رهف الأمين.. تفوق من قلب اللجوء.. احتفلت بها أسوان وسارت بقصة نجاحها الركبان
أهدت تفوقها إلى القوات المسلحة التي تحمي الوطن وتصون وحدته

السفير عدوي: نجاح رهف انتصار للإرادة السودانية التي لا تنكسر
القنصل عبدالله يشيد بالتعاون المصري وتوفير المراكز التعليمية والامتحانية
تقرير/ إسماعيل جبريل تيسو:
احتفلت مدينة أسوان المصرية أمس الإثنين بتفوق الطالبة رهف الأمين الطيب البشير، التي أحرزت المركز الأول على مستوى السودان، في امتحان الشهادة الثانوية السودانية من مركز قنصلية السودان العامة بأسوان و بنسبة 97%، لتصبح أول طالبة تحقق هذا الإنجاز من خارج البلاد، وسط فرحة غامرة عمّت أرجاء حي الرضوان حيث تقطن أسرتها، والذي تقاطرت إليه أعداد كبيرة من أبناء الجالية السودانية، يتقدمهم سفير السودان لدى مصر، والقنصل العام بأسوان، وذلك لمشاركتها الفرح والفخر بهذا النجاح الاستثنائي.

لجوء يتحول إلى إبهار..
لم يكن طريق رهف إلى القمة مفروشاً بالورود، فعقب اندلاع الحرب في السودان في منتصف أبريل 2023م، اضطرت رهف أن تركب الصعاب والمخاطر وتلجأ إلى مصر مع والدتها وإخوتها الصغار، بينما ظل والدها في السودان يواجه أهوال الحرب، وقاست رهف في أسوان ظروفاً قاسية من الغربة وضيق العيش، لكنها لم تستسلم لليأس، بل جعلت من المعاناة دافعاً للمثابرة والاجتهاد، لتجلس للامتحانات من مركز أسوان الذي أنشأته القنصلية السودانية بالتنسيق مع سلطات المحافظة، وتحقق رغم كل التحديات تفوقاً أبهر الجميع.

اهتمام دبلوماسي..
في مشهد مؤثر يعكس عمق التواصل الإنساني، سارع سفير السودان بالقاهرة الفريق أول ركن عماد الدين عدوي، برفقة القنصل العام بأسوان وجنوب الصعيد السفير عبد القادر عبد الله، سارعا إلى منزل أسرة الطالبة رهف في حي الرضوان، لمشاركتها وأسرتها فرحة النجاح، وقد جاءت هذه الخطوة تعبيراً عن اهتمام السفارة والقنصلية بتكريم التفوق الأكاديمي، ورسالة رمزية داعمة لأبناء الجالية السودانية في مصر، خاصة اللاجئين منهم، بضرورة التمسك بالأمل رغم قسوة الظروف، ويرى مراقبون أن تبنّي السفارة لمثل هذه النماذج من شأنه أن يعزز روح المثابرة بين الطلاب السودانيين المقيمين في الخارج، ويجعل من قصة رهف قدوة للأجيال القادمة، باعتبارها أول طالبة تحرز المرتبة الأولى من مركز خارج السودان.

إشادة وإلهام للمستقبل..
في الاحتفال الذي نظمته القنصلية السودانية بأسوان، عبّر السفير عدوي عن فخره بهذا النجاح الذي تحققه فتاة سودانية لاجئة، واصفاً إياه بأنه “انتصار للإرادة السودانية التي لا تنكسر”، فيما أشاد القنصل العام عبد القادر عبد الله بتعاون السلطات المصرية التي وفرت المراكز التعليمية والامتحانية لأبناء الجالية، مؤكداً أن هذا النجاح ثمرة تكامل الجهود السودانية والمصرية لخدمة التعليم، وكان الدكتور عبد العظيم عوض، الخبير الإذاعي والملحق الإعلامي الأسبق بسفارة السودان بالقاهرة، قد ثمن تجربة رهف بوصفها قصة أمل في وجه الحرب والشتات، داعياً إلى تسليط الضوء على النماذج المضيئة التي تزرع الفخر في نفوس السودانيين داخل الوطن وخارجه، وأهدت الطالبة رهف تفوقها إلى أسرتها، والشعب السوداني، والقوات المسلحة السودانية التي تحمي الوطن وتصون وحدته، وأعربت عن سعادتها الغامرة بهذا النجاح الذي تحقق بعد مكابدة ومعاناة شديدة، ليؤكد هذا التفوق الذي حققته رهف أن الطموح لا تحده الجغرافيا ولا تكسره الحروب، وأن الإرادة الصلبة قادرة على تحويل الألم إلى منجز علمي وإنساني، فنجاحها في ظل النزوح والمعاناة يذكّر بأن التعليم يظل بوابة النجاة الوحيدة لشعب يعاني من ويلات الحرب، وأن الاستثمار في العقول الشابة هو السبيل الأصدق لبناء مستقبل السودان.
خاتمة مهمة..
على كلٍ فمن بين ركام الحرب وأحلام اللجوء، برزت رهف الأمين الطيب البشير كزهرة أمل سودانية نمت في أرض مصرية، لتؤكد أن السودانيين مهما ضاقت بهم السبل، يظلون أوفياء للحلم والعلم والوطن، فقصة رهف أكبر من تفوق أكاديمي، هي رسالة صمود وجسر محبة بين الشعبين السوداني والمصري، تُضيء الطريق لجيل جديد من أبناء السودان في الداخل الصابر، وفي بلاد المهاجر.


