مقالات
يوناميد.. يونتامس (2)
محمد وداعة:
يوناميد وخلال بقائها فى السودان و لمدة عشر سنوات لم يسجل لها أي دور فى حماية المدنيين فضلا عن حماية نفسها
غوتيريش: الظروف ليست ملائمة لنشر قوة تابعة للأمم المتحدة في السودان
مجموعة سويسرا يستبعد أن تتبنى موضوع التدخل لوجود مصر فيها
إنشاء تحالف دولى يتبنى التدخل فى السودان دون تفويض من مجلس الامن اصبح معدوما
الخيار الوحيد المتاح حاليا هو تنفيذ اتفاق جدة فيما يتعلق بالشؤون الإنسانية ووقف الحرب
يوناميد ويونتامس تداولتا مليارات الدولارات فى السوق الأسود
فى الفترة من 2008م الى 2017م تعرضت قوات يوناميد إلى 17 هجوما على معسكراتها و 16 هجوما على الأطواف والمتحركات ، وقتل جراء ذلك (236) من الجنود والضباط و الموظفين ، و كانت تجربة فاشلة بامتياز رغم الخسائر والتضحيات التي قدمتها.
وبطلب من الخرطوم تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع القرار رقم 2559 بإنهاء مهمة قوات (يوناميد)، و في غضون 6 أشهر غادر 16 ألف جندي نشروا منذ 2007م، تحت تفويض البند السابع الذي يجيز استخدام القوة ، وخلال هذه الفترة التى قضتها يوناميد لم يسجل لها أي أنجاز فى حماية المدنيين فضلا عن حماية نفسها. وتتحدث تقارير أن آخر ميزانية سنوية لليوناميد قد بلغت 9 مليار دولار ، و يقدر خبراء أن الميزانيات الرسمية مجتمعة قد تجاوزت 50 مليار دولار ، تم تحويلها بسعر السوق الأسود و بمشاركة أحد البنوك الكبيرة، ربما كانت كافية لتحويل مناطق النزاع فى دارفور الى دوحة من السلام والتنمية.
وفي 2023م، أصدر مجلس الأمن القرار رقم 2175 بإنهاء تفويض يونتامس ، وكان السيد فولكر رئيس البعثة قد قدم استقالته قبل ثلاثة أشهر من صدور القرار ، بعد أن اعلنته حكومة السودان شخصا غير مرغوب فيه و طالبت باستبداله، ومن ثم انهاء تفويض يونيتامس.
بدأت البعثة الأممية المتكاملة بميزانية 35 مليون دولار ، و اعتمدت 45 مليون دولار للسنة الثانية بزيادة عشرة مليون دولار تم تخصيصها لإقامة الورش و دعم دستور المحامين والاتفاق الإطاري، مع توفر معلومات أن هذه الاموال كان يتم تحويلها بسعر السوق الأسود مع أنها تقع تحت رقابة البنك المركزي.
بنهاية التفويض، عين الأمين العام للأمم المتحدة فى نوفمبر 2023م الجزائري رمطان العمامرة مبعوثا وممثلا له فى السودان ، ويلاحظ أن السيد العمامرة وخلال عام مضى على تعيينه زار السودان مرة واحدة و لم يشاهد إلا نادرا فى المحافل المتعددة التي كلفت نفسها الإعتناء بالشأن السوداني، وبينما تم تعيين الناشط الحقوقى البريطاني إيان مارتن لقيادة عملية المراجعة الاستراتيجية لبعثة يونيتامس، إلا أن المستر إيان لم يظهر هو الآخر في أي مناسبة أو يعلن عن تقديمه أي تقرير أو تنوير أو تصريح.
و تم إسدال الستار على يونيتامس بعد أن دخلت بلادنا الحرب بسبب تدخلاتها وخطل سياساتها و محاولات السيد فولكر أن يكون حاكما عاما على السودان.
أطلقت تقدم ومن شايعها فى الأسابيع الماضية حملة مطالبات للتدخل الدولى بذريعة حماية المدنيين، وسعت للحصول على قرار دولي باعتماد سيناريو سياسي (خلطة) يجمع ما بين أهداف يوناميد ويونيتامس تحت تفويض البند السابع ، وهي تعلم أن هذه الطلبات مجرد أضغاث أحلام فى مردودها المتوقع، ولا يوجد فى التاريخ تدخل دولي تحت مظلة الأمم المتحدة بقوات مراقبة مدنية أو عسكرية تم دون موافقة الدولة المعنية.
اتخذت عدة جهات دولية تقرير مجلس حقوق الإنسان مطية لتقديم تقارير متزامنة تعكس حجم الانتهاكات و الجرائم التي ارتكبتها مليشيا الدعم السريع فى الجزيرة ، وأهمها ملحق تقرير لجنة حقوق الإنسان، بطلب توفير قوات (مستقلة) لحماية المدنيين فى السودان.
أصيبت هذه الجهات بخيبة أمل كبيرة بعد تأكيد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن الظروف ليست ملائمة لنشر قوة تابعة للأمم المتحدة في السودان ، متجاهلا توصية بعثة تقصي الحقائق التابعة لمجلس حقوق الإنسان بنشر قوة دولية في البلاد ، مؤكدا على أهمية تنفيذ اتفاق جدة، وبهذا فإن المناقشات وإن تضمنت موضوع التدخل إلا أن الأمين العام أغلق الباب أمام أي قرار يقضي بنشر قوات تابعة للأمم المتحدة أو بتفويض منها، كما أن مجموعة سويسرا يستبعد أن تتبنى هذا الأمر لوجود مصر فيها وتأكيداتها لموقفها الثابت والمعلن تجاه وحدة السودان والحفاظ على مؤسسات الدولة ورفضها للتدخل الأجنبي، وبالتالي فإن فكرة إنشاء تحالف دولي يتبنى التدخل في السودان بتفويض من مجلس الأمن أصبحت معدومة ط، و عليه فأن الخيار الوحيد المتاح حاليآ هو اتفاق جدة فيما يتعلق بالشؤون الإنسانية ووقف الحرب، ومحاولات مصر والاتحاد الأفريقي لإيجاد مسار للعملية السياسية برعاية وتسهيل حوار سوداني – سوداني ، ومن نافلة القول أن هذه الخيارات تكون عدمية من دون موافقة الحكومة السودانية.
1نوفمبر 2024م