رياضةمقالات

حين تنقلب الحراسة إلى مؤامرة: متوكل الزنجي وتفكيك اتحاد الجزيرة أبا

د.عبد الكريم الهاشمي:

في سلوكٍ يفتقر إلى الحكمة والمسؤولية، ويشي بانفلاتٍ لا يليق برجلٍ يفترض أن يكون حارسًا للقانون، تتواتر المؤشرات على تورّط رئيس اللجنة القانونية بالاتحاد العام، الأستاذ متوكل الزنجي، في مساعٍ مريبة تستهدف تفكيك اتحاد الجزيرة أبا، أحد أعرق الاتحادات المحلية، الذي تأسس عام 1972م. مساعٍ تقوم، في جوهرها، على التضليل والتغرير، عبر إيهام بعض المنتسبين لأندية الجزيرة أبا بأن مصلحة اتحادهم تكمن في الانتساب إلى اتحاد كوستي كاتحادٍ فرعي، في خطوة لا سند لها من قانون ولا نظام.
المفارقة الصارخة أن متوكل نفسه، وفي مناسبات عديدة وقريبة، تحدث بأكثر من لسان، فأسرف في الثناء على اتحاد الجزيرة أبا، وعدّه من الاتحادات الجديرة بالاعتماد كاتحاد محلي مكتمل الأهلية، لما يملكه من إمكانات فنية وإدارية وبنية تحتية معتبرة. واليوم يتحدث بلسان آخر، حيث ينقلب المديح إلى مؤامرة، ويغدو الثناء مطيّة للهدم، في تناقض فادح لا يمكن تفسيره إلا بمنطق المصلحة الخاصة وتبدّل المواقع. إنه لأمرٌ معيب أن تصدر مثل هذه الممارسات من رجلٍ يشغل موقعًا بالغ الحساسية داخل الاتحاد العام، موقع رئيس اللجنة القانونية، المنوط به حماية الكيانات الرياضية من التغوّل واستغلال النفوذ. غير أن متوكل آثر الفوضى والعربدة المؤسسية على حساب الأخلاق والمسؤولية، متجاوزًا حدود دوره، ومتجاهلًا مقتضيات الأمانة التي أُوكلت إليه.
إن متوكل يدرك بحكم موقعه ومعرفته أنه لا يستطيع، عبر القانون أو النظم الأساسية، وضع يده على اتحاد الجزيرة أبا أو النيل من شرعيته. ولمّا أعياه الطريق القانوني، لجأ إلى أساليب الالتفاف والتضليل، مستغلًا جهل بعض ضعاف الخبرة في الوسط الرياضي، ممن لا يُلمّون بالنظم الأساسية التي تحكم العمل الرياضي، فغرّر بهم وباعهم أوهامًا لا أصل لها.
وتأتي هذه المؤامرة في سياق خلافٍ معلوم بين الاتحادات الانتقالية والتي يُعد اتحاد الجزيرة أبا أحد أعمدتها وبين الاتحاد العام، على خلفية الخطأ الجسيم الذي ارتكبه الأخير حين أسقط هذه الاتحادات من نظامه الأساسي المعدل لعام 2025م، فأقصاها من منظومة الكرة السودانية، وجعلها عمليًا خارج ولايته القانونية. والمفارقة الأكبر أن متوكل يترأس اللجنة التي كوّنها مجلس ادارة الاتحاد العام لتوفيق أوضاع الاتحادات الانتقالية. فبدلًا من أن تنهض لجنته بمهمة المعالجة الرشيدة، وتقديم توصيات منطقية تعيد الأمور إلى نصابها، ها هو يسعى لتفكيك واحدٍ من أهم هذه الاتحادات. فهل يصلح من تلطخت يداه بالمؤامرة لأن يكون حكمًا وعدلًا؟ إن ما جرى يطرح، بوضوح، مسألة أهلية متوكل الأخلاقية لرئاسة هذه اللجنة. على الاتحادات الانتقالية أن ترفع مذكرة لرئيس الاتحاد العام تطعن فيها في أهليته، إذ ثبت انحيازه وتربّصه المسبق بهذه الاتحادات، بما يجعله غير مؤهل للعدل والإنصاف.
لم يكن متوكل وحده في هذا النهج البربري، فقد سبقه عضوٌ آخر انتهج ما يشبه البلطجة المؤسسية مع اتحاد تنمبول، محاولًا وضع اليد عليه بالقوة، مستعينًا بالشرطة. وهو ما يفتح سؤالًا مشروعًا، من أين أتى هؤلاء، وبأي منطق تُدار شؤون الاتحاد العام؟
إن اتحاد الجزيرة أبا، الذي يسعى الزنجي لتفكيكه، ليس كيانًا طارئًا ولا عبئًا على خارطة الكرة السودانية. إنه اتحادٌ عريق، تأسس عام 1972م، وأسهم بفاعلية في خدمة اللعبة، واستضاف مجموعات من الدوري الوسيط استجابة لمخاطبات الاتحاد العام نفسه، ويُعد ركيزة رياضية مهمة في وسط السودان وولاية النيل الأبيض. ومع ذلك، يتناسى متوكل مسؤوليته كعضو في الاتحاد العام، وواجبه في البناء والتطوير، لا الهدم والتقويض.
لقد دأب متوكل على التربص بالاتحادات الانتقالية، وظهر ذلك في أكثر من موقف وتصريح، وبثّ مرارًا معلومات مضللة كلما سُئل عن وضعها القانوني. إن الأجدر بمتوكل أن ينصرف إلى القضايا الثقيلة التي تحاصر الاتحاد العام، والتي خسرها تباعًا أمام المحاكم، وأن يفسر للرأي العام كيف جُمِّدت 20% من أموال التطوير من قبل الاتحاد الدولي بسبب ممارسات غير قانونية، تتحمل اللجنته القانوتية التي يرأسها متوكل قسطًا وافرًا في ضياع تلك الاموال وفي ضعف المواقف القانونية للاتحاد العام بسبب الفشل في القيام بمسؤوليتها، وهو فشلٌ مرشّح للتكرار في معركته مع الاتحادات الانتقالية.
وفي مواجهة هذه المؤامرات، أعلنت كتلة الاتحادات الانتقالية موقفها الواضح بالتصدي لكل محاولات الالتفاف، سواء صدرت من متوكل أو من غيره، مؤكدة التزامها بخدمة كرة القدم وتنميتها في ولاياتها ومناطقها، والدفاع عن شرعيتها ومكتسباتها. كما اوضحت الكتلة على أن القرار الذي يحاول متوكل فرضه لم يصدر في صورته النهائية، ولم تُبلَّغ به الاتحادات الانتقالية رسميًا حتى الآن، ما يجعله قرارًا معدومًا قانونيًا وإجرائيًا. ولم يقم الاتحاد العام، بمخاطبة هذه الاتحادات بشأن أي تعديلات تمس توصيفها أو تنزع عنها صفتها القانونية. فضلًا عن أن ما يسمى بـ«المناطق الفرعية» توصيفٌ مبتدع لا وجود له في النظام الأساسي للاتحاد العام لعام 2025م، الذي نص في مادته (12) على ثماني فئات للعضوية، لا تندرج هذه التسمية بينها. وعليه، فإن أي محاولة لفرض الأمر الواقع بالقوة أو بالمؤامرات لن تحصد سوى الرفض القانوني والمقاومة الجماهيرية.
وتؤكد الكتلة أن مرحلة الاتحادات الفرعية قد طُويت منذ عام 2013م، حين تم اعتماد الاتحادات الانتقالية كاتحادات محلية تحت الإجازة، ومنحت حق المشاركة الرسمية في الدوري التأهيلي للممتاز. ومن الوهم الاعتقاد بإمكانية إعادة عجلة التطور إلى الوراء، فالتاريخ الرياضي لا يسير إلى الأدنى، بل يمضي دائمًا نحو الأعلى. وليس صحيحًا ما أوهم به متوكل بعض البسطاء من إدارات الأندية في اتحاد الجزيرك ابا، زاعمًا أنه سيضمن لهم اعتماد اتحاد الجزيرة أبا كاتحاد محلي إذا ما انضوى تحت اتحاد كوستي كاتحاد فرعي. فهذه أوهام لا سند لها، ووعود جوفاء لا تصمد أمام نصٍ قانوني أو قراءة موضوعية.
تعلن كتلة الاتحادات الانتقالية وقوفها إلى جانب الشرفاء من رياضيي الجزيرة أبا، وتضامنها الكامل مع الباشمهندس جمال قنده رئيس الاتحاد ومجلسه، الذين اضطروا إلى تقديم استقالتهم تحت وطأة هذه المؤامرة، حيث احدثت الاستقالة اضطرابًا مؤسفًا في الأوساط الرياضية بالجزيرة أبا، في وقتٍ أحوج ما تكون فيه الساحة إلى التكاتف والتعاضد، لا إلى العبث بمؤسساتٍ شُيّدت عبر عقود من العطاء.
Krimhashimi5@gmail.com
0912677147

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى