مقالات

الإتفاق الإطاري المفتوح وصلته بحكاية الأستاذة الهميمة فوزية مُسْتَلماهو

برير إسماعيل:

  عودة للإتفاق الإطاري و علاقته مجدداً بالحكاوي الشعبية السودانية و ثم الوقوف عند محاولات تحالف قِوى الحرية و التغيير المجلس المركزي القيام بدور البطولة لفيلم سوداني مكرر بطلته اللجنة الأمنية لنظام الجبهة الإسلامية القومية إعتماداً على مؤسساتها العسكرية و الأمنية و الشُرطيةالجنجويدية*.

*الشاهد أن تعامل تحالف قِوى الحرية و التغيير المجلس المركزي مع الإتفاق الإطاري المفتوح يشبه في الكثير من الوجوه الحكاية الشعبية المعروفة التي بطلتها الأستاذة فوزية مُستلماهو*.

*في البدء لابد من تكرار أن العملية السياسية الشاملة القائمة على المرتكزات الأساسية المتمثلة في الحرية و السلام و العدالة و التي قامت من أجلها الثورة السودانية التراكمية التي شاركت فيها قِوى الثورة العريضة مشاركة سياسية مدنيَّة أو بمشاركة سياسية و مسلحة فرضتها طبيعة الصراع السوداني السياسية و الثقافية و الإقتصادية و الدينية …إلخ عميقة الجذور و الذي تحوَّل بدوره لصراع له علاقة مباشرة بوجود الكثير من المكوِّنات السودانية على قيد الحياة أمر لا مفر منه مهما طالت رحلة المسيرة النضالية للشعوب السودانية الثائرة*.

*في ذات سياق الحديث عن الثورة السودانية المجيدة لابد من أن التأكيد على أن قِوى الحرية و التغيير المجلس المركزي من القِوى المحسوبة على قِوى الثورة العريضة و بالطبع من حق جميع مكوِّناتها الإختلاف معها في تقديراتها السياسية الخاطئة و إن كانت مكررة كما في حالة التوقيع على الإتفاق الإطاري الحالي دون الولوغ في تخوينها الأمر الذي تستهدفه اللجنة الأمنية التي تسعى دائماً إلى أن تنتصر الثورة لتخوين الكل للكل وصولاً لمساواتها في الجريمة السياسية مع كل قِوى الثورة التي ناضلت ضد النظام الطفيلي الإستبدادي الذي أسسها*.

*بالعودة للحكاية الشعبية السودانية يُحكى أن سيدة سودانية كانت هميمةً جداً و تسعى دوماً لخدمة الناس الذين تعرفهم في الإطار الضيق الذي تعيش فيه و كما أن تسعى لخدمة الذين لا تعرفهم و هي زولة حسنة النوايا و لكن مشكلتها الأساسية كانت في إستمرارية المشوبرة من أجل إستلامها لكل المهام في أي مناسبة في قريتها و في القُرى المجاورة لها*.

*في حالة وجود أي مناسبة إن كانت هذه المناسبة لعرس أو سماية أو ختان أو بيت بكاء تستلم الأستاذة فوزية الموضوع لوحدها لا شريك لها و تجتهد لتعرف مَنْ الداخل و مَنْ الخارج ? و هل حضر ناس فلان أم لا? و لماذا لم يحضروا في حالة عدم الحضور ? و كما أنها تسأل عن المشتريات و المنصرفات فضلاً عن سؤالها حتى عن الخسارات المالية و في جميع المناسبات*.

*الذين يعرفونها و يعرف حسن نواياها أطلقوا عليها إسم فوزية مستلماهو و قد تركوا لها الإشراف على كل شيء وهي سعيدة بهذا الإسم*.

