محمد وداعة:
تناقضات طرفى التسوية لن تحل ثنائيا
الطرفان على اتفاق ان يختطفا المشهد
الطرفان سيخسران والخاسر الأكبر هو الشعب السوداني
إعادة التموضع دون تكتيكات مرنة يصبح ضرباً من المستحيل
رفعت الحرية والتغيير مجموعة المركزى شعارات “لا تفاوض ، لاشراكة ، لا شرعية” و كان العنوان الأبرز هو إسقاط الانقلاب ، وسعت من خلال ذلك ربما للتواصل مع الجذريين ، و اتهمت الحزب الشيوعى بأنه يدعم الانقلاب برفضه أن يتوحد معهم ، وظلت العلاقة غامضة وغير محددة مع حراك الشارع ، إلى أن جاءت أحداث باشدار التى كانت علامة فارقة ، حيث رفضت مجموعة من لجان المقاومة مجرد وجود مجموعة المركزى فى موكب باشدار ، و تكرر الأمر فى شمبات و السبيل والثورة مناطق أخرى ، ووصل الأمر إلى الاتهامات والتخوين و العداء.
استخدمت مجموعة المركزى شعار إسقاط الانقلاب ، ورفضت اتفاق (حمدوك – برهان) ووصفت حمدوك بالخائن ، وذهب البعض منهم إلى تحميل حمدوك مسؤولية كل اخفاقات الفترة التى كان فيها رئيسآ للوزراء ، بالرغم من أن حمدوك دافع عن اتفاقه مع البرهان، وقال إنه أبرم هذا الاتفاق حرصاً على حقن دماء السودانيين ، فكم استشهد من الشباب ؟ وكم اريقت من الدماء ؟
وعلى كل حال لم تصبر مجموعة المركزى على شعار إسقاط الانقلاب ، مثلما لم تتريث فى الانتقال من شعار إنهاء الانقلاب إلى طي صفحة الانقلاب ، ذلك لأن الضغوط الإقليمية الدولية التي تعرضت لها كانت هائلة ، وأحدثت بينها تباينات كبيرة ، فلم تقو على الاستمرار فى صفحة طي الانقلاب وانتقلت مباشرة إلى مشروع التسوية.
فى تقدير كاتب هذه السطور أن ديناميكية التموضع السياسي مع الحفاظ على الأهداف مطلوبة، و لكن هذا التموضع دون تكتيكات مرنة يصبح ضرباً من المستحيل.
مجموعة المركزى أضعفت مركزها وموقفها بإصرارها على الحل الثنائي ، وفقدت تعاطف بعضاً من حراك الشارع لأنها اجتمعت وتحاورت سرا، و تنازلت عن شعارات رفعتها.
فى تقديري، أن مسلك مجموعة المركزي هو نموذج لفشل النخبة السياسية السودانية ، وتشتت أفكارها واصطناعها لموضوعية زائفة وعدم وجود برنامج سياسي وفقدانها للوعي بتقاليد و آليات العمل المشترك، و لذلك تريد هذه المجموعة إعادة التجربة مع إدعاء توسيع المشاركة ، والإصرار على احتكار مركز القرار ، هذه المرة باتفاق مع المكون العسكرى ، وسيكون دورها فى هذه التسوية أضعف من تجربتها السابقة ، وستواجه معارضة أشرس من ذي قبل.
هذه التسوية ستحقق لمجموعة المركزي بعض أهدافها و فى مقدمتها العودة شريكاً في الحكم ، بعد أن كانت تحكم منفردة ، وسينال المكون العسكرى بعضاً من طموحاته فى تكريس وجوده في السلطة ، بالرغم من إعلانه عزوفه عنها.
لن تحقق هذه التسوية الاستقرار السياسى المنشود، وستسقط التسوية ولو بعد حين بثورة أو بانقلاب، ولن تكتمل الفترة الانتقالية، لأن تناقضات طرفي التسوية لن تحل ثنائيا. الطرفان على اتفاق أن يختطفا المشهد، وبالتالي فإن الطرفين سيخسران والخاسر الأكبر هو الشعب السوداني.