صحة وبيئة

أكثر من 100 ألف مواطن بين العزلة والسيول بسبب الإهمال في الأتبراوي وسيدون

إلى من يهمه الأمر:

د.ميرغني أحمد الطاهر:

على الرغم من قرب منطقتي الاتبراوي وسيدون من مدينتي الدامر وعطبرة، إلا أن أكثر من 100 ألف مواطن يعيشون كل عام في عزلة تامة مع دخول فصل الخريف، نتيجة لانعدام الطرق المعبدة أو حتى الردميات التي تربط القرى بالمدينة.
فبسبب مطرة واحدة فقط، تنقطع القرى عن الخدمات الأساسية، ويتعذر نقل المرضى والطلاب والحوامل في أوضاع إنسانية بالغة الصعوبة، وسط غياب أي تحرك فعّال من السلطات المحلية والولائية.

هذا العام تفاقمت المعاناة بشكل أكبر، حيث اجتاحت السيول الضفة الشرقية نتيجة سوء تخطيط المشاريع الزراعية، مما أدى إلى تراكم المياه وجرف طريق عطبرة – سيدون في عدة مواقع، الأمر الذي بات يمثل خطراً حقيقياً يهدد حياة القرى. أما على الضفة الغربية، فقد تسببت المياه الراكدة داخل المنازل في تهديد مباشر بانهيارات وخسائر مادية وبشرية محتملة، بينما لم تتم أي معالجة أو تقوية للتروس ومصارف المياه قبل موسم الخريف.
المفارقة أن منطقة الاتبراوي تُعتبر من أكبر روافد الإنتاج في ولاية نهر النيل في الزراعة، والثروة الحيوانية، والتعدين، وتُطرح فيها مشاريع استثمارية بالجملة دون أي التزام مجتمعي تجاه القرى أو معالجة معاناتها المتكررة.
أما منطقة سيدون، فإن معاناتها في فصل الخريف أشد وطأة، حيث تتحول إلى منطقة معزولة تماماً عن مجتمع الولاية. تنقطع الطرق وتغمرها السيول، فلا تصل الأسواق ولا المستشفيات ولا الخدمات الأساسية إلى الأهالي، مما يضع المرضى وكبار السن والطلاب في مواجهة أوضاع صعبة للغاية. وتبقى سيدون، بما لها من ثقل سكاني وإنتاجي، نموذجاً صارخاً لمعاناة الريف مع غياب البنية التحتية وضعف الاستعدادات لموسم الخريف.

إن السبب الرئيس وراء السيول والخسائر التي ضربت مناطق الاتبراوي وسيدون يعود إلى المشاريع الاستثمارية غير المدروسة التي جلبتها حكومة الولاية دون مراعاة لاحتياجات المواطنين أو لخطط التصريف والحماية. هذه المشاريع تسببت في تكوين مجاري للسيول وجرف القرى وإغلاق الطرق، لتتحول من فرصة للتنمية إلى آفة تهدد حياة الناس واستقرارهم.

المواطنون يؤكدون أن أصواتهم سترتفع ومعها دعوات الضعفاء إلى المولى عز وجل أن يلطف بهم في ظل هذا الإهمال المتكرر، وأن التاريخ لن يرحم من فرّط في أمانة ومسؤولية حماية الناس وتأمين حياتهم.

أهالي الاتبراوي وسيدون يتساءلون: إلى متى يستمر هذا الإهمال يا حكومة ولاية نهر النيل؟ وإلى متى ستظل محلية الدامر عاجزة عن إيجاد حلول جذرية لمشاكل البنية التحتية، رغم أن هذه القرى تمثل شرياناً أساسياً في اقتصاد الولاية؟

*كسرة:* سوف نكتب بصورة يومية عن معاناة أهلنا في منطقة نهر عطبرة، وسنكون بمثابة غرفة طوارئ إعلامية لنقل واقع منطقتنا بكل شفافية وجرأة، حتى وإن لم تجد رسائلنا أذناً صاغية لدى الجهات الحكومية.

د.ميرغني أحمد الطاهر- نهرعطبرة (مواطن)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى