مقالات

لله دركم…!

علي عسكوري:

قد تنادينا خفافا
كخيول الريح في جوف العتامير
تنادينا
لك يا أرض البطولات
وميراث الحضارات
تنادينا

تنادوا من كل فج عميق في المملكة المتحدة ومن اوروبا، جاؤوا خفافا يلوون علي شىء واحد: تلقين رئيس تقدم وحواريه درسا سيظل باقيا في التاريخ تشاهده الاجيال جيلا بعد جيل..!

اعرف تشاتم هاوس والطرقات حولها، ملوؤها حتى فاضت، هزت هتافاتهم القوية ميدان “القديس جيمس” كأسود تزأر في غابة حكومتهم التى استشغت بصمتها القاتل عن جرائم مليشيا لا وازع لها. دون شك، سيتردد صدى تلك الهتافات في جدران سكن رئيس الوزراء والبرلمان ووزارة الخارجية و جميعها على مقربة من موقع المظاهرة.

يستمد اولئك المتظاهرون قوتهم بأن غالبيتهم ان لم يكن كلهم مواطنون بريطانيون يهتفون ضد مؤسسة تمولها الحكومة اتخذت موقفا خاطئا بدعمها السافر لمليشيا ارهابية وتسترها على جرائمها التى ترتكبها في وطنهم الام، بدعوتها للقائد السياسي للمليشيا.

لا شك أن تشاتم هاوس وضع نفسه في عين العاصفة بدعوتة لشخص له مواثيق موقعة مع مليشيا ارهابية متهمة بارتكاب جرائم ابادة شهد عليها العالم. وقد اثبتت تلك المواثيق ان رئيس تقدم هو القائد السياسي للمليشيا التى تأتمر بأمره سياسيا وعسكريا.
دون شك فأن اى تظاهرة بذلك العدد وتلك القوة تستوقف اجهزة حكومية كثيرة خاصة وان محاضرات تشاتم هاوس عادة يحضرها نواب في البرلمان وصحفيين و دبلوماسيين و خبراء من اجهزة حكومية كثيرة! لكل ذلك ستكون لها تداعيات كبيرة في اتجاهات كثيرة تتعلق بالسياسة الخارجبة لحكومة حزب العمال الحاكمة.

رغم اننا ظللنا نتظاهر في لندن لثلاثة عقود ضد نظام الانقاذ، الا انها – كما اذكر- كانت تقريبا كلها إما امام السفارة السودانية في الجانب الآخر لقصر بكنجهام او في قبالة رئاسة مجلس الوزراء في (١٠ داوننق ستريت). لا اذكر مطلقا اى تظاهرة امام تشاتم هاوس. والراجح عندى ان هذه اول مظاهرة امام المركز الذي ينهض بدور مهم في صناعة السياسة الخارجية لبريطانية منذ تأسيسه عام ١٩٢٢م. والحال كذلك، فقد وقعت ادارة تشاتم هاوس في سوء تقدير كبير واخطأت قراءتها للحرب في السودان، وهو امر يقدح في حيادية المركز ويطعن في مهنيته واحترافيته وستسبب له التظاهرة حرجا بالغا امام جهات عدة وسيصعب عليه الدفاع عن ذلك الخطأ الفادح.
لكى تؤتى هذه المظاهرة التاريخية أكلها يحتاج اولئك المتظاهرون تمليك تلك الفيديوهات لنوابهم في البرلمان (نقلها لفلاش وارساله للنائب) ومطالبتهم لنوابهم باستجواب ادارة المركز ووزارة الخارجية عن هذه الزيارة وكيفية السماح لاشخاص يتولون قيادة مليشيا ارهابية بدخول المملكة المتحدة، بل والسماح لهم بالتحدث من اهم منبر في صنع السياسة الخارجية مما أساء كبيرة لسمعة المركز وتسبب في خروج مظاهرة بذلك الحجم مناوئة لسياسة المركز المنحازة! و كان الصحيح ان تتم دعوة ممثلين لوجهة النظر الاخرى بدل هذا الانحياز المفضوح، هذا اذا غضضنا الطرف عن تورط المركز في دعوة قيادات لجماعة ارهابية سجلها الاجرامى معروفا للجميع!

على الجانب الآخر شعر جميع السودانيين بان ابنائهم في لندن عبروا عنهم تماما وقاموا بواجبهم واكثر. لقد اسمعوا قيادة تقدم امام العالم ما تستحق ان تسمعه، ومسحوا بقياداتها الارض واسقطوا رمزيتهم وجردوهم من كل قيمة اخلاقية.
اسقطت المظاهرة زعم قيادات تقدم الاساسي انهم يمثلون الشعب السودانى ويتحدثون باسمه! لقد اشارت سبابة المظاهرة بوضوح لتورط قيادة تقدم في الجرائم الفظبعة التى ارتكبها جناحهم العسكري وانهم يوفرون الغطاء السياسي لمليشيتهم الارهابية وينهضون لتسويقها حول العالم.

لقد عرت التظاهرة قيادات تقدم وسقتهم خبال افعالهم وخيانتهم لشعبهم، واكملت دفن منظومتهم في ميدان القديس جيمس!

وبما ان البريطانيون يحبون النحوت والتماثيل فلربما اقاموا علي قبر تقدم تمثالا في حديقة القديس جيمس ليكون مجسما لكل العملاء و خونة الاوطان يزوه العملاء من كل حدب وصوب ليعلموا نهايتهم.

اعرف الكثير من الرجال والنساء الذين ظهروا في الفيديوهات المنشورة، فقد جمعتني بهم تصاريف الدهر ومعارضة نظام الانقاذ، فالله درهم. لم ينال طول السنيين من عزيمتهم ووطنيتهم التى اعرفها تماما، لم يضللهم الضخ الاعلامى المكثف للمليشيا وحلفائها من قنوات عدة متواطئة مع المليشيا. ظلت رؤيتهم واضحة والتزامهم ثابت تجاه وطنهم واهلهم ومواطنيهم الذين تذبحهم مليشيا مجنونة كالشياه.
لله دركم، والله ما توقعنا منكم غير ذلك لقد اثلجتم صدور الجميع… واننا ان شاء الله لمنتصرين وان طال السفر ولا مكان للعملاء بيننا. لقد غيرتم مجري الاحداث دون شك.

رفعتم رأية الوطن خفاقة وانتصرتم للضحايا وللاطفال والنساء الذين قتلوا غدرا وللفتيات المغتصبات وللمشردين، وصرعتم تقدم ضحا فهوت الى قاع سحيق في مزبلة التاريخ!

اقول لكم إن شعبكم عافي منكم…!

هذه الأرض لنا.

١/ نوفمبر/ ٢٠٢٤م

 

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق