مقالات

تقييد “واتساب” قرار صائب من حكومة السودان 

لواء شرطة متقاعد د.سليمان مصطفى محمد أبكر:

أعلنت الحكومة السودانية يوم الأحد 20 يوليو 2025م عزمها تقييد خدمة الاتصال الصوتي والمرئي عبر تطبيق التواصل “واتساب” وذلك اعتبارا من يوم الجمعة المقبل الموافق 25 يوليو الجاري، “حفاظا على الأمن الوطني”.
وقال جهاز تنظيم الاتصالات والبريد (حكومي) في بيان إنه “سيتم تقييد خدمة الاتصال الصوتي والمرئي عبر واتساب في السودان، كإجراءات احترازية للمهددات الأمنية حفاظا على الأمن القومي والمصالح العليا للبلاد”. وستظل الاخرى كخدمات التطبيق، مثل الرسائل النصية والمشاركة عبر المجموعات، متاحة كالمعتاد دون أي تقييد”.
في ظل تداعيات هذا القرار ونظرة البعض بأن الأمر فيه تضييق للمواطنيين أود أن اطرح بعض الحقائق التي تبرر صحة القرار خاصة واتساب يستخدم تشفير “طرف إلى طرف” (End-to-End Encryption)، وهذا يشكل تسهيل للمتعاونين مع العدو في ظل الحرب التي تقوده السودان في معركة الكرامة ضد مليشا آل دقلو الاجرامية وهنالك دول أكثر استقراراً من السودان ولكن تطبق ذات القرار وفي نظري تتمثل مبررات القرار في التالي:
 تبرر بعض الدول حظر أو تقييد استخدام تطبيقات مثل واتساب فيما يتعلق بـ المكالمات الصوتية والتسجيلات الصوتية (Voice Calls & Voice Messages)، بعدة دوافع أمنية وتقنية وسيادية. إليك أبرز المبررات التي تستند إليها الدول في هذا السياق:
أولًا: مبررات أمنية
1. صعوبة الرقابة على الاتصالات المشفّرة
واتساب يستخدم تشفير “طرف إلى طرف” (End-to-End Encryption)، مما يجعل من الصعب على الحكومات تتبع أو مراقبة الاتصالات حتى لأغراض الأمن القومي أو مكافحة الإرهاب.
2. استخدام التطبيق من قبل جماعات إرهابية أو إجرامية
الجماعات المسلحة والمنظمات الإجرامية قد تستخدم مكالمات وتسجيلات واتساب للتنسيق وتنفيذ عمليات، مستفيدة من السرية العالية للتطبيق.
3. تهديد الأمن السيبراني
هناك مخاوف من أن بعض التحديثات أو الثغرات في واتساب يمكن أن تُستغل لأغراض التجسس أو زرع برمجيات خبيثة في هواتف المستخدمين.

ثانيًا: مبررات سيادية وتقنية
1. ضعف السيطرة المحلية على البيانات
المكالمات والرسائل تمر عبر خوادم أجنبية (مملوكة لشركة Meta/فيسبوك)، ما يجعل الدولة تفقد السيطرة على بيانات مواطنيها.
2. عدم التزام الشركات بالقوانين المحلية
بعض الدول تشترط على الشركات التقنية تخزين البيانات محليًا أو توفير وسائل للوصول الأمني إليها، وهو ما ترفضه واتساب عادة.
3. غياب التنسيق مع الجهات الرقابية
واتساب لا يوفّر تقارير أو أدوات تساعد الدولة في الاستجابة للحالات الطارئة أو الجرائم الرقمية كما تفعل بعض الشركات المحلية.

‏ثالثاً: مبررات اقتصادية واتصالية
1. تأثير سلبي على شركات الاتصالات الوطنية
المكالمات عبر واتساب تُفقد شركات الاتصالات إيرادات المكالمات الدولية والمحلية، مما يدفع بعض الحكومات لحماية هذه الشركات.
2. التشجيع على استخدام تطبيقات محلية أو مرخّصة
بعض الدول تفضل دعم تطبيقات وطنية توفر ميزات مشابهة ولكن تحت رقابة وتشريع محلي.

أمثلة لدول اتخذت إجراءات مشابهة:
الإمارات والسعودية سابقًا: حظرتا مكالمات واتساب لبعض الوقت، قبل رفع الحظر لاحقًا جزئيًا.
قطر ومصر وباكستان: فرضت قيودًا على المكالمات الصوتية أو تسجيلات الصوت في فترات مختلفة.
الهند والبرازيل: فرضت حظرًا مؤقتًا أو جزئيًا على واتساب بسبب قضايا تتعلق بنشر الشائعات أو الجرائم الرقمية.

إليك جدول تحليلي ا بعنوان:
مبررات الدول لحظر أو تقييد تطبيقات واتساب (المكالمات والتسجيلات)
(وثيقة تحليل سياسات – موجّهة لصنّاع القرار والباحثين)
المجال المبررات الرئيسة التوضيح
1. الأمن القومي

صعوبة مراقبة الاتصالات المشفّرة واتساب يستخدم تشفيرًا قويًا (E2EE) يمنع حتى الشركات والحكومات من الاطلاع على المكالمات أو التسجيلات.
☠️ استخدامه من قبل جماعات إرهابية يُستغل في تنسيق العمليات الإرهابية أو التخريبية بعيدًا عن أعين أجهزة الأمن.
تهديدات سيبرانية محتملة التطبيق قد يحتوي على ثغرات تُستغل في الاختراق أو التجسس.
2. السيادة الرقمية

تخزين البيانات خارج الدولة الرسائل والمكالمات تمر بخوادم أجنبية (مملوكة لشركة Meta)، ما يضعف السيطرة الوطنية على البيانات.
⚖️ غياب الالتزام بالقوانين المحلية فشل الشركات في تلبية مطالب الحكومات مثل مشاركة البيانات أو حذف المحتوى المخالف.
3. الاعتبارات الاقتصادية

خسائر شركات الاتصالات الوطنية المكالمات عبر الإنترنت تقلل من الإيرادات التقليدية (VoIP Loss).
دعم التطبيقات المحلية بعض الحكومات تسعى لدعم تطبيقات محلية تحت رقابة وتشريعات وطنية.
4. الاعتبارات المجتمعية والإعلامية

انتشار الشائعات والتضليل تسجيلات ومكالمات واتساب تُستخدم لنشر أخبار كاذبة أو تحريضية دون رقابة فعالة.
غياب أدوات التحقق التطبيق لا يتيح إمكانيات التحقق من صحة المحتوى أو مراقبة تداول التسجيلات بشكل منهجي.

توصية للسياسات:
• إنشاء إطار قانوني وطني واضح لتنظيم تطبيقات الاتصال الرقمية.
• التفاوض مع الشركات التقنية العالمية على شروط تُحترم فيها السيادة الوطنية والخصوصية.
• دعم التطبيقات الوطنية الآمنة والمنافسة.
• رفع الوعي المجتمعي بالاستخدام الآمن والمسؤول لتطبيقات الاتصال.

خلاصة:
الدول لا تحظر واتساب بشكل عبثي، بل تُبرر ذلك بـ:
• حماية أمنها الوطني.
• السيطرة على تدفق المعلومات والبيانات.
• ضمان احترام القوانين المحلية.
 حماية الاقتصاد المحلي من التطبيقات المجانية العابرة للحدود.

لواء شرطة متقاعد د.سليمان مصطفى محمد أبكر:
دكتوراه في الأمن السيبرانيّ بالذكاء الاصطناعي: مستشار خبير لتكنلوجيا المعلومات والاتصالات
24 يوليو 2025م

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى