مقالات

الفريق إبراهيم جابر و التشخيص السليم

بقلم/ محمد بابكر:

لعل التحديات الجسيمة التي واجهها السودان خلال فترة الحرب الأخيرة، والتي خلفت دماراً واسعاً في البنية التحتية والمرافق الحكومية، جعلت قرارات عضو مجلس السيادة رئيس اللجنة العليا لإعادة الإعمار الفريق مهندس إبراهيم جابر تأتي كنقطة تحول محورية في استراتيجية الحكومة السودانية لمرحلة ما بعد الحرب. هذه القرارات، التي تمثل تحولاً جذرياً في الأولويات الحكومية، تشمل نقل جميع مقار الوزارات إلى أكاديمية الأمن الوطني بمنطقة سوبا جنوب الخرطوم، وإعادة توجيه ميزانية إعادة إعمار المرافق الحكومية لتركز على تحسين البنية التحتية للمواطنين أولاً.

يقول الأطباء إذا تم تشخيص المرض فأسهل مايكون العلاج إن الفريق ابراهيم جابر وضع التشخيص الصحيح لهذه العلة فكان العلاج ناجعا وشافيا

نعم هذه الخطوات تأتي في وقت حرج يتطلب اتخاذ قرارات شجاعة ومدروسة لضمان عودة الحياة الطبيعية إلى العاصمة الخرطوم، وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين الذين عانوا كثيراً خلال فترة الصراع.(التشخيص المناسب والعلاج الأنسب)
إن النظرة الإيجابية التي يحظى بها هذا القرار من قبل العديد من المراقبين والمواطنين تعكس الحاجة الماسة لتغيير جذري في طريقة تعامل الحكومة مع أولويات إعادة الإعمار، بحيث يكون المواطن في المقدمة وليس المباني الحكومية.

إن هذه القرارات لا تمثل مجرد تغيير في المواقع الجغرافية للمؤسسات الحكومية، بل تعكس فلسفة جديدة في الحكم تضع احتياجات المواطنين في المقدمة، وتعيد ترتيب الأولويات بما يخدم الصالح العام.

كان الفريق مهندس إبراهيم جابر عضو مجلس السيادة ورئيس اللجنة العليا لتهيئة البيئة المناسبة لعودة السودانيين إلى العاصمة الخرطوم، قد أصدرقراراً بنقل جميع مقار الوزارات والهيئات الحكومية إلى أكاديمية الأمن الوطني الواقعة في منطقة سوبا جنوب الخرطوم.
ويأتي هذا القرار في إطار جهود الحكومة لإعادة تفعيل العمل الحكومي وتوفير بيئة عمل آمنة ومستقرة بعد الدمار الذي لحق بالعديد من المباني الحكومية في وسط الخرطوم نتيجة الحرب التي أشعلتها مليشيا الدعم السريع المتمردة.

وتعتبر أكاديمية الأمن الوطني في سوبا موقعاً استراتيجياً يوفر البنية التحتية اللازمة لاستيعاب المقار الحكومية بشكل مؤقت أو دائم، مما يضمن استمرارية العمل الحكومي بعيداً عن مناطق التوتر والدمار.
مباني أكاديمية الأمن العليا بصاحية سوبا جنوب الخرطوم مؤهلة الاستضافة الحكومة السودانية فبها مباني من طراز فريد لاتتوفر في مباني الوزارات قبل الحرب.

يهدف هذا النقل إلى تسهيل عودة الموظفين الحكوميين إلى أعمالهم، وتوفير الخدمات للمواطنين في بيئة أكثر أماناً واستقراراً.
وتوجيه ميزانية إعادة الإعمار لصالح المواطن بالتزامن مع قرار نقل المقار، كما أصدر إبراهيم جابر قراراً آخر يقضي بوقف أعمال صيانة المرافق الحكومية في الخرطوم، وإعادة توجيه الميزانية المخصصة لإعادة إعمار هذه المرافق. ويهدف هذا القرار إلى استخدام هذه الميزانية الضخمة، التي كانت ستخصص لإصلاح المباني الحكومية المتضررة، في مشاريع تخدم المواطن السوداني بشكل مباشر، وخاصة في إعادة تأهيل البنية التحتية الأساسية.

يؤكد هذا التوجه الجديد على أن الأولوية القصوى للحكومة هي تحسين الظروف المعيشية للمواطنين، وتوفير الخدمات الأساسية مثل المياه، الكهرباء، الصحة، والتعليم، والتي تضررت بشكل كبير خلال فترة الحرب.

إن هذا التحول في الأولويات يعكس وعياً حكومياً بأهمية الاستثمار في الإنسان والبنية التحتية التي تخدمه مباشرة، بدلاً من التركيز على إصلاح المباني التي قد لا تكون ذات أولوية قصوى في الوقت الراهن.

تأتي هذه القرارات في سياق الوضع الصعب الذي تمر به العاصمة الخرطوم بعد الحرب، حيث تعرضت العديد من المرافق الحكومية والخاصة لدمار واسع النطاق.

وقد أشار إبراهيم جابر في تصريحات سابقة إلى أن تكلفة إعادة إعمار المرافق العامة المدمرة في السودان تبلغ حوالي 150 مليار دولار . وفي ظل هذه التكلفة الباهظة، يصبح من الضروري إعادة تقييم الأولويات وتوجيه الموارد المتاحة نحو الأكثر إلحاحاً.

إن الحاجة الملحة لإعادة تأهيل البنية التحتية للمواطنين هي الدافع الرئيسي وراء هذه القرارات. فالمواطنون في الخرطوم والمناطق المتضررة الأخرى يعانون من نقص حاد في الخدمات الأساسية، مما يجعل عودتهم إلى حياتهم الطبيعية أمراً صعباً. ومن خلال توجيه ميزانية إعادة الإعمار نحو هذه الخدمات، تسعى الحكومة إلى تخفيف المعاناة عن كاهل المواطنين، وتمكينهم من استئناف حياتهم بشكل طبيعي

إن الهدف الأساسي من هذا القرار هو إعادة توجيه الموارد المالية التي كانت مخصصة لصيانة المباني الحكومية نحو أولويات أكثر إلحاحاً للمواطنين. وتشمل هذه الأولويات:
إعادة تأهيل وتشغيل الخدمات الأساسية
سيتم استخدام الأموال الموفرة لإصلاح وتشغيل خدمات الكهرباء والمياه التي تدهورت بشكل حاد في العاصمة.وتسهيل عودة المواطنين يُعتبر تحسين البنية التحتية الحيوية خطوة أساسية لدعم استقرار العاصمة وتشجيع عودة النازحين.

ويأتي هذا القرار كجزء من خطة أوسع لإعادة ترتيب الأولويات الحكومية في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة

ويمكن النظر إلى هذا القرار من عدة زوايا:
حيث يرى كثيرون أن القرار يعكس فهماً صحيحاً لأولويات المواطن الذي يحتاج إلى الماء والكهرباء أكثر من حاجته لمبانٍ حكومية فخمة في الوقت الحالي. فبدلاً من إنفاق الموارد على ترميم مبانٍ يمكن الاستغناء عنها مؤقتاً، وتوجيهها لخدمات تمس حياة الناس مباشرة.

يمثل القرار تحولاً في استراتيجية الحكومة، حيث يعطي الأولوية القصوى لتطبيع الحياة المدنية في العاصمة.
يرى البعض أن ترك المباني الحكومية المدمرة في وسط الخرطوم على حالها قد يخدم كشاهد على حجم الدمار الذي خلفته الحرب، وربما يتم تحويلها لاحقاً إلى مواقع توثيقية أو سياحية.

هذا القرار أثار تفاعلاً واسعاً حيث يري المواطنين، فيه خطوة حكيمة تعطي الأولوية للخدمات،

إن قرار الفريق إبراهيم جابر هو قرار في جوهره، يهدف إلى معالجة الأزمة الخدمية والاقتصادية الطارئة عبر إعادة تخصيص الموارد المتاحة. إنه يعكس رؤية ترى أن شرعية الدولة وقدرتها على الحكم لا تكمن في فخامة مبانيها، بل في قدرتها على توفير الخدمات الأساسية لمواطنيها. ومع ذلك، يبقى نجاح هذه الخطوة مرهوناً بمدى كفاءة تنفيذها وقدرة الحكومة على إدارة العمل من المقر الجديد بفعالية، وضمان أن توفير الموارد سيُترجم فعلاً إلى تحسين ملموس في خدمات الكهرباء والمياه للمواطنين.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى