تاريخ السناب.. مع ناظر الشكرية في عزاء الشيخ إبراهيم أبوسن

أبوبكر محمود:
أسماء في حياتنا هذا البرنامج التوثيقي الذي رسم معالم تاريخية لشخصيات وطنية يعد من أعظم البرامج التي عرضت علي الاطلاق على الشاشة البلورية السودانية والعربية.
الإعلامي المبدع وايقونة التوثيق في السودان عمر الجزلي مثل رمانة هذا البرنامج جامعا فيه سلسلة من أطياف المجتمع والسياسة في هذا البلد العظيم
وجدت نفسي احتاج إلى رجل مثل الجزلي وعقبريته وأنا أجلس داخل حوش السناب في رفاعة في معية ناظر عموم الشكرية الناظر علي محمد احمد أبوسن.
مازالت وفود المعزيين تتسابق لأداء واجب العزاء في فقد البلاد الجلل شيخ العرب وشيخ الخط الأول الشيخ إبراهيم أحمد إبراهيم عبدالإله أبوسن وذلك بعد وصوله نجله محمد المصطفى من دولة قطر التي يعمل بها مهندسا للشبكات.
صالون الفقيد الذي اكتملت صيانته قبل وفاته التي تنبأ بها تم تجديد طلاء الجدران والأثاثات وقبلها كان ركاما بعد أن اضرمت فيه المليشيا النيران.
رفاعة مدينة عبارة عن خزينة لأسرار تاريخية تستوجب التنقيب فيها وتوثيق تاريخها لأنها مستودع للشخصيات السودانية كيف لا وأن شرارة التعليم بدأت من هناك.
جلسنا مع الناظر علي أبوسن في حوار لم يكتمل لتوافد الضيوف بكثافة صوب الصالون ولكن للحديث بقية..
ستجد هناك تشابكا عجيبا وارتباطا لعلاقة اللحم والدم بين أسرة الناظر أبوسن وآل البنا
تلك العائلة الفنية والشاعرة والمتعددة المواهب أمثال الفرجوني والأمين وعاصم لا أريد أن أججف في حق واحد منهم إن خانتني الذاكرة لأن أمر التوثيق كما ذكرت يحتاج إلى أيقونة متمكنة مثل عمر الجزلي.
وعند جلوسي مع ناظر عموم الشكرية دخل علينا رجل فارع الطول تبدو عليه ملامح الحزن على فقد شيخ العرب وعيناه ترقرق من الدمع، بعد أن تناول الضيف ومن رافقوه سارع نجل الراحل بتعريفي بالضيف والذي حفظ نسبة القرابة بين أسرة أبوسن وآل البنا وهو اللواء ركن م سيف الدين عبد الله البنا، وهو يشغل منصب المسؤول عن الملاحة النهرية بالسودان وتحدث أيضا كعميد وممثلا لأسرة البنا.
اللواء سيف يتمتع بطيبة لافتة للنظر وتهذيب وهدوء وترتيب في إيصال المعلومات
يقول سعادة اللواء إن شيخ العرب كان مثالا للإنسانية النادرة وشعلة ونحلة في مجال العمل العام، وأن آخر عمل جمعه بالراحل أثناء الحرب، أن شيخ العرب كان رئيسا للجنة الاستنفار بأم القرى بالبطانة بينما كان هو مقررا لذات اللجنة وأنه عاصر الفقيد لسنوات طويلة
وهنا كانت المفاجئة التي فجرها سيف الدين عن صلة القرابة بين آل أبوسن وآل البنا
يقول إن والدة الراحل هي فاطمة علي البنا واللواء علي البنا كان أحد أبطال ثورة ١٩٢٤م
بمعية علي عبد اللطيف وعبدالفضيل الماظ وحكم عليه بالإعدام.
هنا الجمتني الدهشة ويواصل سعادة اللواء قائلا أزيدك من الشعر بيت: إن والد ابراهيم شيخ الخط الاول والدته زينب محمد عمر البنا وكان يلقب بشاعر المهدية لكنه ظلم وكان من أبرز أمراء المهدية وهو صاحب القصيدة الشهيرة
الحرب صبر واللقاء ثبات والتي كتبت في تحرير الخرطوم
أما صلة القرابة من الناحية الثالثة فإن جد الراحل شيخ العرب والمسمي عليه والدته ابنة عمر البنا
هنا تدخل أحد الحضور وأكمل الحديث بمداخلة قال فيها إن الفنان عاصم البنا امتحن الشهادة السودانية وكان مقيما بديوان الشيخ أحمد إبراهيم عبدالإله أبوسن.
في ديار السناب تحول عزاء الراحل ابراهيم عبد الإله إلي منبر قومي لتلاقي مختلف أطياف وقبائل الشعب السوداني رغما عن انتهاء مراسم العزاء وطي سرادقه.

أما نجل شيخ العرب الذي قدم من دوحة العرب المهندس محمد المصطفى الذي بدت عليه علامات الحزن الشديد لفقد الوالد، فيقول إن مكانة والده كانت مقدسة بالنسبة له لاتحتمل المساس بها، وبدا محمد فخورا بتاريخ والده الراحل والذي كان له قصب السبق في تشجيعهم وإخوته للانخراط في العمل العام وكان لهم نعم السند والعضد وأمانهم وظهرهم الذي يحميهم يخدم كل الناس بلا تميز وهو حافي القدمين
وهنا يزيح محمد المصطفى الستار عن ماحدث بين الراحل والمتمرد حميدتي مع بداية الثورة حينما رفض ومعه أحد قيادات الإدارة الأهلية الهدايا المقدمة من حميدتي متمثلة في سيارات فارهة حينما شعروا أن لحميدتي اجندة أخرى وليست أجندة وطنية مما حداه إلى توحيد كل الإدارات الأهلية بوسط السودان في مؤتمر دعا إليه بنفسه وبالفعل كان صاحب بصيرة حادة وساهم في حلحلة كثير من المشاكل والقضايا وإصلاح ذات البين وحل قضايا الرقاب.
غادرت صالون آل أبوسن وفي جعبتي معلومات وذخيرة جديدة ولكن ليت أجهزة الإعلام تهتم بتوثيق تاريخ البلد التي تعاني الآن من الحرب وأطماع دول البغي والشر وسنظل أسماء في حياتنا نموذجًا لأفضل البرامج التوثيقية على مدار التاريخ لشخصيات فذة فيها من قضى نحبه وفيهم من ينتظر.
حفظ الله السودان ونصر قواته المسلحة ونصر وفتح من الله قريب.



