مقالات

مَنْ يُغالِب الله يُغلَبِ ..!!

لواء شرطة (م) د.إدريس عبدالله ليمان:

عندما أُحضِر المجرم اليهودى الخبيث حُيي بن أخطب لضرب عُنقه وهو الذى جمع الأحزاب وأمر بنى قُريظة بنقض العهد قال لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنتهى الجبروت والعناد والكِبر رغم أنّ المسافة بينه وبين الموت لم تكن تزيد عن الخطوة الواحدة : ( *والله ما لُمتُ نفسى على مُعاداتك ولكن من يُغالِبِ الله يُغلَبِ ..!!*) .. ولم تُغنِ الأحزاب عنه شيئاً ..!! وهكذا كان حال كلاب المليشيا وأميرهم الهالك طُغياناً وتَجَبُّراً وممارسةً لكل ألوان العظمة والكبرياء .. ساموا أهل السودان صُنوفاً من العذاب ، وعَادَوا الله وحاربوه ونازعوه فى كبريائه وألوهيته بعد أن غَرَّتهم قوتهم ( وكروزراتهم الحَوَّامة ) وأعجبتهم كثرتهم ، وفرحوا وإستبشروا بآلة الحرب المُدَّمرة التى بين أيديهم ، فَسَلَّط الله عليهم من إنتقم منهم ولقَّنَهم دروساً بالدم الأحمر وبالمداد الأحمر فلم يستفيقوا من غفلتهم إلاَّ وسيف أبطالنا فى رقابهم ، وما أغنت عنهم ثُنائياتهم ولا رباعياتهم ولا مسيَّراتهم ولا تمائِمِهم ولا نائِلتهم ولا إسافهم .. ومازادتهم آلهتهم الكذوبة إلاَّ خبالاً ومازادهم سَحَرتَهُم غير تتبيبٍ ..!! فعاد من تبقَّى منهم إلى حيث موطن الضِبَاع والضَيَاع فى الصحارى والكهوف حيث يعيشون حاملين معهم بعض الميتة والجيف لمن تركوهم خلفهم على بواديهم وليخبروهم بما حلّ بجراءهم و ( جريواتهم ) فى محرقة الخرطوم بعد أن هلك مُقاتِلَتَهم وأُسر المئات منهم ومن ضمنهم ذلك المتمرد الخائن المارق المُعتّل أخلاقياً وسلوكياً الذى تتبرأ منه رتبة المقدم شرطة بعد أن خان وطنه وأصدقائه ورفاق دربه ومؤسسته التى تربى فيها وعاش بها لما يقرب من نصف قرنٍ من الزمان وهاجم قيادة الإحتياطى المركزى بالمدفعية وقتل الأبطال الشرفاء الأوفياء من زملاءه وقادته ومنسوبيه .. فذلك المجرم لا يستحق إلاّ البصق على وجهه وتنفيذ حكم الله عليه ..!! ومع كل الإنتصارات يجب أن تكون دماء شهدائنا مُلهمة فى قضايا الحُكم وإدارة الدولة وأخذ الأمر بحقِّه حتى لا تتكرر الغفلة التى دفع ثمنها البسطاء من أهل بلادى قتلاً وسلباً ونهباً وتشريداً وتهجيراً *فالحَربُ يبعثها الشَقِىُّ تَجَبُّراً وينوءُ تَحتَ بلائها الضُعفاءُ*.. وهم الآن قد تجاوزوا كل محطات الرغبة لمحاسبة من اوصلهم لما هم فيه تغافلاً منهم واملاً فى الإصلاح والإعمار شريطة الإحتكام فيما يتعلق بادارة شؤون الدولة لسلطة القانون والعدالة لا على الأهواء والمطامع وأخلاق اللذة والمنفعة ومنطق الغاية تبرر الوسيلة ، فالمرتزقة ليسوا فقط أولئك الذين تدافعوا عبر جسر جبل أولياء وهم يولون الدُبُر ، ولكنهم موجودون بيننا يحملون هويّتنا ويتحدثون بلساننا ولكن مواطنتهم مزيّفة فإنهم وصوليون ومصلحيون وإنتهازيون ومتسلقون .. الوطن عندهم مجرد وزارة أو سفارة أو صولجان بل ومحطة للثراء ..!! فهذا التلاحم الشعبى مع مؤسساته العسكرية والأمنية هو بمثابة الدرع الذى تتكسر عليه مختلف أمواج الإنشقاق والتصدع والتشظى مهما كانت قوتها ، وفرصة ذهبية لبناء الدولة السودانية الحديثة بترقية جميع أفراد الشعب ليصبحوا مواطنين حقيقين وشركاء فاعلين فى التنمية والبناء وصمام أمان يحول دون إنفجارها .. فالإعتماد على مرتزقة الداخل والخارج ورهن وجود الوطن بوجودهم أورثنا الخَبَال والدمار وكدنا أن نفقد هويتنا وتتلاشى أحلامنا .. فمن كرامات معركة الكرامة أنها أعادت إلينا كرامتنا المسلوبة وطبَّبَت كبريائنا الجريح وأعلت من صوت الحق بعد أن تبين لنا أن الصمت عن النصيحة مذَلَّة والصمت عن الألم زيادة فى المعاناة ، ومن كراماتها العظيمة أنها أعادت إلى شبابنا الصادق الوعى الذى سُرِقَ منهم وسُرِقَ معه ماضينا وتم العبث بحاضرنا وعُرِضَ مستقبلنا للبيع فى مزادات الخيانة وبيع الأوطان ..
والحمد لله أن قيَّض لبلادنا جيشاً عظيماً لم يضَع عنه لامَّة الحرب منذ أن إرتداها ، وأصبعه لاتزال على الزِناد يُقاتل البُغاة .. وهذا هو دأبَه منذ تكوينَه وإنشاؤه ، فعقيدته القتالية تقوم على أساس الدفاع عن الوطن والحفاظ على سيادته ووحدته الوطنية لا على البغى والعدوان ، وكان شاهداً على ميلاد الدولة السودانية وراعياً لمرحلة التأسيس وحاضراً فى عملية البناء وفاعلاً فى صنع المستقبل ، وعيناً ساهرة على أمن المواطنين وعِزَّة الوطن ، وعوناً للشرطة السودانية مهما كان إختلاف الناس على أدواره وطبيعتها ، وكُلُّ ذلك مع نظامٍ وإنضباطٍ وتقليد عسكرى فى منتهى الصرامة .. وظَلَّ هكذا إلى أن فُرِضَتْ عليه المصاهرة المشئومة بينه كجيشٍ وطنى يُقاتل بإحترافية من أجل وطنه وقوَّتِه ومِنعَتِه وهيبَتِه وبين أولئك الذين أُوتِىَ بِهم من منافيِّهم وشتاتِهم ومن ثَمَّ تمكينهم مِنْ مفاصل الدولة ورِقَاب الناس الذين كانوا طرائق قِدداً حول الجنين الجنجويدى الحرام فكان منهم المتحمس المتوثب لوجودهم ، ومنهم المؤيد المناصر لقائدهم الهالك ويرون فيه المُنقذ والمؤسس ، ومنهم الحادب على مصلحة الوطن المشفق على أهله ، ومنهم المتوجس المحاذر من إنتشار المليشيا على اسوار القيادة العامة والقصر الجمهورى والهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون حيث بدأ عناصرها فى تنفيذ أجندتهم وأغراضهم علناً دون مواربة أو تَقِيَّة ، فاقترفوا كُلَّ الموبقات والإفسادُ فى الأرض غدراً وبغياً ، وركب المُتَربِصون ببلادنا والطفيليون الذِّين يقتاتون من خَشاش البُغاة ويعتاشون على الفُتات على ظهر دابتهم ومكروا مع سادتهم مكراً كُبَّاراً وأرادوها فتنةً لا تُبقِى ولا تَذر ، وسبحوا فى مستنقع المتاجرة بأمن الناس وبإستقرار الوطن ووحدته ..
*ورغم الخسائر الفادحة والمآسي المؤلمة والمفزعة يمكن القول أن بلادنا ربِحَتْ واحدة من أهم وأقسى وأشرف المعارك فى تأريخها الحديث ، وإنتصرت فيها قواتنا المسلحة لأنها قاتلت بشرف ونُبلْ لم ترتكب الخطايا وكانت الأقل خطأً والأطول نَفَسَاً والأكثر صبراً وثباتاً والأقوى تنظيماً وتخطيطاً ..* وها هى الحرب تضعُ أوزارها وبإنتهاءها سيُفَكِّر كُلَّ دقلوقراطى محتمل ألف مرَّة قبل أن يرتكب ذات الحماقة مستقبلًا لأنه سيجد شعباً مغبوناً لايلتزم الصمت فى مواطن الدفاع وليس على إستعداد لإن يدفع ثمن حماقات الساسة وخطاياهم ، ولن تجد نُطفة أى باغٍ أو متمرد محتمل رَحِماً تلتصق *إلاّ الحمل خارج الرحم** ..!! فأرحام مؤسساتنا العسكرية والأمنية بل والخدمة المدنية ستنفى خبثها كما تنفى النار خبث الحديد .
حفظ الله بلادنا وأهلها من كل سوء .
*لواء شرطة (م) :*
*د . إدريس عبدالله ليمان*
*الجمعة ٢٨ مارس ٢٠٢٥م*

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق