
إخلاص نمر:
تم اعتماد اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف ،في السابع عشر من يونيو عام 1995،بموجب القرار الصادر من الجمعية العامة للأمم المتحدة ،بعد توقيع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر في أعقاب عام 1994. جاء ذلك نتيجة لما شهدته الأراضي من تدهور بائن ،وتفاقم واضح لأزمات الجفاف ،في مناطق مختلفة من العالم ،خاصة قارة أفريقيا .
يشكل اليوم العالمي لمكافحة التصحر ،انتباهة ويقظة للعالم بأكمله ،العالم الذي يشهد الكثير من تدهور الأراضي وتراجع موارد المياه ،في ظل التغيرات المناخية القاسية ،مايدفع إلى تعزيز التوعية بأهمية مكافحة التصحر وحماية الأراضي والتربة ،خاصة وأنه قد بات من الملاحظ أن الكثير من الأراضي الزراعية ،قد شهدت تغولا من محبي التوسعة العمرانية، الأمر الذي أدى إلى تراجع المساحات المزروعة والتي تأثرت بفقدان المياه بصورة راتبة ،الامر الذي أظهر تهديدا واضحا ،للامن الغذائي ،وساهم في الجوع والفقر وكثرة النزوح والحراك ،للبحث عن مأوى جديد مختلف وسبل حياة ممكنة.
نحتاج في هذا اليوم إلى الحفاظ على المياه والتربة وتغيير السلوك البشري تجاه الطبيعة،الإتجاه نحو زراعة مستدامة،وتقليل الأزمات البيئية،مع دعم الأبحاث والابتكار العلمي من أجل غد اخضر.
التصحر هو ظاهرة تدهور الأراضي في المناطق القاحلة وشبه القاحلة والجوافة شبه الرطبة ،نتيجة عوامل متنوعة من ضمنها التغيرات المناخية والأنشطة البشرية،كل هذا يترك أثره على قدرة هذه الأراضي الإنتاجية والاقتصادية .
تدهور الأراضي طال الان 40%من مساحة اليابسة في العالم ،بسببه نفقد التنوع الحيوي الغني،وتزيد رقعة الجفاف ،وعدم استقرار المجتمعات ، كل هذا يجعل من الإسراع في تكثيف جهود اصلاح الأراضي أمرا بالغ الأهمية، فالكوكب يرزح تحت عبث الطبيعه بواسطة النشاط البشري، الذي كشفت تقديرات منظمة الأغذية والزراعة العالمية فيه عن أن التدهور قد طال 1660مليون هكتار من الأراضي بسبب هذا النشاط.
كانت أهم مخرجات مؤتمر مكافحة التصحر (كوب 16) الذي انعقد في العاصمة السعودية الرياض، تعزيز التعاون الدولي وتبادل الخبرات ،وافضل الممارسات في مجال مكافحة التصحر، كذلك برزت أهمية الاستثمار في الاقتصاد الأخضر ،ومبادرات التنمية المستدامة ،اضافة إلى الاهتمام بجهود التكيف والمرونة لمكافحة الجفاف وتدهور الأراضي، والتركيز على استعادة1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لحماية سبل عيش 3مليار شخص حول العالم ،و دعم مبادرات التشجير والزراعة المستدامة.
تقدر اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر ،انخفاض المحاصيل بنسبة 10% على مستوى العالم بحلول عام 2050،وبنسبة 50%في المناطق الأكثر تضررا مايترك بصمةوتاثيرا مرا على الأمن الغذائي ،كما أنه يدفع الأسعار إلى الزيادة على نحو 30%،في وقت يتوقع فيه زيادة سكان الكوكب إلى 9.7مليار نسمة !!!.
يعاني السودان من تدهور الأوضاع البيئية ،والضغط القاسي على الموارد الطبيعية بسبب النزوح الذي دفعت به حرب السودان ،اتخذ البعض من الأشجار وقودا للطبخ وبناء المنازل ، استنزفت الحرب الأراضي الزراعية فجعلتها عرضة لكل عوامل التعرية ،بجانب ذلك كان الفقد الاعظم للغابات التي تعد مخزنا للكربون ودرعا واقيا من العواصف والفيضانات وجميع الاحوال الجوية القاسية.
إن إزالة الغابات عمل على تقويض جهود التكيف مع المناخ ،وفقدان التنوع البيولوجي ،حيث فقدت الحيوانات موائلها ،وبتنا عرضة للتغير المناخي الذي ترك بصمته في عدم قدرة تحقيق الأمن الغذائي،وانخفاض الإنتاج الزراعي فكان الجوع والفقر .
الخريف الآن على الابواب، وكل (الخوف) من تكرار ماحدث من الفيضانات والسيول التي جرفت التربة سابقا ،وهي مشبعة بالسيانيد والزئبق والزرنيخ في مناطق التعدين العشوائي،و الذي وجد طريقه إلى مياه الشرب فانتشرت الأمراض وساءت حالة النازحين الصحية.
أصبحت التربة في السودان ملوثة بمخلفات السلاح وهذه ستستغرق زمنا طويلا للعودة إلى سيرتها الاولى –وربما لاتصلح ابدا– ودفن البذور والاستعداد للزراعة ، ومحاولات العلاج ليست سهلة تحتاج إلى آليات ودراسات وقياسات ليس من السهل الوصول إليها.
وأخيرا يبقى السؤال العام ،هل يمكن استعادة النظم البيئية المتدهورة والأراضي الرطبة وإدارة الموارد المائية وحصاد مياه الأمطار ،وإدارة موارد المياه الجوفية من أجل مواجهة الجفاف والتصحر؟.