محمد وداعة:
سكوت مجموعة الاتفاق الاطارى على انتهاكات و جرائم القوات المتمردة غير مفهوم
أكثر المتفائلين لم يتوقع تدافع آلاف الشباب للانخراط طوعآ فى معسكرات التدريب
الموقف الوطنى الصحيح من الحرب سيحدد ملامح الاصطفاف السياسي فى المرحلة القادمة
على القوى السياسية الاستفادة من اخطائها ومغادرة محطة الأوهام و الاستعانة بالأجنبي والعودة لحظيرة الوطن
الشعب السوداني لا يرى أي وجود للقوات المتمردة و قادتها من اسرة آل دقلو فى مستقبل السودان
المعادلة السياسية وتوازن القوى الجديد يرجح بقاء الجيش خارج الثكنات لفترة طويلة
خسائر فادحها سببها انقلاب حميدتى على الجيش ، و إصراره على حرب شاملة زج فيها بكل الموارد المتاحة ، مائة الف أو يزيدون من المقاتلين ، آلاف العربات المقاتلة والمدرعات والمليارات من الدولارات بالإضافة إلى الإمدادات الضخمة التى وصلت عبر الحدود بعد اندلاع المعارك ، دعم سياسى خارجى و داخلى تمثل فى وقوف فولكر والرباعية والقوى الموقعة على الاتفاق الإطاري، بالإضافة إلى تحول وجهة بعض الدول إلى اتخاذ مواقف مدفوعة الأجر لصالح القوات المتمردة من دول الايقاد و الاتحاد الافريقى، هذه الدول منها من استلم أموالا طائلة ، بعضها موعود من حميدتى بحصة من موارد وأرض السودان ، و منها من يرى فى استمرار هذه الحرب انهاكا للجيش السودانى وتقزيم دوره و تفكيكه في نهاية الأمر.
خسائر فادحة فى الأرواح والممتلكات، نزوح و تهجير قسرى وتطهير عرقي وإبادة جماعية، سرقة ونهب للمواطنين، احتلال بيوتهم واغتصاب للنساء وإذلال للرجال، اعتقال آلاف المدنيين وتعذيبهم ، آثار نفسية واجتماعية مدمرة بسبب الانتهاكات والجرائم التى ارتكبتها القوات المتمردة، تلفت الشعب فلم يجد قوى الإطاري بجانبه.
مع الاسف القوى السياسية الموقعة على الإطاري خسرت الشعب السوداني ، هذه القوى لم تخف وقوفها وتعاطفها مع المتمردين، ولم تستطع إدانة الانتهاكات الجسيمة والجرائم التي ارتكبتها قوات حميدتي في أي منطقة تواجدت فيها بما في ذلك العدوان على ممتلكات و مقرات هذه القوى نفسها وهو أمر غير مفهوم ، وهذا الموقف تسبب فى اختلافات وانشقاقات داخل هذه القوى مما ينذر بانقسامات حادة فى صفوفها قريبا.
بعض القيادات تسببت فى قطيعة ليس بينها وبين عامة الشعب فحسب، بل وصل الأمر إلى قواعدها، فبينما تم توثيق وجود بعض كوادر هذه القوى في صفوف المتمردين، شاركت الأغلبية منهم في دعم الجيش عبر الانخراط في معسكرات التدريب، أو بتقديم المعلومات عن تحركات المتمردين وأماكن تمركزاتهم.
المزاج العام السودانى بكلياته ضد القوات المتمردة، لا يوجد شخص لم يتضرر مباشرة أو بطريقة غير مباشرة من جرائم المتمردين مما أوجد قطيعة كاملة بينها وبين الشعب السوداني.
هذه المعركة أظهرت جهلا فاضحا فى تفكير بعض القيادات السياسية، فانحازت ضد المنطق والتاريخ، وهى بلا شك لا تفقه و لا تفهم أسس الصراع السياسي والاجتماعي في السودان، ولا كيفية إدارة هذا الصراع سلميا لمصلحة التنوع والتعايش السلمي بين الفئات المختلفة، وهو أمر لا يتأتى إلا عبر مؤتمر دستوري بمشاركة كل السودانيين للاتفاق على إعادة بناء وهيكلة الدولة السودانية.
قطعا لا ديمقراطية بلا أحزاب، ولا يمكن المضى قدما فى التحول الديمقراطي بدون قوى سياسية و منظمات مجتمعي.
المؤسف أن هذه القوى السياسية تكبدت خسائر فادحة وجفوة فى علاقتها بالشعب السوداني.
المراقب لمواقع التواصل الاجتماعى يلاحظ أن عدم التعاطف مع هذه القوى تحول إلى عداء، ووصل حد التخوين ، فى وقت يتقدم الجيش ، ليس فى المعركة فحسب ، بل وجد دعم سياسى و التفاف جماهيرى غير مسبوق.
أكثر المتفائلين لم يتوقع تدافع آلاف الشباب للانخراط طوعآ فى معسكرات التدريب ، الخارطة السياسية تتغير ، الشارع يتغير، ما كان سائدا قبل الحرب لا وجود له فى المستقبل، المعادلة السياسية و توازن القوى الجديد يرجح بقاء الجيش خارج الثكنات لفترة طويلة.
الجيش رغم الخسائر و التضحيات سيزداد قوة بعد إنهاء الحرب ، القوات المتمردة تتجرع هزيمة قاسية الجيش المنتصر يمتلك شرعية الانتصار والتفويض الشعبى ، الآلاف الذين قاتلوا مع الجيش لن يذهبوا في إجازة بعد انتهاء القتال ، الموقف الوطنى الصحيح من الحرب سيحدد ملامح الاصطفاف السياسي فى المرحلة القادمة ، تعامل القوى السياسية يجب أن يستصحب هذه المتغيرات.
على القوى السياسية الاستفادة من أخطائها ومغادرة محطة الأوهام والاستعانة بالأجنبي، و العودة لحظيرة الوطن، وان تجد طريقة للتصالح مع النفس و الشعب ، هذا يتطلب نقدا ذاتيا و اعتذارا علنيا.
هذه القوى السياسية مطالبة بإدانة جرائم وانتهاكات القوات المتمردة ، كما عليها ان تدرك ان الشعب السودانى لا يرى أي وجود لهذه القوات و قادتها من اسرة آل دقلو فى مستقبل السودان ، القوى السياسية الموقعة على الاطارى تخسر يوميآ من قواعدها ومن التعاطف الشعبى جراء موقفها السالب مما يتعرض له الشعب من عدوان المليشيا المتمردة، هل تستطيع هذه القوى أن (تزعم) أنها تمثل الشعب؟ إذهبوا إلى حلفا وبوتسودان ومراكز الإيواء فى الجزيرة ونهر النيل و الشمالية ، سترون و تسمعون ما لا يسركم. أيها القوم أدركوا أنفسكم انكم تخسرون.
15 يوليو 2023م