مقالات

مصر وأخوان السودان من “خندق التناحر” إلى “مربع التناصر” – 1 –

بقلم/ الهادي محمد الأمين:

خلال فترتي التي انقطعت فيها عن الكتابة والنشر في الفيس حاولت تجميع رؤوس مواضيع عن قضية ظلت تشغل بالي منذ بداية الحرب وابحث لها عن تفاسير أو أجد لها تحليلاً وهي حالة الإنقلاب في شكل علاقة الحكومة المصرية بالإنقاذيين أثناء فترة الحرب وفتح (مصر) أبوابها لهم إذ كانت عصية ومحرمة عليهم ومغلقة في وجوههم بالضبة والمفتاح، وحاولت البحث عن أسباب ودواعي وظروف هذا التحول الذي يحدث لأول مرة في التاريخ وفي حالة نادرة وغير مسبوقة وتشكل مادة سياسية جديدة في المشهد أن تكون هناك علاقة بين الحكومة المصرية و (أخوان السودان) الذين قال لهم (السيسي) اهبطوا (مصراً) فإن لكم ما سألتم، بحاول اتتبع وأتلمس طبيعة هذه العلاقة وكيفية إنتقالها من خندق العداوات والخصومات والإتهامات المتبادلة إلى دائرة ما يشبه الشراكة أو التحالف والتنسيق المشترك والتشبيك رغم أن موقف الحكومة المصرية من (أخوان مصر) لا زال كما هو لا جديد فيه لكن لاحظنا أن هناك مستجدات في علاقة الحكومة المصرية بـ (أخوان السودان) على النحو الذي نراه ونعايشه ونقف عليه شاهدين لدرجة تحول (القاهرة) وإتخاذها كمركز إنطلاقة لحراكهم ونقطة عبور الإنقاذيين إلى (تركيا) و (قطر) فالأمر فيه كثير من المفارقات ربما نراها ونحسبها كتناقضات وعدم إتساق في (السياسة المصرية الخارجية التي احتوت فيها أخوان السودان) و (السياسة الداخلية التي تعادي فيها أخوان مصر) فسياسة الحكومة المصرية تجاه (أخوان الداخل المصريين) تقوم على المحاربة والمكافحة والتنكيل والقهر والمضايقات والصدام من غير رحمة ولا تسامح ولا تسويات ولا صفقات والبطش بهم عبر الأدوات والآليات والمعالجات الأمنية المستخدمة المعروفة كما هو سابقاً في العهود المتعاقبة وحالياً خلال (حكم السيسي) وبحسب الشواهد الراهنة والحيثيات الماثلة ربما مستقبلاً كواحدة من ثوابت الحكومة المصرية تجاه جماعة (الأخوان المسلمين) المصرية التي تعتبر (أخوان مصر) مهدداً أمنياً من الدرجة الأولى فهي سياسة غير قابلة للتغيير أو التعديل أو التبديل وخطورتهم في نظر (مصر) خطورة حقيقية – ليست محتملة أو متوهمة – في ذات الوقت سياسة الحكومة المصرية تجاه (أخوان السودان) بتباين واجهاتهم ومختلف أذرعهم المتناسلة من (الحركة الأم) فيها الكثير من المرونة والتليين وتقديم التسهيلات والإمتيازات والسماح لهم بإتخاذهم لـ (القاهرة) مقراً ومقاماً ونقطة تجميع لهم بل شكل العلاقة قفز ووصل لمراحل متقدمة من التنسيق المشترك وتكامل الأدوار في توجه أشبه بسياسة الإحتواء وربما الترويض وفتح الأبواب المغلقة وجلوس الإنقاذيين في (مصر) على وضع مريح غير مسبوق ، فهل المبررات التي أغلقت فيها (مصر) أبوابها وممراتها ومنافذها في وجه الإنقاذيين في السابق انتفت بالكلية أم أن الأمـر عبارة موازنات إقتضتها ظروف وتعقيدات مرحلية معينة؟ وهل تدفق الإنقاذيين صوب (القاهرة) واللجوء إليها وجعلها كمهبط آمن جاء بشكل مفاجئ أم سبقته ترتيبات وتحضيرات وتفاهمات سرية صحبتها مساومات – لها أثمان وتكاليف وفواتير آجلة السداد – جرت في الخفاء بعيداً عن الأعين ذلك أن السياسة المصرية من خلال جذبها للإنقاذيين ساهمت بقدر كبير في إنعاش وإحياء وإعادة بعث نظام الإنقاذ الذي أدخلته الثورة الشعبية إلى غرفة العناية المكثفة فما المقابل إزاء كل ذلك؟ .
– مبدئياً تعتبِر كل (من مصر، السعودية، الإمارات والبحرين) وأخيراً (الأردن) جماعات (الأخوان المسلمين) كخطر ومهدد أمني من الدرجة الأولى وتصنيفها كجماعات إرهابية وإدراج قيادتها في القوائم السوداء وغير مسموح لها بممارسة اي نشاط أو حراك داخل أراضيها فهي محظورة قانوناً والإنتماء إليها أو إلى شبكاتها ومولاة واجهاتها وأذرعها والتعامل أو التقارب معها يجعلها في موقع الإدانة ويشكل جريمة مكتملة الأركان (أمن الدولة) ومخالفة دستورية تضع صاحبها تحت طائلة القانون لكن الحكومة المصرية اتخذت موقفاً مغايراً أو حركة تحول ونقل العلاقة إلى مربع جديد فالموقف المصري من (أخوان الداخل) لم يطرأ عليه أي تغيير لكن الموقف المصري من (أخوان السودان) حدثت فيه تحولات جديدة بعد الحرب فهل أصبح (أخوان السودان) أداة من أدوات (مصر) الناعمة بحيث توظف وتستخدم هذا الموقف لصالح أجنداتها وسياساتها الخارجية كما هو الحال مع حركة (حماس) و (ملف غزة) أم هناك ظروفاً وعوامل أخرى؟ هل الإنقاذيين المستقرين والمقيمين في (مصر) ورقة رابحة يمكن الرهان عليهم وهل دعم (مصر) للإنقاذيين له ثمن وفاتورة تسدد لاحقاً ؟ وهل له علاقة بالصراع بين (مصر) و (إثيوبيا) و#سد_النهضة ومياه النيل (التعاون المائي) وأطماع (إثيوبيا) وإستماتها في الوصول لـ (ساحل البحر الأحمر) ومحاولة تطويع وإستخدام الإنقاذيين كورقة ضغط في مواجهة إثيوبيا؟ وهل للإنقاذيين أي أدوار في هذه الصراعات وهل الشراكة بين الحكومة المصرية والإنقاذيين – المرئي منها وما خفي – ستستمر بعد نهاية الحرب لو افترضنا أن للحرب نهاية أم هي علاقة طارئة ومؤقتة خلقتها ظروف الحرب وتلاقت فيها مصالح (مصر) مع مصالح الإنقاذيين وهل (مصر) ورثت الإنقاذ ببقلها وقِثائها ؟ هل تشهد هذه العلاقة مزيداً من إحكام التنسيق المشترك في عدد من القضايا والملفات والتطورات بين (مصر) والإنقاذيين أم أن (مصر) تستصحبهم وتستقوي بهم لصالح تحقيق أجنداتها وسياساتها الخارجية مقابل إستضافتهم في (القاهرة) أم قبضت (مصر) الثمين والسمين من غير ثمن وفي خطتها التخلي عنهم في حال تزايدت عليها ضغوط الخارج فتقدمهم كقرابين لتخفيف الضغط عليها ؟ وما مدى حرص مصر في الحفاظ على (أخوان السودان) داخل أراضيها؟ أواصـل بإذن اللـه.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى