“السلطان” بوليس يوانج.. “ترند” امتحان الشهادة السودانية

عصام الحكيم:
من النادر أن يستحوذ طالب في امتحانات الشهادة السودانية على الزخم الإعلامي منفردا عدا ذاك الذي يتصدر قائمة الشرف القومية متوجا بالمرتبة الأولى عليها.
لكن (بوليس يوانج) الطالب الجنوب سوداني من مدراس الأحلام في جوبا جلس بمفرده لأداء امتحان مادة (التربية الأسرية) ضمن امتحانات الشهادة السودانية التي استضافتها جوبا وفي خدمته حشود ضخمة من :
36 مراقباً ومساعداً
12 مشرفاً
كبير المراقبين من وزارة التربية والتعليم السودانية
7 من عمال المدرسة ومن أفراد الأجهزة الأمنية المختلفة لتأمين المركز
عدد من مناديب السفارة السودانية بجوبا
كلهم اتوا من اجل جلسة امتحان لأجل خدمة طالب واحد فقط في مركز يضم 16 قاعة امتحان اعد لثمانمائة طالب وطالبة ممتحنيين هذا العام ..
من رتبوا ونظموا واداروا وراقبوا واشرفوا وامنوا وحرسوا وحضروا بمهامهم ومقاماتهم المهنية والإدارية والأمنية والدبلوماسية هم بقوام رهط وحاشية تتحلق لتحمل اي دستوري مدبج اوعظيم قوم مبجل اوسلطان قبيلة معظم على كفوف الراحة قبل أن يرتد اليه طرف أو يغمض له جفن أو بنبس ببنت شفة
كان “بوليس” الطالب بحسب الوصف الشفيف للزميل والإعلامي المخضرم عادل فارس ” الرجل والورقة والقلم والكرسي والصمت واللجنة.
استلم ” بوليس ” ورقته في تمامها، وجلس ثلاث ساعات كاملة لوحده، لا صوت إلا صوت قلبه ينبض إجابة.. ولا زميل ينظر إليه شذراً أو يهمس له همساً في امتحان فريد.. وموقف أعجب ..
لو كنت وزيرا للتربية والتعليم بالسودان لأعددت تكريما خاصا يليق بهذا الطالب فهو قد مهر بواقعته التي وثقها هذا الحدث الاستثنائي الفريد اكبر دليل وبرهان علي مدي موثوقية ونزاهة وشفافية ومهنية وقوة الشهادة السودانية وهي شهادة غير مجروحة تدججت في ثنايا اقوي مضمون اعلان ودعاية تسويقية مجانية من طرف محايد ومستقل تعدل وتوزن شهادته المبراة من أي عيب مائة خطبة سياسية وتربوية وتعليمية من أهل الشان والاختصاص كي يبرروا ذلك.
كما أن الطالب ” السلطان ” “بوليس” حرر شهادة اعتداد لمنهج مادة التربية الأسرية كواحدة من العلوم المدرسية التي تستميل الطالب في اختياراته التعيلمية بعيدا عن الميول والرغبات الكلاسيكية التقليدية في المساقات الادبية والعلمية..
“بوليس” عكس انموذجا قويا يجسد همة العزم وتصميم الارادة في كيفية الانتصار للذات وتحقيق الرغبات للميول الاكاديمية في الدراسة وتحديدا تخصص التربية الاسرية ..
ولكم ان تتخيلوا وتذهبوا بعقولكم في رحلة ذهنية بارتداد تغذية ارتجاعية للوراء قبل ان ينعقد هذا المشهد للطالب بوليس يوانج في مقعده في غرفة الامتحان ان بوليس جلس عشرات الساعات كفاحا ومنفردا في حجرة الدراسة لكي يتلقي ويؤدي استحقاقات تعليمه وتمدرسه من معلم التربية الاسرية حصص المادة كي يجلس ممتحنا لها في مثل هذا اليوم ..
هذه دعوة لادراج مقرري التربية الاسرية والوطنية كمادتين الزاميتين في المنهج المدرسي في زمن اعتلت فيه الوطنية واختل فيه البناء والنسيج الاسري ..
أخيرا ..
أرجو ألا يسقط اسم هذا الطالب ” بوليس يوانج ” من ذاكرتكم .. فحتما طالب بهذه الكاريزما لن يكون خارج سياق التاريخ وربما اطل عليكم في يوم ما من شرفة مرموقة غير التي ابصرتموها اليوم ..
ختاما
خالص الشكر والتقدير للزميل والإعلامي القدير عادل فارس مياط الذي اناخ بعير منصته الإعلامية ليتسنم ذروتها الطالب بوليس يوانج وهي سانحة ارتقت بنا وسرقتنا من حواشي الماجريات لكي نطالع خبرا بقيمة مهنية عالية.