مقالات

هل تستدرك قمة القاهرة الإقليمية ما فات اجتماع اليوم الواحد الدولي بأديس أبابا؟

بقلم/ عبدالله رزق أبو سيمازة:

بينما تفقد البلاد عائلة واحدة ،على الأقل ،بنيران القصف ،وتتشرد أخرى،يوميا،بحثا عن الأمان، بعيدا ،عن البيوت ،التي كانت موئلا للطمأنينة،فإن أقل ما يحتاجه السودان، المنكوب بالحرب العبثية اللعينة، هو وقف الحرب. بل هو ،بالحد الأدنى، وقف إطلاق نار مستدام ومراقب. لعل مجزرة الأحد ،التي أدانها السكرتير العام للأمم المتحدة، بعد مجزرة السبت، كانت كافية لأن يصطف الحشد الدولي، الذي استضافته اديس أبابا، بالإثنين إلى جانب إرادة شعب السودان، برفض الحرب، فعلا، لا قولا، حسب.
لو أن الحشد لم يبدأ أعماله من الصفر، وإنما من حيث انتهت مفاوضات منبر جدة، لشرع في تقييم تنفيذ إعلان جدة الإنساني، الذي وقع عليه طرفا الحرب، واتخذ ما يمليه الموقف من إجراءات تجاه منتهكي الاتفاق، ولاستدرك، على نحو فوري، حاجة الإعلان لآليات تنفيذ ومراقبة فعالتين، لإنزال هدف حماية المدنيين وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب، من فضاء الشعارات إلى أرض الواقع.
ويبدو أن المجتمع الدولي، الذي حل ضيفا بالعاصمة الإثيوبية، والذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، يفضل ابقاء النزاع على مستوى منخفض، على شاكلة النزاعات المبيتة في سوريا وفي ليبيا، وربما اليمن، أيضا، بديلا عن تسويتها بشكل نهائي.
ويقع غير قليل من اللوم على واشنطن،خاصة، وهي تستنكف، حتى الآن، عن فرض عقوبات على طرفي الحرب، لفشلهما في إيقافها، وعرقلتهما لمساعي السلام.
منذ الآن، وعلى خلفية فشل اجتماع اليوم الواحد في العاصمة الإثيوبية، تتجه القلوب الأبصار، نحو العاصمة المصرية، لمؤتمر القمة الإقليمي، الذي تستضيفه، بعد غد الخميس، بمشاركة جيران السودان، عدا السعودية، وعدا الجامعة العربية، التي تخلفت عن حضور اجتماع اديس ابابا، مثلما تخلفت من قبل، من كل جهد لمعالجة المسألة السودانية، منذ 25 اكتوبر 2022.( لأن الجامعة ماتت وشبعت موتا، منذ عقدين من الزمان ،ولم يبق غير أن تأكل دابة الأرض منسأتها.).هذا الغياب هو مايجعل من مؤتمر القاهرة اجتماعا إفريقيا بامتياز، مشابها لاجتماع اديس ابابا في المكونات، ومخالفا ومغايرا له في الاتجاه. ربما كانت تلك المخالفة والمغايرة في الاتجاه والتوجهات، وراء عدم حضور مصر اجتماع اديس الوزاري، بمستوى أعلى من السفير.
تشترك أغلب بلدان الجوار السوداني، المدعوة للمشاركة في قمة القاهرة، في أنها مأزومة أو خرجت لتوها من الأزمة، مما يضعف مساهمتها في حل المشكل السوداني.
ومن جهتها، ظلت مصر بعيدة عن الرباعية، بقيادة أمريكا، التي سعت لاحتكار التعاطي مع الأزمة في السودان منذ تبلورها اثر انقلاب 25 اكتوبر 2022، لكنها ظلت ،لحسابات تخصها،تعمل بشكل مستقل، للتأثير على تطورات الوضع في البلاد، حيث تتمتع بعلاقات واسعة مع العديد من الفاعلين في الساحة السياسية. وينتظر من قمة القاهرة أن تحقق ماعجز اجتماع اديس أن يحققه، وهو ماعبر عنه رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، وهو يدعو مجتمعا دوليا، غير ذلك الذي تستضيفه عاصمة بلاده ” إلى اتخاذ إجراءات فورية بفرض حظر الطيران، ونزع المدفعية الثقيلة في السودان، ووقف إطلاق نار غير مشروط وغير محدود، واستئناف الحوار السياسي، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية.” ومع ذلك، فقد قصرت الإيغاد عن تحقيق أي توافق بشأن وقف الحرب، بسبب مقاطعة وفد القوات المسلحة للاجتماع. وينتظر من قمة القاهرة، أن تقنع الجيش، الذي يظهر -حتى الآن – بمظهر الطرف المتعنت، بالقبول بوقف إطلاق نار مستدام، أولا،ومن ثم القبول بالتفاوض المباشر مع الدعم السريع ،لتسوية النزاع حول القضايا التي تم التواضع عليها بعنوان “الإصلاح الأمني والعسكري”، ثانيا، وتسليم الحكم للمدنيين، ضمن إجراءات تؤمن خروج العسكر، كافة، من السياسة والاقتصاد ثالثا.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق