صحة وبيئة

تغير المناخ.. حرارة وحرائق وضحايا

الساقية برس- تقرير/ إخلاص نمر:

موجة حر قاتلة ضربت أوروبا منذ أواخر شهر يونيو ، لم تسلم منها إيطاليا ولا اسبانيا ولا فرنسا، وبلغت درجة الحرارة 46 درجة مئوية، وذكرت خدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ، أن نحو 790 مليون شخص في 12دولة حول العالم، شهدوا أكثر شهر سخونة في تاريخهم المناخي. وأضافت (أن درجة حرارة سطح البحر في الثاني والعشرين من يونيو 2025 سجلت 5 درجات مئوية فوق المعدل المعتاد في هذا الوقت من العام).

سلوك بشري..
إن استمرار النشاط البشري الذي يعبث بالكوكب من حرق الوقود الاحفوري إلى إزالة الغابات كذلك العمليات الصناعية كالمعادن والاسمنت وغيره ،كل ذلك يؤدي حتما إلى تأثير الكوكب بغازات الاحتباس الحراري ويفاقم الطقس ويزيد من انتهاك البيئة والمخاطر الصحية .

تكيف..
كان الالتزام في اتفاقية باريس للمناخ عام 2015، من جميع الأطراف هو تعزيز الاستجابة العالمية لتغير المناخ من خلال زيادة قدرة الجميع على التكيف وبناء القدرة على الصمود لذلك جاءت المادة 7.1 من اتفاق باريس تحدد الهدف العالمي للتكيف وزيادة القدرة على التحمل ومحاولات جادة للحد من التأثر بتغير المناخ إذ ألزمت الاتفاقية جميع الأطراف بالمشاركة في تخطيط التكيف من خلال خطط الدول الوطنية للتكيف والرصد والتقييم.

وهنا يقول الأستاذ محمد صالح إبراهيم، الأمين العام لمنظمة شباب السودان لتغير المناخ “إن هناك حاجه ملحة للانتقال من مرحلة التكيف النظري إلى مرحلة التكيف المجتمعي المباشر والفعال وذلك عن طريق خطط استجابة سريعة تشمل تكييف المباني القديمة وتحسين التهوية استهداف الفئات الضعيفة عبر زيارات ميدانية وتقديم الدعم لهم خاصة كبار السن والفقراء والمشردين والعاملين في الهواء الطلق”.
وعن موجة الحر الأوربية ولماذا لم تشفع إجراءات التكيف التي تتميز بها أوروبا بجانب البنى التحتية الجيدة وأنظمة الإنذار المبكر، أوضح محمد صالح، أنه يجب اعتبار موجات الحر ككوارث صحية وليست مجرد ظواهر مناخية، مشيرا إلى أن ذلك فعلا يتيح الاستجابة بشكل أسرع فعالية، ويعمل على تقليل تأثير الحرارة على الصحة العامة وتعزيز التكيف المناخي.

القاتل الصامت..
وذكرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية،  أن على الناس أن يتوقعوا موجات حر أسوأ وأكثر تواترا بسبب التغير المناخي، ووصفت الحر الشديد الذي ضرب أوروبا بأنه القاتل الصامت. وأضافت قائلة (إن التحذيرات المبكرة وتنسيق خطط العمل أمر مهم لحماية السلامة العامة).

حرائق..
اجتهد رجال الإطفاء في تركيا في السيطرة على الحرائق التي سببت موجة حر قاسية، الأمر الذي دفع السلطات إلى إخلاء أربع مدن ولم تنج سوريا من حرائق الغابات التي اندلعت في ريف اللاذقية الشمالي إضافة لارتفاع درجة الحرارة غير المسبوقة في أوروبا.

وهنا أبان المهندس البيئي أحمد سعيد، أن العائق الأساسي هي الغابات نفسها، موضحا أن كثافتها وصعوبة الحركة داخلها وتضاريسها، تشكل عقبة في السيطرة على الحرائق مضيفا أن سرعة وشدة الرياح في المناطق المفتوحة تعد سببا كذلك.
ويتفق سعيد ومحمد صالح في أن وجود أنظمة الإنذار المبكر ليست فعالة دائما وربما لايأخذ الناس التحذيرات محمل الجد مايؤدي إلى تأخير الاستجابة .

التزام..
ارتكز اقتراح المفوضية الأوروبية على خفض انبعاث غازات الاحتباس الحراري بنسبة 90% بحلول عام 2040، رغم أن دول الاتحاد الأوروبي ملزمة بخفض الانبعاثات الضارة بنسبة 55%وفقا لما أوردته وكالة الأنباء الألمانية خاصة وأن أوروبا تتبنى التزاما تجدده في كل سانحة، وهو التحول الأخضر العادل والطموح.

وهنا أمنت المهندسة المعمارية المختصة بالاستدامة، فاطمة عوض الله على أن (سوء التصميم في المباني قد يفضي إلى كوارث تتجاوز التأثير البيئي إلى ماهو أخطر فالمباني التي تفتقر للتهوية الطبيعية والتي تغلف بالكامل بواجهات زجاجية أو مواد صناعية عازلة تصبح كالأفران في قلب الصيف، وتزيد من احتمالية اندلاع الحرائق).

من الطبيعة.. صديقة للبيئة..
وفي معرض ردها على سؤال الساقية برس، عن المنازل الصديقة للبيئة ومدى قدرتها على مواجهة تغير المناخ قالت عوض الله (من الضروري أن نتجه نحو تطوير مواد بناء مقاومة للحريق ومستمدة من الطبيعة، أو مصممة لتتكامل مع مناخها).

وأشارت فاطمة إلى أن هذه المواد ليست ترفا بل ضرورة ملحة، وختمت حديثها (لابد أن نضع أول حجر في طريق عمارة عادلة تتنفس وتحمي وتحتضن ).

الجدير بالذكر أن الإحصاءات تشير إلى أن حرارة الكوكب زادت بنسبة 1.2درجة مئوية عما كانت عليه في القرن التاسع عشر. ويبقى السؤال أخيرا هل سنعمل بجد واجتهاد ووعي للمحافظة على الكوكب؟.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى