حوارات وتحقيقات

قيادي بالبعث السوداني: السودان تحكمه المخابرات الأجنبية

محمد وداعة: ما يحدث الآن انهيار دولة وليس سقوط حكومة

هناك أحزاب تنفذ أجندة خارجية

لا يمكن لحمدوك أن يعود لأنه قدم تجربة فاشلة

اقترحنا تكوين مجلس أمن ودفاع يرأسه رئيس الوزراء ويكون وزير الدفاع عضواً فيه

الخلاف داخل الحرية والتغيير مبني على المكاسب الشخصية والوظائف

اتفاقية جوبا لم تحقق الأهداف المطلوبة ويجب مراجعتها

بعض أحزاب البعث تدعم التطبيع مع إسرائيل

حوار ـ مريم حسن:

وصف القيادي بحزب البعث السوداني محمد وداعة الله، الوضع الحالي بأنه انهيار دولة وليس سقوط حكومة بوجود أزمة سياسية شاملة أفرزت مشاكل أمنية واقتصادية صعبة جداً.
ولفت إلى أن الأوضاع الآن كلها مشدودة سواء في المركز أو الولايات، بالإضافة إلى ضغوطات شديدة وصراعات سياسية بين الأطراف المختلفة في ظل حديث عن عدم التوافق داخل المكون العسكري، خاصة وأن المحلل الحصيف يستطيع أن يستنتج أن هنالك مشكلة، وأن الدمج والتسريح ودمج الحركات المسلحة في الجيش خلق تعقيدات كبيرة، سيما وأن الوثيقة الدستورية واتفاق جوبا ينصان على دمج الدعم السريع في القوات المسلحة، وأن هذه المسألة أخذت وقتاً أكثر من المطلوب، وأن كل المؤشرات الصادرة من قادة الدعم السريع ليس فيها ما يعطي أملاً بأن هذه القوات ستندمج، كون أن قوات الدعم السريع آخذة في التوسع وامتلاك أصناف أسلحة متنوعة، وان أموالها واستثماراتها في تقدم وأعدادها في ازدياد، معتبرا أن ذلك مؤشر على أنهم غير راضين عن الدمج.

وقال :”هذا أمر خطير جداً كون أن الدولة لا تستطيع أن تنفذ دستورها أو تنفذ اتفاقاتها، وأن اتفاق جوبا اتفاق دولي ومشهود”، غير أنه استدرك بعدم وجود حكومة بالمعنى المفهوم في الوقت الراهن، وهنالك وزراء أصيلون من الحركات ومعظم الوزارات تعمل بالتكليف، مبيناً أن ذلك خلل كبير جدا سيما وأن والوزارات التي تتقلدها أطراف السلام هي وزارات مهمة، تتمثل في المالية والمعادن والثروة الحيوانية، وقال إن الوضع في مجلس السيادة مختل، لاهو وضع بما تم في 25 أكتوبر ولا هو مع الوثيقة الدستورية التي حددت الأطراف التي ممكن أن تكِّون المجلس السيادي، ولا أحد يعلم هل هذا مجلس سيادي أم لا؟!.

dav

عدد من المحاور ناقشناها من خلال الحوار التالي مع الأستاذ محمد وداعة:

*ذكرت أن هنالك خلافات مع العسكر فيما بينهم كيف ذلك؟

– فيما يخص الخلافات داخل المكون العسكري فهي خلافات غريبة لأن الدعم السريع هو حاضنة للقوات المسلحة وليس موازياً لها حتى يختلف معها والشيئ الطبيعي أن الدعم السريع هو وحدات تابعة للقائد العام وهو الذي يأمرها، وهو الذي يعين قياداتها، ولكن الذي يحدث الآن غريب جداً. الآن أسرة دقلو هي تمثل قيادات الدعم السريع، أسرة تقود معدات ضخمة جداً مسلحة بأسلحة حديثة، وبرتب عالية جداً وغير معروف إلى أي مدى سيقودن هذه القوات.

*ماهي تأثيرت الخلاف فيما بينهم في رأيك؟

– الجيش مبني على الضبط والربط والتعليمات، والأوامر وليس مبنياً على الخلافات والنقاشات، والشيء الذي أفهمه أن القائد العام للجيش هو مهيمن ومسيطر على كل الوحدات العسكرية في البلد، وهو الذي يعطيها أوامر ويقوم بترقيتها، وهو الذي يعطيها السلاح ويقدم لها مرتباتها، وبالتالي هذا الحديث مستهجن، وتأثيراته اعتقد أنها تأثيرات محدودة الآن، ولكنها ربما تتطور إلى صراعات.

*مارأيك في التحاور مع العسكر؟

– ليس هنالك حل غير التحاور مع العسكر، وإذا افترضنا أن المدنيين تحاوروا واتفقوا كيف سيعينون رئيس وزراء كيف؟

– وهل عندهم من يختارونه ويقولون له اذهب واجلس في القصر؟ المسائل لاتؤخذ هكذا، أولاً يجب على المدنيين أن يتفقوا ثم بعد ذلك الحديث عن أنه لا يوجد حوار مع العسكر هو حوار عدمي ولن يوصل البلد إلى أي حل، الحل في الحوار المدني المدني في الأول، ثم حوار مدني عسكري على أساس أن يتفق هذان الطرفان، لأنه إذا لم يتفقا منْ سيدافع عن هذا البلد، وحدودها التي يحميها الجيش فكيف ستكون العلاقة مع الجيش من أجل واجبه، لابد لهذا الحوار أن يتم.

