مقالات

التاريخ يعيد نفسه مرتين.. الأولى كمأساة والثانية كمهزلة

د.أسامة  سيدأحمد حسين:

مدخل:
(لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين) حديث نبوي شريف، السؤال عن مستقبل حواضن مليشيا ال دقلو الإرهابية (الدعم السريع) الاجتماعية والسياسية بعد انتصارات الجيش السوداني الكبيرة، وما إذا كان المجتمع السوداني سيقبل هذه الحواضن بعد الحرب يتطلب تحليلًا دقيقًا للواقع السياسي والاجتماعي في السودان.
1. السياق الحالي:
مليشيا ال دقلو الارهابيه (الدعم السريع):
هي مليشيا مسلحة نشأت في إطار الصراعات الداخلية في السودان وأكبرالأخطاء الاستراتيجية لحكومة الانقاذ ، وخاصة في دارفور، ولعبت دورًا كبيرًا في الأحداث السياسية والعسكرية السابقةو الأخيرة، بما في ذلك الحرب ضد الجيش السوداني وشعبه.
انتصارات الجيش السوداني:
ان استمرار تحقيق الجيش السوداني لانتصارات كبيرة ومتتاليه وخاصة في دارفور بالتركيز علي ( الفاشر) علي مليشيا ال دقلو ( الدعم السريع) ، يؤدي ذلك حتما إلى اضمحلال و إضعاف نفوذ المليشيا عسكريًا وسياسيًا.
2. مستقبل الحواضن الاجتماعية والسياسية لمليشيا الدعم السريع:
الحواضن الاجتماعية:
وهي معظمها قبايل لها امتدادات مع العمق الغرب أفريقي وتتمتع بخصائص تكوين اهمها العداء التاريخي المتأصل تجاه بقية السودان وخاصة( الشمال والوسط النيلي ) نتيجة الفارق الحضاري والوعي القيمي.. كما تتموضع تاريخيا قبايل الزرقه( الفور- المساليت- البرقو- …الخ) صاحبة الممالك والأرض والتاريخ التي تعرضت للازاحة والابدال والابادة الممنهجة بواسطة عصابات أعراب النفاق والشتات الارهابيه فاقدة القيم والتاريخ والدين .
تعتمد علاقة هذه المجموعات الحاضنة على مدى تأصل المليشيا في مجتمعاتها ، خاصة في المناطق التي كانت تعمل فيها. إذا كانت المليشيا تتمتع بدعم شعبي في مناطق معينة بسبب عوامل مثل الحماية أو المشاركة في التغنيم الحرام او ترويج فرية المركز والهامش ومعاداة اصحاب الامتيازات التاريخيه( الشريط النيلي) او استعادة الديمقراطيه- ديمقراطية السلب والنهب والاغتصاب ودفن القبائل الأصيلة صاحبة الأرض والتاريخ احياء- قد تستمر بعض هذه الحواضن حتى بعد إضعاف مليشيا ال دقلو الارهابيه عسكريًا.
الحواضن السياسية:
تعتمد على تحالفات المليشيا الارهابيه مع قوى سياسية داخلية عميلة شبقة لدرجة العهر السياسي أو خارجية تمارس الطمع في خيرات السودان اللامحدودة في وضح النهار . إذا فقدت المليشيا الارهابيه دعمها السياسي بسبب هزائمها العسكرية المتلاحقة بمتواليه هندسيه، فقد تتراجع هذه الحواضن وتقفز من مركبها الغارق وكذلك الدعم الإقليمي الذي بات عاريا بعورة يراها كل المجتمع الدولي المتخاذل .
3. قبول المجتمع السوداني للحواضن:
التأثير النفسي للحرب:
بعد حرب طويلة ومريرة ومأساوية ، بالتأكيد يرفض المجتمع السوداني أي كيانات مرتبطة بالعنف والتقتيل والتشريد أو الفوضى، ولنا في ارهاب التعايشية الأولي مكان رحيب في الذاكرة الجمعية الشعبيه( مقتلة محمود ود احمد في شندي/ إذلال كل مشايخ القبايل والطرق الصوفية بواسطة تور شين) ، خاصة إذا كانت المليشيا متهمة ومدانة بانتهاكات حقوق الإنسان والابادة الجماعية المثبته والموثقة مما يجعل أفعالها الاجرامية في مرتبة ( حينما استحال الكلام والتوثيق في لحم الإفادة شاهدا).
المصالحة الوطنية:
إذا تمت عملية مصالحة وطنية شاملة، قد يكون هناك مجال لإعادة دمج بعض عناصر المليشيا من هذه الحواضن القبليه( المغرر بها) في المجتمع السوداني الحر الأبي، ولكن هذا يتطلب شروطًا مغلظة وواضحة لا تقبل التأويل مع ضمانات قوية بعدم تكرار الغدر و العنف.
الدور السياسي:
إذا حاولت المليشيا الارهابيه التحول إلى كيان سياسي، فسيعتمد قبولها على مدى استعداد المجتمع السوداني كله لتقبل هذا التحول ( وأجزم انه لن يكون لها أي ملليمتر واحد في المساحة السياسيه تتموضع فيه لفقدانها اي رؤية او برنامج) خاصة إذا كانت هناك ذاكرة جماعية سلبية سيمتد عمرها الي قرون قادمه مرتبطة بأفعالها الشنيعه في حق الوطن والشعب السوداني.
4. التحديات:
إعادة الإعمار:
يحتاج السودان إلى إعادة بناء المناطق المتضررة من الحرب، وهذا قد يقلل من تأثير الحواضن الاجتماعية للمليشيا الارهابيه إذا تم توفير بدائل أفضل من قبل الدولة.
العدالة الانتقالية:
ستكون هناك مطالبات بمحاسبة قادة المليشيا الارهابية على انتهاكات حقوق الإنسان، مما قد يحد من قبولهم سياسيًا واجتماعيًا.
5. السيناريوهات المحتملة:
التراجع الكامل:
إذا تم إضعاف المليشيا الارهابية بشكل كامل، قد تتراجع حواضنها الاجتماعية والسياسية تدريجيًا كما يحدث الان خوفا ان ينقطع نسلها.
التحول السياسي:
قد تحاول المليشيا الارهابيه التحول إلى كيان سياسي، ولكن نجاحها سيعتمد على مدى قبول المجتمع لها. أجزم بأن رصيدها سيكون صفرا كبيرا.
الاستمرارية في الظل: حتى بعد الهزائم العسكرية المجلجلة، قد تستمر المليشيا الارهابية في العمل بشكل غير رسمي، خاصة إذا كانت لا تزال تتمتع بدعم محلي من بعض النظار والمتعاونين الخونة مثل بعض ابناء السودان من المناطق المحرره ومرتزقة جنوب السودان( مليشيات النوير( توت قلواق- والدينكا) والهاربين من السجون من المحكومين
الخلاصة:
قبول المجتمع السوداني لحواضن مليشيا ال دقلو الارهابيه (الدعم السريع) بعد الحرب يعتمد على عدة عوامل، بما في ذلك مدى نجاح عملية المصالحة الوطنية، وإعادة الإعمار، ومدى استعداد المجتمع لتجاوز مرارات الماضي. إذا تمت معالجة هذه القضايا بشكل جيد، قد يقل رفض المجتمع لهذه الحواضن، ولكن إذا استمرت الأزمات، فقد تبقى هذه الحواضن مؤثرة بشكل أو بآخر.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق