مقالات

وهل البرهان معهم؟.. البحث عن “الفاعل” في “النيل الأزرق”

نمريات

إخلاص نمر:

ماحدث في إقليم النيل الأزرق، دليل إدانة واضح لحكومة البرهان الانقلابية، التي تضع الشعب السوداني يوميا تحت مرمى البندقية والسكسك والخرطوش والدهس تحت عجلات التاتشرات وتعترف بذلك في فضائية الحرة، التي استنطقت رئيس المجلس الانقلابي في حوار معه، فكان رده حاضرا “نعم عارف”.
تجاهر الحكومة الانقلابية بإبعاد المؤتمر الوطني المحلول من كل المناخ السياسي، وفعليا تعيد توظيف منسوبيه (الكيزان) في مفاصل الدولة، وفي مجلسها الإنقلابي الذي تم( تسريح) المدنيين منه عبر الهاتف وربما نشرة الثالثة ظهرا، ما دعا الانقلابية الدكتورة سلمى، بث تصريح عاجل نقلته السوشيال ميديا، تؤكد فيه أنها (ثورجية) حتى النخاع!.
تحكي سيرة إقليم النيل الأزرق التاريخية، أن قبائله تزين علاقاتها مع الأخرى، بالندى والسماحة والتواصل والمصاهرة، في اندياح تام، إلى أن (حبكت) حكومة البرهان الانقلابية سيناريو ضرب القبائل ببعضها، للاستفادة من الاصطياد في الماء العكر، تركت الرقعة القتالية تتسع ولم تسرع لتدارك ماحدث من صراع مميت ونزيف ممتد، وأطفال قُصر بين الضحايا.
الناشط والأديب والروائي عصام قيسان، وفي فيديو قصير على تطبيق الواتساب، ذكر بالتفصيل كل صغيرة وكبيرة عن أحداث الإقليم، وكان حديثه بمثابة لفت نظر فوري لنجدة الإقليم، ولما لاتحمد عقباه فيما يجري ويدور بسرعة جنونية، وقد صدق حدسه، مأساة مروعة وموجعة أفضت إلى الموت والنزوح إلى القرى والمدن المجاورة ورحيل العديدين إلى الدار الآخرة.
بعد أن أحكمت (مزاجها) قررت الحكومة الانقلابية، البحث عن الفاعل، فتقدم الدعم السريع والشرطة إلى الإقليم لحسم ما أسمته بـ (التفلتات)، ولم يحسب الانقلابيين الوقت بدقة، فكان أن فات الأوان وسقط العديد من الجرحى والموتى، واحدا تلو الآخر وزادت رقعة الحرائق والمجازر وطرقعات الرصاص الذي لايخطئ.
المنظومة الشرطية والأمنية للحكومة الانقلابية، لاتعرف غير العنف والقتل وقفل الكباري بالحاويات، كلما لاح في الأفق خبر لمليونية الثوار،ة الذين تكاتف معهم الكبار وبلغوا في معيتهم القصر الرئاسي، ورغم السلمية التي اتسمت بها المليونيات إلا أن الحكومة الانقلابية يتلبسها دائما الإصرار في أن الثوار، يحملون الخناجر والعصي والجازولين، فينزلون حرقا في طلمبات الوقود ومراكز الشرطة، في كذب بواح لايلتفت له الشارع السوداني، لأنه يعلم تماما الهدف من تلفيق الاتهامات في قضايا حمل السلاح وحرق المراكز الشرطية، ولأنهم يعلمون ذلك يقينا ثابتا، لم تلن لهم قناة، ولن يتراجع أو يتخلف أحد عن المليونية القادمة، كلما تم الإعلان عن زمانها ومكانها.
ولأن الحكومة الانقلابية كانت مشغولة بقمع الثوار في الخرطوم والولايات، فإنها لم تعر الأمر اهتماما في النيل الأزرق – هذا بجانب السيناريو المعد سلفا لضرب الهوية في الإقليم نفسه- حتى تمددت رقعة القتال ووصلت قيسان والدمازين والروصيرص، اما سلطة الإقليم، فقد احجمت تماما عن التدخل لفض الصراع في دائرته الضيقة الأولى، لتعود الحياة كما كانت، وبعد أسبوع كامل اتخذت قرارها بالتدخل، وحينها كان الإقليم قد فقد الأبناء والاخوة والآباء والنساء، بسبب التراخي الأمني من قبل (وكلاء) سلطات الحكومة الانقلابية، التي تتبنى الخطاب العنصري والجهوي، وليس ببعيد على الأذان، حديث رئيس المجلس الانقلابي عبد الفتاح البرهان، الذي خاطب الناس في مسقط رأسه في ولاية نهر النيل، داعيا إلى التعاضد والوحدة بينهم بقوله (الآخرين لا يشبهونكم)!!!! اما عضو المجلس الانقلابي مالك عقار، فهو لايختلف عما سلكه رئيسه البرهان، في تأجيج الصراع الجهوي والقبلي في إقليم النيل الأزرق ،بانحيازه لطرف دون الآخر بالتزام الصمت.
ومن المضحك أن مجلس الأمن والدفاع، الانقلابي، أصدر مؤخرا قرارا باجراءات عاجلة ضد مثيري النعرات العنصرية، ودعاة الفتنة، سواء كان ذلك باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، أو أي اسلوب اخر، يؤثر على السلم الاجتماعي والطمأنينة العامة، وسؤال يلح إلحاحا هو (في زفة القرارات دي، في أي خانة نضع حديث البرهان في قندتو؟).
وضعت الحكومة الانقلابية، النيل الأزرق في وضع قنبلة موقوتة، فجرتها في اللحظة التي خبأتها منذ زمن ليس بالقصير، فنشطاء الإقليم، وقبل أن تستفحل المشكلة، وتؤول إلى صراع مميت، كشفوا للمنظومة الأمنية وملحقاتها، وبلا مواربة، ما يدور في الخفاء والعلن ، لتتدارك الأمن والحلول المستدامة، إلا أن ذلك لم يحدث، لأن الحكومة الانقلابية هي من تحكمت في إشعال الفتيل الأول لصراع الهوية في الإقليم، الذي أصبح بين ليلة وضحاها، بين ميت في منزله أو نازح من قريته، التي احترقت بكاملها.
محاولات الحكومة الانقلابية، لإقناع المجتمع الدولي بأن الحل في يد العسكر، وأنهم الأجدر على بسط الأمن وهيبة الدولة، ماهي الا مناورات، لكسب التأييد والبقاء على رأس السلطة، ولكن هيهات، لن يهنأ الانقلابيون بذلك، فالشارع لهم بالمرصاد، و الثوار في قمة عنفوانهم بهتاف لا للعنصرية والجهوية والمناطقية والقبلية وألف نعم للمدنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق