزعومة ! و ماذا ستفعل في الأيام القادمات لو رفض الإنقلابيون إستقالتها ?!*
*مفهوم الإستقالة في الظروف العادية غير الإنقلابية لا تعني بأي حال من الأحوال قبولها بصورة أوتوماتيكية فقد تعني التجميد و قد تعني الرفض و المطالبة بسحبها و لذلك لا توجد أي قيمة سياسية في عملية تقديم الإستقالات للإنقلابيين و المجرمين ففي هذا الطرح الجربندي إبتذال كبير لأدب و مفهوم الإستقالة بل فيه مرمطة بسمعة الإستقالات المسببة في العهود الديمقراطية و في المجتمعات المدنيَّة*.
*نكرر من باب عسى و لعلَّ و نقول إنَّ إستقالة الوزيرة الإنقلابية بثينة دينار ليست لديها قيمة سياسية لا الآن و لا في المستقبل لأن الإنقلاب قد أطاح بالوثيقة الدستورية رغم عللها الكثيرة و أطاح بالتالي بكل المؤسسات التي كانت قائمة بناءً عليها و لذلك كان الأشرف لها مغادرة مؤسسات الإنقلابيين بدون إستئذان منهم لأنهم لم يستشيروا أحداً من الناس لكي يواصلوا في إخراج مسلسل الإنقلابات الكثيرة و مسيخة و بعد المغادرة تعتذر لشعبها بسبب المشاركة في الإنقلاب و تكون مستعدة لتحمل نصيبها من كل تبعات جرائم الإنقلابيين لأنها كانت في السلطة الإنقلابية الدموية التصفوية طيلة الفترة السابقة*.
*كل البيانات الصادرة عن الحركة الشعبية التي يترأسها الإنقلابي مالك عقار ستكون بيانات للإستهلاك المحلي و للونسة السياسية في وسائط التواصل الإجتماعي إن لم تعقبها تدابير و قرارات سياسية حازمة و واضحة تنسحب بمقتضاها الحركة من مكوِّنات و مؤسسات المنظومة الإنقلابية لتنحاز للشارع السوداني الذي تقوده لجان المقاومة و تنحاز كذلك للقوى السياسية و المدنيَّة الرافضة للمنظومة الإنقلابية ولمؤسساتها*.
*نكرر الخلاصات و لا نمل من التكرار لنقول إنَّ الأستاذة بثينية دينار لا تحتاج لتقديم إستقالة لطرف إنقلابي و لذلك فإن الحديث عن إستقالتها حديث لم يستوعب تماماً كل المستجدات و التحولات و المعادلات السياسية و الثورية العميقة الموجودة على الأرض بعد حدوث الإنقلاب الأخير في 25 أكتوبر 2021م لأن الإنقلاب الأكبر قد وقع تحت غطاء الوثيقة الدستورية الكارثية تلك الوثيقة الدستورية التي تجاوزها الشارع السوداني الثائر و تجاوزتها أيضاً قِوى الحرية و التغيير المجلس المركزي و إن كان في الوثيقة الدستورية الإنقلابية خير لتمسك بها الجميع و دافعوا عنها*.
الثورة السودانية مستمرة و عاشت نضالات الشعوب السودانية التوُّاقة للحرية و السلام و العدالة و المدنيَّة والنصر أكيد.
برير إسماعيل
*كارديف -13 أغسطس -2022م*.