أخبار وتقاريرحقوق الإنسان
أيمن الظواهري: من جراح عيون إلى زعيم تنظيم القاعدة
الساقية برس – بي بي سي :
أعلنت الولايات المتحدة مقتل زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في غارة أمريكية داخل أفغانستان.
وقتل الظواهري في هجوم بطائرة مسيرة نفذ في العاصمة الأفغانية كابل.
فمن هو أيمن الظواهري؟
تولى جراح العيون، الذي ساعد في تأسيس جماعة الجهاد المصرية، قيادة القاعدة في أعقاب مقتل بن لادن على أيدي قوات أمريكية في الثاني من مايو/ أيار 2011.
وقبل ذلك كان ينظر للظواهري على أنه الساعد الأيمن لبن لادن والمنظر الرئيسي لتنظيم القاعدة.
ويعتقد بعض الخبراء أنه من العناصر الأساسية وراء هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، إذ كان اسمه آنذاك ثانياً بعد بن لادن في قائمة تضم 22 من “أهم الإرهابيين المطلوبين” للولايات المتحدة.
وكانت الحكومة الأمريكية قد رصدت مكافأة بقيمة 25 مليون دولار لمن يساعد في الوصول إليه.
ويشير بعض الخبراء إلى أن تنظيم الجهاد المصري، سيطر على تنظيم القاعدة حين تحالفا نهاية التسعينيات من القرن الماضي.
وكان الظواهري قد شوهد آخر مرة في بلدة خوست شرقي أفغانستان في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2001، حين بدأت واشنطن حملتها العسكرية للإطاحة بحكومة طالبان.
واستطاع في ذلك الحين الاختفاء في المناطق الجبلية على طول الحدود بين أفغانستان وباكستان وذلك بمساعدة رجال قبائل متعاطفين.
“المتحدث باسم القاعدة”
وقد برز الظواهري كأحد الناطقين البارزين باسم القاعدة. وقد ظهر في 16 شريطا مرئيا ومسموعا في عام 2007، ويمثل ذلك 4 أضعاف ظهور بن لادن في العام ذاته.
ويعتقد أن الظواهري قد استهدف بضربة صاروخية أمريكية في 13 يناير/ كانون الثاني من عام 2006 بالقرب من الحدود الباكستانية مع أفغانستان.
وقد قتل في الهجوم آنذاك 4 من أعضاء القاعدة، ولكن الظواهري نجا وظهر على شريط فيديو بعد أسبوعين يحذر فيه الرئيس الأمريكي آنذاك، جورج بوش، أنه لا هو ولا “كل القوى على الأرض” يمكن يقتلوه إن لم يكن مقدراً له ذلك.
وفي يوليو/ تموز من عام 2007، ظهر في شريط مرئي مطول يحث فيه المسلمين حول العالم الانضمام إلى الحركة الجهادية والالتفاف حول تنظيم القاعدة.
وفي الشريط ذاته، حدد الظواهري استراتيجية القاعدة المستقبلية، وقال إن التنظيم، على المدى القصير، يهدف إلى مهاجمة مصالح “الصليبيين واليهود”، قاصداً بذلك الولايات المتحدة وحلفائها في الغرب وإسرائيل.
وأما على المدى الطويل فقد اعتبر الظواهري إسقاط الأنظمة في العالم مثل السعودية ومصر، الهدف الأساسي، داعياً إلى استخدام أفغانستان والعراق والصومال كمناطق لتدريب المتشددين الإسلاميين.
وفي 8 يونيو/ حزيران من عام 2011، أصدر الظواهري بيانا يحذر فيه الأمريكيين من أن بن لادن سيستمر في “ترويع” الولايات المتحدة حتى من قبره.
“الأسرة المتميزة”
ينحدر الظواهري المولود في العاصمة المصرية القاهرة في 19 يونيو/ حزيران من عام 1951، من عائلة متميزة من الطبقة المتوسطة، وفيها العديد من الأطباء وعلماء الدين.
جده، ربيع الظواهري ، تقلد منصب شيخ جامع الأزهر، الذي يعد أحد أهم مراكز التعليم الإسلامية السنية الأساسية في الشرق الأوسط، في حين أن أحد أعمامه كان أول أمين عام لجامعة الدول العربية.
وتقول دائرة المعارف البريطانية إن الظواهري ترعرع في حي المعادي جنوبي القاهرة، وتأثر في صباه بشكل كبير بكتابات سيد قطب.
وقد انخرط الظواهري في نشاطات حركات الإسلام السياسي في سن مبكرة، وهو لا يزال في المدرسة، وقد اعتقل في سن الخامسة عشر، لانضمامه لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة.
لكن نشاط الظواهري السياسي، لم يمنعه من دراسة الطب في في جامعة القاهرة، التي تخرج منها في عام 1974.
وفي الفترة من 1980 إلى 1981 سافر كعامل إغاثة مع الهلال الأحمر إلى بيشاور في باكستان حيث عالج اللاجئين المتضررين من الحرب الأفغانية. وخلال ذلك الوقت، قام بعدة رحلات عبر الحدود إلى أفغانستان حيث شاهد الحرب عن كثب.
ويذكر أن والده محمد الذي توفي في العام 1995، كان أستاذاً في علم الصيدلة في نفس الجامعة.
“شاب راديكالي”
بدأ الظواهري في البداية يتبع التقاليد العائلية، وأسس عيادة طبية في إحدى ضواحي القاهرة، ولكنه سرعان ما انجذب إلى الجماعات الإسلامية التي كانت تدعو للإطاحة بالحكومة المصرية.
والتحق بجماعة الجهاد الإسلامي المصرية منذ تأسيسها في العام 1973.
وفي عام 1981، اعتقل ضمن المتهمين باغتيال الرئيس المصري آنذاك أنور السادات.
وكان السادات قد أثار غضب الناشطين الإسلاميين من خلال التوقيع على اتفاق سلام مع إسرائيل، واعتقال المئات من منتقديه في حملة أمنية آنذاك.
وخلال إحدى جلسات المحاكمة، ظهر الظواهري باعتباره متحدثاً باسم المتهمين، لإتقانه اللغة الإنجليزية، وصور وهو يقول للمحكمة: “نحن مسلمون نؤمن بديننا ونسعى لإقامة الدولة الإسلامية والمجتمع الإسلامي”.
ورغم تبرئته في قضية اغتيال السادات، فقد أدين بحيازة الأسلحة بصورة غير مشروعة، وحكم عليه بالسجن مدة 3 سنوات.
ووفقا لزملائه السجناء الإسلاميين، تعرض الظواهري للتعذيب بصورة منتظمة من قبل السلطات خلال الفترة التي قضاها في السجن في مصر، وهي التجربة التي يقال إنها حولته إلى التطرف.
وعقب الإفراج عنه في العام 1985، غادر إلى السعودية.
وبعد ذلك بوقت قصير توجه إلى بيشاور في باكستان وأفغانستان المجاورة في وقت لاحق، حيث أسس فصيلاً لحركة الجهاد الإسلامي المصرية، وعمل طبيباً أيضاً في البلاد خلال فترة الاحتلال السوفيتي.
وتولى الظواهري قيادة جماعة الجهاد بعد عودتها للظهور في عام 1993، وعُد الشخصية الرئيسية وراء سلسلة من الهجمات داخل مصر بما فيها محاولة اغتيال رئيس الوزراء آنذاك عاطف صدقي.
وتسببت سلسلة الهجمات، التي شنتها تلك المجموعة للإطاحة بالحكومة المصرية وإقامة دولة إسلامية في البلاد خلال منتصف التسعينيات من القرن الماضي، بمقتل أكثر من 1200 شخص في مصر.
وفي عام 1997، قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن زعيم جماعة “طلائع الفتح”، وهو فصيل من فصائل حركة الجهاد الإسلامي، يقف وراء المذبحة التي تعرض لها السياح أجانب في مدينة الأقصر في العام نفسه.
وبعد ذلك بعامين صدر على الظواهري حكم بالإعدام غيابيا من قبل محكمة عسكرية مصرية لدوره في الكثير من الهجمات في مصر.
الأهداف الغربية
في السنوات التي أعقبت الانسحاب السوفيتي من أفغانستان، يُعتقد أن الظواهري أقام في بلغاريا والدنمارك وسويسرا، واستخدم في بعض الأحيان جواز سفر مزور للسفر إلى منطقة البلقان والنمسا واليمن والعراق وإيران والفلبين.
وتقول دائرة المعارف البريطانية إن بن لادن كان قد غادر إلى السودان في عام 1992 حيث انضم إليه الظواهري في النهاية هناك، وفي يونيو/حزيران من عام 1995 جرت محاولة فاشلة لاغتيال الرئيس المصري حسني مبارك، وتحت ضغط دولي طرد السودانيون في النهاية الظواهري وبن لادن وأتباعهم.
وفي ديسمبر 1996، أشارت تقارير إلى أن الظواهري سُجن لستة شهور، في روسيا بعد القبض عليه، لدخوله داغستان، في طريقه للشيشان، من دون تأشيرة دخول سارية المفعول.
ووفقا لمقال كتبه الظواهري، فإن السلطات الروسية فشلت في التعرف على النصوص العربية في جهاز الكمبيوتر الخاص بها، ولذلك لم تكتشف هويته.
وفي عام 1997، انتقل الظواهري إلى مدينة جلال أباد الأفغانية، حيث كان بن لادن يقيم.
وبعد سنة، انضم تنظيم الجهاد وخمس مجموعات راديكالية أخرى، إلى بن لادن وتنظيم القاعدة مشكلين “الجبهة الإسلامية العالمية للجهاد ضد اليهود والصليبيين”.
وشمل إعلان الجبهة لأول مرة فتوى دينية تسمح بقتل المدنيين في الولايات المتحدة، وبعد 6 أشهر، دمرت اثنتان من الهجمات المتزامنة السفارتين الأمريكيتين في كينيا وتنزانيا ما تسبب بمقتل 223 شخصا.
وكانت مكالمات الظواهري عبر هاتف فضائي قد استخدمت كدليل لإثبات أن القاعدة تقف وراء الهجوم.
وبعد أسبوعين من الهجمات، قصفت واشنطن معسكرات تدريب إسلامية متشددة في أفغانستان. وفي اليوم التالي ، اتصل الظواهري هاتفيا بصحفي باكستاني، وقال: “قل للأمريكيين إن هذه الصواريخ وتهديداتها، وأعمالها العدوانية لا تخيفنا. الحرب بدأت للتو”.