*أرادت اللجنة الأمنية للإتفاق الإطاري أن يصبح ملكاً عاماً للجميع ليختلط الحابل بالنابل و لذلك أسست اللجنة الأمنية في خطابها السياسي لحكاية من حق الجميع التوقيع عليه حتى يتسنى لها تنفيذ خطتها الإستراتيجية من وراء الإتفاق الإطاري و لكن قِوى الحرية و التغيير المجلس المركزي أي فوزية مستلماهو السياسة السودانية و بحسن نوايا واضحة أرادت أن تُظْهِر في خطابها السياسي بعد التوقيع بأن الإتفاق الإطاري يخصها وحدها وأنها هي المسؤولة عنه و عن إدراج توقيعاته الجديدة القادمة و مسؤولة كذلك عن خسارته السياسية الكبيرة المتوقعة و من هنا عملت فوزية مستلماهو على تحديد شروط الموقعين الجدد بمعايير سياسية و أخلاقية يصعب فهمها و لذلك لن تجد من يؤيدها في أوساط غالبية القِوى المحسوبة على الثورة لتبدأ دورة الصراع السياسي غير الراشد بين القوى المشاركة في الثورة كل حسب مقدرته و حسب خيار وسيلة نضاله إن كانت سِلِّمية أو مسلحة ليتحقق بذلك الصراع هدف اللجنة الأمنية الإستراتيجي من الإتفاق الإطاري*.

*الشاهد أن العساكر لن يتنازلوا عن عملية فتح الإتفاق الإطاري للمارة وعابري السبيل و عليه إنَّ ماتقوم به قِوى الحرية و التغيير المجلس المركزي أي فوزية مستلماهو السياسة السودانية تجاه القادمين الجدد من أجل التوقيع على الإتفاق الإطاري بهدف الحد من أعدادهم الكثيرة التي سوف تأتي تباعاً حتى لا يفوتهم المولد السياسي لن يجدي نفعاً*.

*كان فرض عين على قِوى الحرية و التغيير المجلس المركزي أي فوزية مستلماهو السياسة السودانية صاحبة النوايا السياسية الحسنة لخدمة الناس قفل الإتفاق الإطاري من قولة تيت من خلال رفض التوقيع عليه من قِبل الذين إختارتهم اللجنة الأمنية بعناية لتويحله لمسخرة سياسية و كان أيضاً لِزاماً عليها عدم الذهاب لوحدها لمقابلة العساكر فالحل الأوحد الذي سيُمكِّن الثورة السودانية المجيدة من تحقيق الإنتصار على اللجنة الأمنية يتمثل في الرهان على الشارع و على مجتمعه المدني العريض و على لجان مقاومته قبل التواصل المشروع و الهام جداً مع المجتمعين الإقليمي و الدولي لمحاصرة الإنقلابيين سياسياً و إقتصادياً و ديبلوماسياً إقليمياً و دولياً*.

*المنطق يقول إنَّ المعيار الذي وقَّع بمقتضاه كل من المؤتمر الشعبي و أنصار السنة و الحزب الإتحادي الأصل على سبيل المثال لا الحصر سيسمح في المستقبل القريب للمؤتمر الوطني نفسه بالتوقيع مع أنَّ الجنرالين البرهان و حميدتي يعملان معاً من أجل حماية مصالح المؤتمر الوطني في الوقت الحالي بالرغم من ترويج البعض للخلافات التمويهية بينهما و هي خلافات تمويهية لأن مصير الجنرالين البرهان و حميدتي المحتوم سيكون واحداً و سيكون مرتبطاً إرتباطاً لصيقاً بوجودهما على قيادة المؤسسات العسكرية الجنجويدية و لذلك لن يفرطا في قيادتها أبداً بإتفاق سياسي و إن كانت نصوصه مُحكَّمة الصياغة في حالة غياب السند الجماهيري الراضي عن العملية السياسية بعد مشاركة كل مكوِّنات قِوى الثورة العريضة في تفاصيل الإتفاق الإطاري نفسه بدلاً من إنتظار أن تبصم عليه كما هو واقع الحال*.

*بناءً على ما سبق ذكره من حيثيات سياسية فإن الساسة المواهيم أو الموغلين في السذاجة السياسية أو المحتالين السياسين وحدهم هم الذين يتحدثون عن إعادة بناء و هيكلة الجيش السوداني المحترف صاحب العقيدة القتالية الجديدة في دولة المواطنة يتحدثون عن كل في ظل إستمرارية وجود الجنرالين البرهان و حميدتي في قيادة المؤسسات العسكرية الجنجويدية الحالية*.

*حالياً تخوض قِوى الحرية و التغيير المجلس المركزي أي فوزية مستلماهو السياسة السودانية معركة وهمية بلا معترك من شاكلة نقبل بناس فلان بأن يوقِّعوا على الإتفاق الإطاري و لكن نرفض ناس علان لأنهم لم يستوفوا شروط المواصفات السياسية المطلوبة !! علماً بأنَّ ذات قوى الحرية و التغيير المجلس المركزي قد وقَّعت فرادى مع البرهان و حميدتي وهما من ألد أعداء الثورة و إن تعلَّقا بتمثال الحرية و هذا بالضبط هي المعركة السياسية عديمة الجدوى بين كل مكوِّنات القِوى المحسوبة على الثورة التي يريدها العساكر إنطلاقاً من القاعدة السياسية المعروفة دعوا هذا الفخار يكسِّر بعضه البعض*.

*المنطق السياسي البسيط نفسه يقول إن غالبية مكوِّنات القوى السياسية التي تتهافت الآن من أجل التوقيع على الإتفاق الإطاري هي بالضرورة قِوى سياسية محتالة و ستعمل لصالح الإنقلابيين الذين يريدون إغراق الإتفاق الإطاري رغم علله الكثيرة لتكون خلاصته النهائية وظائف و مهام صُورية للموقعين عليه في الدولة السودانية الكيزانية القديمة الجديدة مهما حَسُنت نوايا البعض و معلوم بالضرورة أن حُسن النوايا وحده في عالم السياسة له أضرار لها أول و ليس لها آخر*.

*ما قامت به قِوى الحرية و التغيير المجلس المركزي أي فوزية مستلماهو السياسة السودانية رغم توفر حُسن النوايا سيجعلها تدفع الثمن السياسي غالياً في المستقبل القريب*.

*بحساب السوق السياسي البسيط لا يمكن لقِوى محسوبة على الثورة أن تترك الرئة التي تتنفس بها و المتمثلة في الحركة الجماهيرية و لجان مقاومتها و المجتمع المدني العريض لتربط مصيرها بإتفاق إطاري معزول مع اللجنة الأمنية و توافق في ذات الوقت للقِوى السياسية المشهود لها بعدم الإستقامة السياسية مثل المؤتمر الشعبي و الإتحادي الأصل و من على شاكلتهما بالتوقيع تحت ذرائع واهية*.

*إنَّ الدروس السياسية المستفادة من كل الإتفاقيات السياسية التي وقَّعتها كل المُعارضات السودانية إن كانت مُعارضات ذات وسيلة نضالية سياسية سِّلمية أو مُعارضات ذات وسيلة نضالية سياسية و مسلحة للأنظمة الشمولية في عهد الدولة الوطنية وقَّعتها مع سلطة الأمر الواقع و بدون المساندة و المشاركة الحقيقية للحركة الجماهيرية و المجتمع المدني العريض في صناعتها أثبتت فشلها الذريع بما في ذلك إتفاقية نيفاشا أم الإتفاقيات السودانية*.

*في ذات سياق الحديث عن الإتفاقيات التي أبرمتها المُعارضات السودانية مع سلطة الأمر الواقع الديكتاتورية في السودان فإنَّ التجربة العملية لكل الإتفاقيات السياسية التي وقَّعت عليها القوى المحسوبة على الثورة مع اللجنة الأمنية بعد 11 أبريل 2019م بداية من إتفاقية الوثيقة الدستورية و مروراً بإتفاقيات جوبا لسلام السودان و وصولاً للتوقيع على الإتفاق الإطاري الحالي أثبتت عدم وجود فروقات سياسية نوعية بينها لصالح الثورة بل إن كل محصلاتها النهائية كانت في مصلحة اللجنة الأمنية لنظام الجبهة الإسلامية القومية و لذلك ساهمت هذه الإتفاقيات في إطالة عُمر الأزمة في السودان*.

*الخلاصة تقول إنَّ الحالة السياسية المتردية التي تعيشها البلاد و يعيشها غالبية مواطنوها و مواطناتها حالياً بعد الإخفاقات العديدة التي واجهتها الثورة بسبب الألاعيب السياسية للجنة الأمنية بعد إستفادتها من الصراعات السياسية الدائرية التي واجهتها و تواجها الآن غالبية مكوِّنات القِوى المحسوبة على الثورة تجعل من وحدة قِوى الثورة العريضة اليوم قبل الغد و بناءً على برنامج الحد الأعلى للثورة فرض عين.

الثورة السودانية مستمرة و النصر أكيد

كارديف -15-ديسمبر 2022م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق