أخبار وتقارير
مجرد “نازحين”
بقلم/ منتصر محمد زكي:
في سوق الحي صاحت إحداهن : فلانة البكا الجنبكم دا حق منو؟
أجابتها بكل بساطة: ها دا بكا نازحين!! ..
المفردة الأكثر استهلاكا في الولايات .. إحدى إفرازات الحرب اللعينة .. تستخدم للسخرية أو للتقليل من شأن الموصوف بها .. في مدينة عطبرة إمبراطورية السكة الحديد التي غابت شمسها ولم يغب تاريخها الباذخ نلت نصيبي من المفردة غير المحببة رغم أنني من مواليد المدينة العمالية ذائعة الصيت كما ناله معظم القادمين من الخرطوم الصامدة .. بل سمعناها من بعض الأقارب على سبيل الدعابة غير مكترثين لأثرها النفسي.
والأدهى والأمر إن بعض من يطلقونها لم تتجاوز إقامتهم بعطبرة العشر سنوات !! لا يعلمون ان بعض من وصفوهم ب(النازحين) هم من مؤسسي المدينة العريقة وأعلامها أجبرتهم الظروف على مغادرتها في زمن ما لم تغب عن ذاكرتهم ولم يتنكروا لها حمولها معهم في دواخلهم أينما حطوا رحالهم وعندما إندلعت الحرب اللعينة عادوا إلى حضنها دون سواها من المدن رغم تعدد الخيارات فعلاقتهم بهذا الجزء من الوطن هو علاقة الأبناء بأمهم .. تنافس أصحاب العقارات في الجشع والاستغلال لبيوت لاتستحق نصف مايطلبونه من مبالغ في تصرف لايشبهنا ولايشبه المدينة التي عرفت بالتسامح والمحبة وإحتواء الوافدين.
قريبا ستصمت أصوات البنادق وتتوقف الحرب بإذن الله ويعود الجميع إلى بيوتهم وينسون مررات الحرب وجراحاتها إلا كلمة (نازحين) ستظل هي الأكثر قبحا والأقل تسامحا وإن خالطها بعض المزاح .