 

*رأيك في مسألة تدويل قضية السودان؟

– التدويل الدولي هو الذي ضيع البلد، بالذات فولكر ضيع من قبل سوريا وهو الذي كان مبعوثا لسوريا، والمجتمع الدولي تدخل في العراق ووصلت إلى ما وصلت اليه، وتحكمها الآن ميلشيات من كل جنس وتدخل في سوريا ولاتوجد دولة الآن في سوريا ولكن توجد مليشيات، والمجتمع الدولي تدخل في اليمن، واليمن الآن يعاني من صراعات ويعاني من سيطرة إيرانية روسية، المجتمع تدخل في ليبيا، وليبيا الآن فيها ميلشيات وفيها حكومتان، ومن ناحية قراءة تاريخية لدور المجتمع الدولي ومن ناحية مبدئية اعتقد أن مايسمى بالمجتمع الدولي هو الذي يضيع البلدان لأن هنالك أجندة دولية لاتتفق مع أجندتنا كسودانيين وهنالك مصالح دولية نقِرْ بها، لكن على المجتمع الدولي أن يقر بمصالح الشعب السوداني الذي من حقه أن يعيش كريماً حراً مستقراً، البلد فيها تدخلات اجنبية، وأي دولة الآن سواء أكانت صغيرة أو كبيرة لديها عمل داخل السودان لديها حزب أو حزبان، ولديها سياسيون يعملون معها والسودان الآن بلد تحكمه المخابرات الاجنبية، الآن ليس هنالك سياسي يستطيع عمل أي شيء في هذا البلد، والناس موزعين، هنالك مجموعة تتبع للامارات ومجموعة تابعة للسعودية وأخرى تابعة للدعم السريع!!! إلا “السودانيون الفاعلون الرئيسيون” الذين لايعرفون أين حظهم، والسودانيون مختلفون لأن أجندتهم خارجية وليست أجندة وطنية بل أجنبية وبالتالي يكون هنالك اتفاق لأن للأجانب مصالح متضاربة، والآن نرى هنالك شيئاً يسمى (الثلاثية) السودانيون اعترفوا بها واعطوها مساحة من أجل أن تقوم بالتسهيل، وظهر شيء آخر يسمى (الرباعية)، من أين جاءت هذه الرباعية، ومن الذي فوضها، السفير السعودي الآن ينشط مع السفيرين البريطاني والأمريكي وكان معهم السفير الإماراتي والذين قالوا إنهم انسحبوا، ما الشيء الذي يفعله هؤلاء الأربعة أو الثلاثة الآن؟ ..هذا الوضع شائك الآن.

*في رأيك من الذي تسبب في هذا الوضع الشائك؟

– في تقديري أن الذي تسبب في هذا الوضع هم السودانيون أنفسهم لأنهم أصبحوا مطية للأجندة الأجنبية.

*طيب .. ماهي رؤيتكم للحل؟

– الآن نحن بصدد محاولة طرح رؤيتنا مبادرة الترتيبات الدستورية على القوى المدنية، وفي الوقت نفسه طرحناها على الثلاثية.

*كيف يسير العمل فيها؟

– نحن حددنا دور المجلس الأعلى للقوات المسلحة كيف يكون، وكيف ينسق المجلس الأعلى مع مجلس الوزراء، وافترضنا أن هذه المسألة ممكن أن تتم من خلال مجلس الأمن والدفاع، ومقترحين مجلس أمن ودفاع، يرأسه رئيس الوزراء ويكون وزير الدفاع عضواً فيه ، هذا التصور يمكن أن يخلق التنسيق المطلوب، ومتواصلين مع الأطراف السياسية بما فيها المجلس المركزي، وهذا التواصل فردي وأحياناً يأخذ شكلاً شخصياً، ولكن هنالك تواصل، ولم يتم أي اتصال رسمي حتى الآن فقط أفراد من هنا وهناك يلتقون ليتناقشوا.

*أنتم في المبادرة السودانية للترتيبات الدستورية يرى البعض انكم ضمن مجموعة التوافق الوطني؟

– نحن حزب البعث من المؤسسين للمبادرة السودانية ونحن حزب مؤسس لها، ونحن في تحاور مع التوافق الوطني وبيننا وبينهم حوار، ومع مجموعة الميثاق على أساس أن نقوم بتبليغ رؤى مشتركة أو متقاربة في المرحلة القادمة.

*هنالك حديث عن تقديمكم دعوة لكل الأشخاص الذين قدموا مبادرات وأن تقوموا وتتجمعوا كلكم خلف مبادراتكم هذه وتخرجوا بمبادرة أخرى؟

– هذا ليس دورنا، دورنا هو أن نقوم بتقديم مبادرتنا ونتحاور مع الأطراف بشكل ثنائي أو تنسيقي، ولكن ليس نحن من نلم المبادرات، وهذا الكلام يقال عن أن الثلاثية تريد فعل ذلك ولسنا نحن.

*حسنا .. مدى تفاؤلكم في نجاح هذه المبادرة ومدى تقبل بقية الأطراف لها؟

– مبادرتنا حتى الآن لم تتلقْ نقدا حادا أو لاذعا، و”ماشة كويس” إعلامياً، ولا اعتقد حتى الآن أن هنالك جهة مسؤولة أو سياسية انتقدت هذه المبادرة وهي رؤى وسطية، ومنذ البداية قدمنا تنازلات من أجل أن نصل لتوافق مع الموقف، وبالتالي اعتقد أن المبادرة هي مبادرة جيدة وطرحت القضايا بشكل واضح ومن غير تشدد ومن غير إقصاء، ونحن لانقصي حتى الذين أقصونا ولانقصي قوى الحرية والتغيير المركزي أو غيره، ولا نقصي أي شخص، فقط الجهة الوحيدة التي يمكن اقصاؤها هي المؤتمر الوطني، ماعدا ذلك هذه البلد حقت كل السودانيين ومن حق كل السودانيين أن يشاركوا في الوصول لحل.

*تحدث عن الدعم السريع تحكمه أسرة دقلو، هل ترى أن لديهم مطامع لان يحكموا السودان؟

– هم يحلمون بذلك.. ولكن اعتقد أنه حلم بعيد المنال، لأنهم من أجل أن يحكموا السودان إما أن يقوموا بانقلاب وهذا صعب جداً واعتقد أنه بالنسبة لهم واحد من السيناريوهات المعلومة، أو يأتوا بحزب سياسي وهم حتى الآن غير مفكرين في أن يأتوا بحزب سياسي، ويكونوا جماهيرهم وندواتهم والشعب السوداني يصوت لهم.

*كيف تنظرون إلى طرح الآلية الثلاثية؟

– لم نجلس إليهم.

*في رأيك ما هي أسباب الخلاف بين الحرية والتغيير؟

– هم مختلفون على المكاسب الشخصية والوظائف، هذا هو الخلاف الرئيسي، وليس هنالك خلاف موضوعي، وحتى داخل الأحزاب هنالك اختلاف ومثال لذلك حتى حزب الأمة كل مجموعات في حزب الأمة وكل شخص يتحدث لوحده.

*في رأيك هل حققت اتفاقية جوبا الهدف المقصود منها؟

– في تقديري اتفاقية جوبا لم تحقق الأهداف المطلوبة منها، وبالتالي يجب مراجعة اتفاق جوبا، ولابد من الغاء المسارات الثلاثة، لأن ضررها أكثر من نفعها، ولابد أن تحذف الأجندة الخاصة بالمؤتمر الدستوري من الاتفاقية وتذهب للمؤتمر الدستوري، كيف يحكم السودان والدين والدولة، والثروة والسلطة. هذه ليست قضايا يحكمها شخصان وإنما تهم الشعب كافة.

*خلال الفترة الماضية برز سلاح الإضرابات، في رأيك هل ممكن أن تسقط الانقلاب؟

لا اعتقد أن الإضرابات القائمة ستقوم بإسقاط الحكومة.

*هل ممكن أن تتوحد كل أحزاب البعث المشتتة في رأيك؟

– إذا كانوا موضوعيين وصادقين وتحلوا بالشفافية والصدقية والرؤية الوطنية من الممكن أن يتم ذلك، ولكن أنا لا أرى أنه من الممكن أن يحدث ذلك لأن كل مجموعة تعمل في محور، واللقاء بيننا وبينهم في المرحلة هذه صعب.

*لماذا اللقاء بينكم وبينهم في هذا الوقت صعب؟

– لأننا نرفض التطبيع مع إسرائيل وأحزاب البعث الأخرى تؤيد التطبيع مع إسرائيل، وهذا لا يجعلنا نجتمع لأنهم مع التطبيع وشاركوا في حكومة حمدوك التي قامت بالتطبيع ونحن رفضناه، وهم مع روشتة البنك الدولي وشاركوا في حكومة حمدوك التي نفذت كل الروشتة ونتائجها الآن واضحة جداً ونحن ضدها، واعتقد أن المؤتمر الاقتصادي كان قد أعطى إجابات جيدة، ونحن لا يمكن أن نوافق أن الفقير يُطحن بالكل الذي نراه الآن، لذلك هنالك خلافات جوهرية، نحن لن نوافق على التطبيع وإذا هم يريدون أن يلتقوا بنا فليعلنوا بأنهم ضد التطبيع.

*نجد أن اسم حمدوك من ضمن الأسماء المرشحة في استبيانات رئاسة الوزراء، في رأيك هل من الممكن أن يعود ؟

– لا يمكن على الإطلاق أن يعود، لأنه قدم تجربة فاشلة، والمُجرب لا يُجرب.

نُشر بصحيفة الحراك السياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق