حوارات وتحقيقات

كارديف.. منتدى عبداللطيف كمرات الثقافي ينعي بروفيسر علي عبدالقادر

*بسم الله الرحمن الرحيم الرحيم*

*قال تعالى :(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ*.)

*صدق الله العظيم*

*ينعي المكتب التنفيذي لمنتدى عبد اللطيف كمرات الثقافي في مدينة كارديف العاصمة الويلزية بمزيد من الحزن و الأسى المغفور له بإذنه تعالى البروف علي عبد القادر و الذي حدثت وفاته في القاهرة في يوم الجمعة الموافق 16 سبتمبر 2022م*.

*البروف الراحل علي عبد القادر علي عليه رحمة الله من أبرز علماء الإقتصاد المميزين في القارة السمراء بل كان أحد الذين قدموا خبراتهم الإقتصادية و العملية للمؤسسات الإقليمية و الدولية فضلا عن إنه كان من أبرز المعارضين لسياسات الجبهة الإسلامية القومية الإقتصادية الطفيلية و من المناوئين لمشروع الأخوان المتأسلمين الإرهابي الإقصائي في السودان و لذلك لم يعد إلى السودان منذ مجيء إنقلاب الجبهة الإسلامية القومية في 30 يونيو 1989م*.

*كان لمنتدى عبد اللطيف كمرات الثقافي في كارديف شرف إستضافة البروف الراحل علي عبد القادر علي في إحدى ندواته الجماهيرية في أغسطس 2014 م و في ذات الندوة قامت الجالية السودانية في كارديف و جنوب ويلز بتكريمه تقديراً لمواقفه الوطنية المشهودة و لعلمه الغزير الذي أفاد به طلابه و طالباته*.

*تغمد الله الفقيد البروف علي عبد القادر علي بواسع رحمته و غفر له و أنزله منزل صدق مع الصديقات و الصديقين و الشهداء و الشهيدات و حسن أولئك رفيقا و ألهم أهله و ذويه و معارفه و عارفي و عارفات فضله الصبر و السلوان*.

*خالص التعازي لأسرة البروف الراحل علي عبد القادر في كارديف و في داخل السودان و خارجه كما تتقدم أسرة المنتدى بخالص التعازي لطلابه و طالباته و لكل الذين نهلوا من علمه و عاشروه في مسيرته العلمية و الإجتماعية الحافلة بالإنجازات*.

فيما يلي تلخيص للندوة التي قدَّمها البروفيسور الراحل علي عبدالقادر علي في منصة منتدى عبداللطيف كمرات‎ في مدينة كارديف في يوم 10 أغسطس 2014م:

*في واحدة من أمتع و أعمق الندوات التي شهدتها مدينة كارديف إستضاف منتدى عبداللطيف كمرات الثقافي البروف و الأستاذ السابق بجامعة الخرطوم و الخبير الإقتصادي المعروف علي عبدالقادر علي في قاعة بيوت تاون للتأريخ والفنون*.

قدم الندوة والتي حملت عنوان :*تأملات في مستقبل التنمية في السودان*) الباحث الإقتصادي الأستاذ حسين أحمد حسين الذي أفاد بأن البروف علي عبدالقادر قدَّم أكثر من 100 بحثاً علمياً على مستوى السودان و أفريقيا والوطن العربي وأنه علم على رأسه نور.

أعقبه بالحديث ضيف المنتدى البروف علي عبدالقادر الذي قدَّم التحايا لذكرى الراحل العظيم عبداللطيف كمرات و الذي ساهم مع نفر كريم من رفاقه في نشر الوعي أينما حلَّ و إرتحل.

و قال البروف علي عبد القادر إنَّ هذه الورقة كان قد أعدها لمؤتمر الحركة المستقلة و وقتها كان السودان يدور فيه لغط كبير نتيجة للسياسات الإقتصادية الطفيلية الخاطئة للنظام.
وكان نظام الجبهة الإسلامية القومية قد دعا الإقتصاديين لمؤتمر إقتصادي وتمت دعوتي للحديث في ذلك المؤتمر وقلت إنه لاتوجد أية مشكلة إقتصادية في السودان إنما هناك مشكلة سياسية . و ذكر البروف أن الأستاذ أبراهيم منعم منصور كان قد كتب مقالاً للمنتدى الإقتصادي الثاني وعنون المقال للدكتور التجاني السيسي لأن النظام كان قد طلب منه دعوة الناس إلى المنتدى و قد قال أبراهيم منعم إنَّ هناك مشكلة سياسية و ليست إقتصادية.

وقد تركزت محاور الندوة والتي حملت عنوان :*تأملات في مستقبل التنمية في السودان* حول ثلاث نقاط :
الأولى :أن مفهوم التنمية لايعني فقط النمو الإقتصادي و إنما يتسع ليشمل التنمية البشرية بمعناها الواسع.

الثانية: أن تحقيق التنمية لاينفصل عن تحقيق الديمقراطية وسيادة حكم القانون ودولة المؤسسات والحكم الرشيد.

الثالثة : وهي الأهم بالنسبة للحالة السودانية أنه يستحيل البدء في إدارة عجلة التنمية بإتجاه النهوض دون إسقاط نظام الجبهة الإسلامية القومية.

كما قدَّم البروف علي عبد القادر علي مقارنة إحصائية لبعض الدول فيما يتعلق بالعامل الزمني المطلوب للنهوض, وذكر على سبيل المثال لا الحصر أن السودان يحتاج إلى 50 عاماً لكي يلحق بمستوى تونس.

كما قدَّم البروف علي عبد القادر علي وهو الباحث المدقق توضيحاته بالأرقام الموثقة عن الحالة الإقتصاديه للسودان مع ذكر تبعات إستقلال دولة جنوب السودان وأثر ذلك الإستقلال البالغ على السودان في كل المجالات بما في ذلك المجال الإقتصادي.

أفاد البروف علي عبد القادر علي بأن هناك فرصتان كان من الممكن أن يتم فيهما إستقلال دولة جنوب السودان بعد حدوث الإستقلال الأول في الأول من يناير 1956م.

الفرصة الأولى كانت بعد مؤتمر المائدة المستديرة 1965م و الفرصة الثانية كانت عقب توقيع إتفاقية أديس أبابا في عام 1972م وقال البروف علي عبد القادر علي إنَّ الإستعمار لم يكن يريد أن يقوم بفصل الجنوب منذ عام 1947م لأنَّ الأمر لم يكن مفيداً له من ناحية إقتصادية و أن جنوب السودان في حالته تلك كان يعاني من مشاكل عديدة سببها المظالم التي وقعت عليه قبل الإستقلال و بعده.

أفاد البروف بأن ثورة أكتوبر 1964م ورثت مؤسسات إقتصادية جيدة كان يضرب بها المثل و كل ذلك التاريخ موجود في تقارير البنك الدولي و في سجلات الخدمة المدنية التي كانت في أعلى مستوياتها, زد على ذلك أن إنتفاضة مارس أبريل 1985م أفرغت الممارسة الديمقراطية من محتواها حيث كان هناك إستعجالاً لقيام الإنتخابات بشكل شائه مما عجَّل بوقوع إنقلاب الجبهة الإسلامية القومية في 30 يونيو 1989م.

وقال البروف علي عبد القادر على إنَّ هناك أحلاماً تنموية للشيوخ وضرب مثلا بمقال كتبه البروف مهدي أمين التوم في 6 مايو 2012م و قال البروف علي عبد القادر إنَّ حلم البروف مهدي أمين التوم السياسي الأكبر هذا لن يتحقق إلا بإزالة هذا النظام لأنَّ هذه الإزالة لا تتعارض مع الحرية والديمقراطية . أفاد البروف علي عبد القادر بأن لديه حلم أن يعود السودان إلى نظام إدارة 6 مقاطعات في الشمال وهو نظام تركي كما إنه طالب بالعودة إلى المديريات.
أما حلمه الأكاديمي كان هو العودة إلى نظام 4 سنوات ثم 3 و3 سنوات مع العمل على إلغاء نظام التعليم الخاص. كما أفاد بأن ماقام به محي الدين صابر كان سبباً في تدمير التعليم .

من جهة أخرى قال البروف إن الذي يتم الآن للإقتصاد السوداني عبارة عن همبتة في وضح النهار بعد أن خنقته العبرات و إنقطع حديثه لبعض اللحظات وهو يستعرض حالة التدهور الراهن في السودان و في كل المجالات الإقتصادية والإجتماعيه و الثقافية و السياسية .
كما أن البروف أخبر الحضور الكبير الذي شهد الندوة بقوله بفضل هذه السياسات الرعناء إحتل السودان المرتبة رقم 171 عالمياً من حيث السجل الإقتصادي المرتدي لأنَّ القائمين على الأمر فيه و بإسم الإسلام لاصلة لهم بالإسلام أو بخلافه فكل ما في الأمر هو أنهم إستخدموا الإسلام في النظام المصرفي دونما أن يقدموا أية دراسات واضحة في هذا المجال.

كما إنه ضرب مثلا بحال التعليم الجامعي في السودان حتى منتصف سبعينيات القرن الماضي حيث كانت الدوريات العلمية الأكاديمية تصلهم عن طريق الطائرات.
وعاد ليقول إنَّ حلم البروفيسور مهدي أمين التوم الإجتماعي كان هو وجود دولة الرعاية الإجتماعية علماً بأن ذلك الحلم كان موجوداً بعد الإستقلال, و أفاد بأن حلمه الإنتاجي هو أن يستطيع السودان أن يكفي أهله حتى لا يحتاجون للعون من أي جهة. أما حلمه السياسي أن تكون في السودان دولة ديمقراطية تُلبي تطلعات و طموحات و آمال كل مكوناته.

وختم الندوة بقوله إنَّ خلاص السودان هو ذهاب هذا النظام مع أننا نحتاج إلى زمان طويل لوضع السودان في مكانه الطبيعي و لكنهم لن يألوا جهدا لتقديم خبراتهم التي ربما ساهمت في تطوير بلادنا.

وقد تجاوب الحضور الكبير مع هذه الندوة المميزة مستفيداً من المعلومات الثرة التي قدمها البروف علي عبد القادر علي لذلك شاركت أغلبية الحضور في عملية إثراء النقاش عبر المداخلات الرائعة و الإستفسارت الجيدة.
كما ألقى الأستاذ أبوبكر القاضي رئيس الجالية السودانية في كارديف و جنوب ويلز كلمة بإسمها حيث قامت الجالية وفي لفتة كريمة منها بتكريم أستاذ الأجيال البروف علي عبدالقادر علي والذي كرَّم بدوره حضور الندوة بعلمه الغزير ومعلوماته العلمية الدقيقة.

*إِنَّا لِلَّهِ وَإنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون*.

*المكتب التنفيذي لمنتدى عبد اللطيف كمرات الثقافي في مدينة كارديف*.

*كارديف- السبت الموافق -17 – سبتمبر 2022م*.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق