
الطيب المكابرابي:
منذ جاءت اتفاقية جوبا للسلام وأصبحت واقعا ومنحت الموقعين عليها من حملة السلاح آنذاك تقلد الدكتور جبريل إبراهيم رئيس حركة العدل والمساواة منصب وزير المالية، وحمل هذه الحقيبة منذ الوهلة الأولى وحتى قرار رئيس الوزراء الجديد د.كامل إدريس بحل الحكومة مؤخرا.
بعد قرار الحل هذا بدأت التكهنات بأسماء وصفات القادمين الجدد وبدأت المناكفات كذلك بشأن الحقوق وما أثبتته اتفاقية جوبا وكيف يكون تنفيذ مانصت عليه.
من بين ما أظهرته الفترة القصيرة الماضية من توجهات واتجاهات ورغبات أن يظل الدكتور جبريل ابراهيم رئيس حركة العدل والمساواة وزيرا للمالية حارسا لحقوق دارفور المالية التي نصت عليها اتفاقية جوبا وهو قول قال به الرجل حين سئل يوما عن سبب تمسكهم بالمالية فرد بأن المنصب سيضمن لهم حقوقا نص عليها الاتفاق!.
وزارة المالية ليست ماعونا فقط لحفظ حقوق دارفور وحدها أو غيرها من مناطق السودان بالتحديد بل هي بيت مال كل أهل السودان الذي يتجمع فيه المال بخطط وأفكار وسياسات ومتابعات ثم ينفق منه هذا المال على كل أهل السودان بمن فيهم من ورد بشأنه نص مثل الموقعين.
د.جبريل إبراهيم وهو رجل لم يفشل في إدارة هذه الوزارة .. لا نعتقد أنه الرجل الذي يناسبه الاستوزار أو تأبط حقيبة وزارية لما له وماعليه من مهام نعتقد أن وقت القيام بها وبطريقة مغايرة لما كان قد حان الأوان له الأوان.
الدكتور جبريل رئيس حركة مسلحة وصلت مع الحكومة إلى اتفاق سلام وماتزال الفكرة والأفكار فيها هي العودة لحمل السلاح متى حدث خلاف أو اختلاف.
حركة العدل والمساواة وبقية الحركات لم تتغير الفكرة الأساسية عندها ولم تتوجه نحو التفكير السلمي والوصول إلى السلطة والحصول على المناصب والمكاسب فيها عبر طرق التنافس وخوض الانتخابات وكسب الأصوات المؤهلة للاستوزار وتقلد المناصب والحصول على الامتيازات.
ماهو مطلوب من دكتور جبريل الآن وقبل الغد وفي ظل تعيين رئيس وزراء جديد وفترة انتقالية يتم فيها تحديد موعد وإجراء انتخابات عامة في البلاد، ماهو مطلوب منه وكبار قادة هذه الحركات ومفكريها العمل ومنذ الآن لتأسيس أحزاب وكيانات مدنية على نمط حديث وبفكر جديد يؤمن بالسلام بديلا للحرب وبالصندوق مؤهلا للحصول على الحقوق والمكتسبات وبالتنافس العقلي بوابة لولوج الوزارات والقصور.
ماعاد في الوقت متسع لأن يهمل دكتور جبريل ورفاقه في السلاح والكفاح السابقين قضايا التحول الجذري نحو البناء الحقيقي والمستديم للمجتمعات وقيادتها نحو طريق السلام المستدام وتأسيس كل ماهو مطلوب لبناء مجتمع مدني لا يؤمن إلا بالحصول على السلطة عبر صناديق الاقتراع ولا يعمل إلا على تأسيس نفسه وإعدادها جيدا لهذه المرحلة وهم-أي هؤلاء القادة- يعلمون أن المتبقي لا يتجاوز السنين الثلاث لخوض انتخابات عامة في البلاد.
وكان الله في عون الجميع
الخميس 19 يونيو 2025