مقالات
سيدخل الجنجويد حتي وادي حلفا
د.معاوية عبيد:
بدأت الحرب في الخرطوم و هي من قبل قد بدأت في عدة مواقع وكان متوقع سيناريو أصعب من هذا الذي حدث ، أن يذبح كل قاطني الخرطوم في الشوارع و لكن لطف الله بعباده انتقل أهالي الخرطوم الي خانة النزوح سواء داخل البلاد أو خارجها . عقيدة الاسلام و كرم اهل السودان وعاداتهم الإجتماعية السمحة خففت من وقع هذه الحرب علي نفوس النازحين ، واستقبل سكان الولايات اهليهم وبني جلدتهم وتقاسموا معهم المأكل و المسكن ، هذا التسامح و الترابط زاد غضب المرتزقة و الخونة و العملاء الذين ظنوا انهم في ساعات سيقضون علي الأخضر و اليابس و يستلموا البلاد و لكن طاش سهمهم وزاد حنقهم علي اهل السودان بعد ان وحدتهم هذه الضربة ، و اقسموا علي نقل الحرب الي الولايات الاخري خاصة الشمالية و نهر النيل وذلك لحقدهم علي سكان هذه المناطق .
تضافرت عدة عوامل في حرب الخرطوم اولها كانت الخيانة و العملاء و آخرها كان التهاون و اللامبالاة عند الشعب السوداني ، وعدم الضرب بيد من حديد .
في غزوة الاحزاب كان الحكم القاسي الذي اصدره الصحابي الجليل سعد بن معاذ الذي حكمه النبي الكريم في شأن يهود بني قريظة بأن يقتل رجالهم وتسبي اموالهم واولادهم وتوزع اموالهم علي المسلمين.. واقره النبي علي ذلك بقوله ” لقد حكمت بحكم الله” يوضح لنا مدي خطورة نكث العهد والميثاق ممن يقيم بينك.. اذا كانت هذه الغزوة قد كشفت يهود بني قريظة وحقدهم على المسلمين وتربص الدوائر بهم ، فكما نقض بنو قريظة عهدهم مع الرسول محمد صل الله عليه وسلم في أحلك الظروف وأصعبها وكشفوا ظهر بيوت المسلمين كذلك نقض هؤلاء المرتزقة في السودان العهود وانتهكوا العروض وسرقوا البيوت واستحلوا الاموال وقتلوا و شردوا المواطنين في عملية لم تحدث في تاريخ البشرية .
لكن أصعب من كل هذا كانت الخيانة من الداخل ومن الجيران الذين أكلوا مع الناس الملح والملاح و يصلون معهم في المساجد ، فكانت خيانة الجيران علي جيرانهم أشد اثرا واكثر ضررا .
ويأتي الضرر الاكبر و الحقد والجريمة النكراء التي كان ينظم و يرتب لها منذ عقود مجموعات ( ٩ ) طويلة وسكان العشوائيات الذين صنعوا طوقا وقنبلة موقوتة حول العاصمة بحجة اهل الهامش و الفقراء وكانوا كل يوما في ازدياد ، و اهملت هذه القنبلة لسنوات حتي جاء وقت انفجارها و الفيديوهات و اسواق دقلو و ثقت الحقد الذي يعشش في نفوس هؤلاء .
وتاتي المصيبة الاكبر من كل ذلك و التي يقودها النخبة من أبناء جلدتنا وهي المعارضة و للأسف لا توجد دولة في العالم بها معارضة مثل المعارضة السودانية ، ونحن منذ نعومة اظافرنا نسمع بالمعارضة و المعارضين ولكن لم نجد أحد قلبه علي السودان وعلي اهله ، وهنالك حادثة مشهورة لاحد جنود هتلر الذي تمرد عليه وقال قولته المشهورة : أنا ضد هتلر و لن اكون يوما ضد المانيا و من يفعل ذلك هم الانذال ، لكن للأسف الخونة من بني جلدتنا الواحد مستعد يبيع امه مش الوطن ، من اجل ان يخدم أجندة اسياده من دول الشر و البغي و من أجل راحة نفسه
وتاتي رابعة الاثافي أن الشعب السوداني هو العدو اللدود لبعضه البعض كالاسماك في الماء ، انتشر في اوساطنا الحقد ، الحسد ، الفساد بكل ضروبه، اللامبالاة، عدم الوطنية ، الغش ، الكذب ، النفاق كل الصفات الذميمة ظهرت علي السطح في الآونة الأخيرة مما وسعت الشقاق وسوء الأخلاق ودخلت البلد في أضيق زقاق .
كل هذه المصائب وقعت في رأس المواطن السوداني و ما شهدناه في الخرطوم في السنوات الأخيرة بصورة كبيرة نشاهده اليوم في الجزيرة و الشمالية و نهر النيل و العديد من المدن الآمنة بصورة اكبر و اسرع فالعشوائيات و غيرها دخلت بمجموعة من الزرائع ، وما عصابات المخدرات الاجنبيه بشندى ببعيد ، و الشعب في نوم عميق ، فإن لم نعي الدرس و نتوحد و نتدارك الأمر و تضع الحكومات هذه الحرب فرصة لتقوية دفاعاتها الامنية و الشرطية و العسكرية وتفكيك كل بؤر الفساد و تضربها بيد من حديد سيدخل الجنجويد حتي وادي حلفا و سيحدث ما لا يحمد عقباه ولات حين مندم.