مقالات

تحت الحياة فويق الممات.. ولاية الجزيرة وأمراض الحرب والنزوح

د.أسامة سيدأحمد حسين:

مدخل استفتاحي:
نحن اتون العشية
نحن اتون لاتمام الزفاف
حفلنا فيه رصاص.. والتواقيع التفاف
والمغني بندقية
والبنيات هنا لسنا صبايا.. بل شظايا
تسحق الظلم وتمحو البربرية
( الشاعر / محمد مدني )

أدت الحرب التي شنتها مليشيا ال دقلو الارهابيه علي ولاية الجزيرة إلى تدمير البنية التحتية الصحية وانهيار خدمات المياه والصرف الصحي، مما تسبب في تفشي أوبئة خطيرة تهدد حياة الآلاف. فيما يلي تحليل للوضع الوبائي والحلول المقترحة والتي تتطلب خطة متكامله تشمل عدة محاور لمعالجة التلوث، وإعادة التأهيل الصحي والبيئي،وتعزيز الاستدامة.. ويكون المدخل بتقييم الوضع الصحي والبيئي الراهن( الاضرار- تحديد بؤر التلوث- تحليل العينات للتربة والمياه).
أولاً: الأوبئة والأمراض المستشرية حالياً في ولاية الجزيرة:
1. الكوليرا والدسنتاريا والإسهالات المائية:
– بسبب تلوث مصادر مياه الشرب وانهيار شبكات الصرف الصحي.
2. الملاريا:
– انتشار البعوض نتيجة تجمع المياه الراكدة (من دمار البنية التحتية والأمطار).
3. الحصبة وسوء التغذية:
– انهيار برامج التطعيم وندرة الغذاء.
4. الأمراض الجلدية( الجرب- جدري الماء- ) والتهابات العيون:
– نتيجة النزوح والعيش في ظروف غير صحية.
5. الالتهابات التنفسية الحادة( التهاب الشعب الهوائيه):
– بسبب الغبار والأدخنة الناتجة عن القصف والانفجارات والحرائق.

ثانياً: أسباب تفاقم الأوبئة
✔ تدمير المرافق الصحية:
– مستشفيات ومستوصفات تعرضت للنهب أو التدمير المتعمد.
✔ نقص الأدوية والمستلزمات الطبية:
– بسبب الحصار الاقتصادي وصعوبة وصول المساعدات أو مصادرتها ونهبها بواسطة المليشيا المتمردة.
✔ تلوث مصادر المياه:
– توقف محطات التنقية والمعالجة، استخدام الآبار غير الآمنة وتسرب كميات كبيرة من كيماويات الاسمدة والمبيدات بقنوات الري .
✔ النزوح الجماعي:
– مخيمات مكتظة بالاهالي والنازحين بدون صرف صحي أو مياه نظيفة.
✔ انهيار النظام الصحي:
– هروب معظم الكوادر الطبية، نقص الوقود لتشغيل المراكز الصحية.

ثالثاً: خطة المعالجة العاجلة (0 – 6 أشهر):-
1. الاستجابة الطبية العاجلة:
-إنشاء وحدات علاجية متنقلة Mobile Clincs في المناطق الأكثر تضرراً (مثل مدني، الحصاحيصا، الكاملين) والقري التي جرت بها مجازر قتل بشع للاهالي.
-توزيع “أكياس الإمهاء الفموي” (ORS) لمكافحة الجفاف الناتج عن الكوليرا.
-توفير المضادات الحيوية (مثل أزيثروميسين) لعلاج الإسهالات المائية.
-حملات تطعيم عاجلة ضد الحصبة وشلل الأطفال.
2. تأمين مصادر مياه الشرب المعالجه النظيفة.
-تنقية الآبار وتطهير خزانات المياه بالكلور وتحليل مياه قنوات الري لمعرفة تركيز ملوثات الاسمدة والمبيدات.
-توزيع فلاتر( مرشحات) مياه منزلية ، أقراص تعقيم ( أقراص الكلورين) أو الصوديوم هايبو كلورايد.
-إصلاح وصيانة محطات المياه المتضررة بدعم من منظمات مثل اليونيسف والولاية والمركز.

3. مكافحة نواقل الأمراض:
-رش المبيدات( الرش الضبابي) للحد من البعوض الناقل للملاريا.
-توزيع الناموسيات المشبعه و المعالجة بالمبيدات في المناطق الموبوءة.
-تنظيف وتجفيف المياه الراكدة لمنع تكاثر البعوض.
4. تحسين الظروف المعيشية للنازحين بمراكز الايواء المختلفه:
-إنشاء مراحيض طارئة وحفر ال pit latrins في مناطق مجاوره للمخيمات ودور الايواء.
-توزيع مستلزمات النظافة (الصابون، المعقمات، الفوط الصحية).
-تقديم وجبات غذائية عالية الطاقة للأطفال والنساء الحوامل.

رابعاً: خطة التعافي الطويلة الأجل (6 أشهر – 3 سنوات):
1. إعادة بناء النظام الصحي:
-إعادة تأهيل المستشفيات والمراكز الصحية.
-تدريب كوادر طبية محلية لسد النقص في الأطباء والممرضين.
-إنشاء نظام إنذار مبكر للأوبئة (مثل نظام EWARS).
2. تحسين البنية التحتية لشبكات المياه والصرف الصحي :-
-إعادة بناء شبكات المياه الداخليه المتضررة للمدن والقري.
-إنشاء محطات معالجة مياه مركزية.
-حملات توعوية حول النظافة الشخصية Personal Hygiene
3. تعزيز الأمن الغذائي:
-دعم المزارعين لإعادة زراعة الخضر و المحاصيل الأساسية.
-برامج تغذية مدرسية للأطفال.
خامساً: آليات التنفيذ الفعال:
المجال و جهةالمسؤوليه:
**الاستجابة الطبية // وزارة الصحة، منظمة الصحة العالمية (WHO)، منظمةأطباء بلا حدود. **المياه والنظافة // اليونيسف، الهلال الأحمر السوداني، منظمات محليه وهيئات المياه( المدن والريفيه).
**الإغاثة الغذائية // برنامج الأغذية العالمي (WFP)، منظمات خيرية اقليميه و محلية وهيئات وطنيه مقتدرة ماليا. سادساً: التحديات المتوقعة والحلول :
**عدم استقرار الأمن // التنسيق مع قوات الأمن لتأمين وصول المساعدات.
**نقص التمويل // الضغط على المنظمات الدولية لتقديم دعم عاجل. **انتشار الشائعات // إشراك الزعماء المحليين ومشايخ الطرق الصوفيه والإعلام لنشر التوعية الصحيحة ودحض الافتراءات المبثوثة بواسطة العملاء والمتعاونين.
** تكوين مجموعات مراقبة من المستنفرين في كل قرية أو حلة لمراقبة مصادر المياه والاغذية للاشتباه في دس السموم أو أي كيماويات ضارة( توجد سوابق بالجزيرة).

الخلاصة:
الأوضاع في ولاية الجزيرة كارثيةوتتطلب تدخلاً عاجلاً لمنع تفشي الأوبئة. الخطة تشمل:
١/إجراءات طارئة لإنقاذ الأرواح، ثم إعادة الإعمار لمنع عودة الأوبئة.
٢/ التعاون بين الحكومة، المنظمات الدولية، والمجتمع المحلي( رجالات الأعمال الوطنيين) هو المفتاح للنجاح.
الوقاية ممكنة لو توفرت الإرادة والموارد، لكن التأخير في العمل سيحول الأزمة إلى كارثة إنسانية.

.أسامة سيدأحمد حسين:
خبير بيئي- مركز تدبر للبحث العلمي

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى