مقالات

محلية عطبرة والرقص على رؤوس الأفاعي

يوميات أبالي 

نصرالدين العبادي:

أضحت ولاية نهر النيل بعد نشوب حرب ١٥ أبريل المختزلة من أجندات الصراع الدولي ضد الشعب السوداني لنهب ثرواته وللتغيير الديمغرافي الذي أراده العملاء والمارقين والمرتزقة وعرب الشتات، أصبحت هي قبلة النازحين والوافدين والأحرار الذين يقفون صفا واحدا خلف القوات المسلحة في معركة الكرامة من كل ألوان الطيف السوداني مما أكد قومية المدينة ففتحت الولاية ذراعيها حنينا وكرما وعطفا ولطفا بالسودانين، فتوافدت الأسر والقبائل والأسواق وكل يغني على ليلاه بثقافته دفئا وأمنا، فكانت الترحيلات شأنها شأن كل القطاعات المتأثرة بالحرب التي حطت بها الرحال بعطبرة عاصمة الحديد والنار.
لم تصدق حكومة ولاية نهر النيل بأن تجد ضالتها في هذا الجسم المنهك الهزيل الذي ذاق الأمرين جراء صوت البنادق ونهب (الشفشافة ) وتدمير مقاره من الخرطوم إلى مدني  ثم إلى عاصمة الحديد والنار ( عطبرة) التي وضعت قطاع الترحيلات بين حديد (الجبايات ونار الغرامات)، فبادرت بإغلاق المحال في غياب تام لأهمية لفهم عملية نقل البضائع من مواقع شحنها إلى مواقع تفريغها أي استهلاكها، كذلك تم إيقاف عربات الشحن ( ١٥ طنا ) ومنعها من الدخول للأسواق لسن قوانين لفرض رسوم عالية تتجاوز (المليون) جنيه لتحقيق أكبر سقف من الإيرادات لرفد خزينة الولاية دون مراعاة  مصلحة المكاتب لانسياب عملها ومصلحة المواطن في ارتفاع سعر وحدات السلع الغذائية التي تجعل التاجر يدفع هذه الفاتورة الباهظة ويضعها علي السلع المنقولة عبر الترحيلات ليدفعها المواطن المثقل بكل تبعات الحرب.

التخبط الذي اعترى محلية عطبرة في التعامل مع مكاتب الترحيلات وكأنها متهم أو جسم ضرار، هو نتاج لغياب الوعي الحقيقي بأهمية نقل البضائع وإيصالها للمواطنين في ظل حرب الكرامة ودورها  في حفظ الأمن الغذائي والدوائي والمساعدة في حفظ الأمن والسلم بالولاية ومساعدة الأجهزة الأمنية في أداء مهامها.

لم تقف نخبة الجبايات عند هذا الحد بل صعدت مع المرحلين إلى أن بلغت درجة وصفتهم فيها بأنهم ضيوف ونازحين ولايملكون حق العمل بالولاية ومما يؤكد هذه الممارسات هو امتناع المحليات من استخراج رخص للمكاتب لضمان عملية استمرار حملات التوقيف (والتلقيف) مما أثر سلبا في انسياب البضائع وغلاء الاسعار، فكان ميلاد شعبة الترحيلات بمدينة عطبرة وهي تجمع الترحيلات بجميع مدن ولاية نهر النيل التي تبنت مشروع الشراكة مع سكك حديد السودان لتبدأ عملية تنظيم عمل الترحيلات ووضعه في مساره الصحيح ولكن الجهات المختصة والمنوط بها تسهيل المهمة وقفت كحجر عثرة من منطلق النظرة الضيقة لتحقيق إيرادات الولاية، متناسية كل مايترتب على هذه الممارسات.

هذا التعسف والتعنت يجعل الجميع يغرد خارج السرب ويضع محلية عطبرة على صفيح ساخن ويجعل الوالي شريكا في  رفع الأسعار ومضاعفة معاناة المواطن بدلا من خفض التكلفة وتخفيف العبء على المواطن، وكله رقص على رؤوس الأفاعي، يا أبو البدوي قف تأمل.

 

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق