مقالات

عذراً دعاة لا للحرب!! الخداع والخنوع لا يُشِيدان وطنا

بقلم/ د.عبد الكريم الهاشمي:

لا يزال المواطنون الشرفاء، يضربون اروع الامثال في الوفاء والتلاحم والاصطفاف خلف قواتهم المسلحة السودانية، بتسيير تجريدات الدعم العيني والمادي والتصدي لحملات التخذيل والإزدراء التي تسعى لإضعاف عزيمتها، وتفتيت قوتها، وتثبيط همتها، والطعن في مهنيتها، والتشكيك في عقيدتها من خلال شعار “لا للحرب”، لكن هيهات هيهات، فستظل القوات المسلحة، عصية على كل المحاولات اليائسة والبائسة والخائبة التي تقودها فئات رمت بنفسها في حجر العمالة والخيانة من حيث تحتسب أو لا تحتسب، ابطنت عداءً سافلا للقوات المسلحة قائمٌ على مبررات كاسدة ومزجاة، عكست بؤس تفكيرهم، وإنحطاط تصوراتهم، والضعف الذي يعتري وطنيتهم، وإن تمشدقوا بحب الوطن، حيث تجردوا من ثياب الوطنية، وقطعوا آصرة الإنتماء، فبانت عوراتهم الذميمة، وتكشفت نواياهم الخبيثة، وتبدت احقادهم الدنيئة، وإنبلجت خيانتهم الخسيسة، وإندلغت سخائم نفوسهم المريضة، وإستبان جهلهم المهين وإنقشعت جراءتهم الحقيرة في التعاطي مع قضايا الوطن، فهم لا يميزون بين القضايا الوطنية الكلية التي لا تحتمل الاختلاف والاختصام مهما كانت المبرر او المسوقات، وما بين القضايا التي تتوفر فيها مساحة للإختلاف والتضاد والتباين في الرأي دون اي مسوق او مبرر. إتسمت مواقف دعاة شعار “لا للحرب” من قادة الاحزاب، والناشطين السياسيين، بالتشكيك في أسباب اندلاع الحرب الدائرة بين قوات الشعب المسلحة والمتمردين المرتزقة، والدندنة حول تحميل فصيل سياسي “الكيزان” مسؤولية أسباب نشوبها وذلك للعودة مرة أخرى لسدة الحكم الامر الذي جعلهم يتخذون موقفا ضد الوطن وليس ضد ذلك الفصيل “الكيزان” ويصرحون ان لا ناقة لهم في هذه الحرب ولا جمل مما اسقطهم في تناقض عريض فكيف بحرب لا ضير منها عليك، ولا طائل منها لك، تسخر كل قدراتك وإمكانات واقلامك المأجورة لوقفها، مما يبين خللا كبيرا في بناء مواقفهم السياسية التي إتصفت بالضبابية والمراوغة فضلا عن الجبن والعمالة، حيث ساووا فيها بين القوات المسلحة السودانية كمؤسسة رسمية للدولة، مخولة بحماية الأمن ووحدة وسيادة الوطن، وقوات الدعم السريع المتمردة التي تسعى للاستيلاء على السلطة عبر الانقلاب وبندقية المرتزقة المأفونين.
2
لا للحرب، شعار نبيل وعميق، لكنه لا يتناسب مع الاوضاع الماثلة على الارض، الامر الذي يجعله شعار عاطفيٌّ موغل في السطحية والاحلام. نعم لا للحرب قبل اندلاعها والتحشيد لها، وقبل الاستعداد لخوضها، وقد شهد دعاة لا للحرب هذه المراحل بل كانوا يهددون بها، ويعلمون ساعة الصفر لإنطلاقتها. لا للحرب حينما هدد بها شركاء المتمردين من قوى الحرية والتغيير وساهموا في التخطيط لها، لا للحرب حينما نشطت دول في تمويل وتجهيز معسكراتهم للتجيش والتدريب والتسليح والدعم اللوجستيي وتمليكهم أجهزت التصنت والتخابر جهرا وليس سرا، تحت مرأى ومسمع شركاء المتمردين في العملية السياسية. لا للحرب، وقد بدأ التمرد عملياته الحربية بالغدر والخيانة، لا للحرب، وقد توفرت كل أسباب إندلاعها تحت صمت معيب من حلفاء المتمرد حميدتي من قوى الحرية والتغيير، لا للحرب، والجيش يقاتل غزاة من ليبيا وتشاد والنيجر وبعض المنظمات الارهابية، لا للحرب، بتسليم الوطن شعبا وارضا وجيشا للمليشيا المتمردة، لا للحرب، والعدو ما زال يقتل وينهب، ويحتل ويغتصب، لا للحرب، والجيش يخوض حرب تحرير ضد مرتزقة ومجرمين، لا للحرب وقد صوب العدو بندقيتة نحو المواطنين العزل بدلا من مقاتلة الجيش، لا للحرب، وقد تعطلت المؤسسات الخدمية بسبب إحتماء العدو وإختبائه بتلك المرافق. إن ممارسات المتمردين من إرهاب وإغتصاب وإختطاف والتي إستهدفت ممتلكات المواطنين وعرضهم، تجعل شعار “لا للحرب شعارا” شعار موغل في الخنوع والاستسلام، والذل والهوان، والخداع والتضليل، والاسغفال والاستهبال، ويفتقد لأهم سمات الرجولة والحميّة والمروءة والإباء والإعتزاز والأنفة والإنتفاض لإنتقاص الكرامة والثأر لها. لا للحرب، ودعاة هذا الشعار من السياسيين والإعلاميين و الناشطين يساوون في مواقفهم الخانعة بين الجيش السوداني الباسل، ومتمردي الدعم السريع الخاسر. إن شعار لا للحرب يتبناه ويروج له حلفاء المتمردين، وهو شعار فاقد للمحتوى لا يعبر عن إرادة الشعب لا مضمونا ولا هدفا، بل يفتقر للنخوة والرجولة التي عرف بها الشعب السوداني. لا للحرب، ليس موقفا استراتيجيا يسعى لتجنيب البلاد ويلات الحرب والدمار، انما هو موقف تكتيكيا براغماتيا إنتهازيا تأسس على كراهية الإسلاميين والخوف من عودتهم لسدة الحكم. يمارس دعاة شعار لا للحرب العمالة في أبهى صورها بعلم او جهل، وذلك بالتخابر والدعم المعلوماتي والتخطيطي لصالح المتمردين، او بالتخذيل والتقليل من قدر الجيش وإنتصاراته، او بإيهام الشعب بعدم جدوى الحرب التي لا منتصر فيها، او بالصمت وعدم إدانة تجاوزات المليشيا المتمردة. لا للحرب، وحلفاء دعاة هذا الشعار من المتمردين يخرقون الهدن ويخالفون كل بنود الإتفاقيات التي تمت قبل ان يجف حبرها الأمر الذي يؤكد حرص المتمردين على إستمرارها وليس إيقافها فكان الأولى بهم إسداء النصح لحليفهم المتمرد. نعم للجهود السلمية لحل الأزمة وإيقاف الحرب بما يحفظ وحدة السودان وكرامة اهله، وصون مؤسساته، وبنيته التحتية من الخراب والدمار، وليس بلإستسلام للعدو، والصمت عن إنتهاكاته، والتطبيع مع طموحاته في الحكم عبر القهر والحديد والنار.
3
تكتنف شعار “لا للحرب” شكوكا كبيرة وريبة عريضة، وذلك لأن دعاة هذا الشعار هم حلفاء المتمرد حميدتي الذين تواثقوا معه من قبل لنصرته ودعمه في طموحه السلطوي، وفي مشروعه الهادف لخروج قواته من سيطرة قيادة الجيش، ووعده بإتمام عملية دمج قواته في الجيش ستتم خلال عشرة سنوات، ونظير ذلك يرد لهم المتمرد حميدتي التحية بأفضل منها وذلك بتمكينهم من السطلة عبر الاتفاق الإطاري ودستور تسيرية المحامين. كذلك فإن ما يدعو للريبة والشك في نوايا دعاة لا للحرب أنهم هم الذين قادوا حملة تسويق المتمرد حميدتي كقائد ملهم يسعى لإرساء مبادئ الديمقراطية والحكم الراشد واجتهدوا لتحسين صورته لدى الشعب السوداني بإضفاء بعض الإكسسوارات والمساحيق التي تحجب جرائمه في دارفور وفي فض الاعتصام، وتعظيم دوره في القضاء على التمرد بغرب السودان، وإبراز دعمه للثورة وحمايتها، وأن الدعم السريع قوة ضاربة لا يمكن هزيمتها ولديه علاقات خارجية راسخة تستطيع تغيير موازين القوى في حالة نشوب أي صراع يكون الدعم السريع طرفا فيه. الم يكن حميدتي حليف دعاة لا للحرب، الذي سعى معهم لتفكيك الجيش وتنفيذ رغباتهم في ذلك وصرح بأمانيِّهم في إجراء جراحات عميقة لإصلاح الجيش بل ذهب بعضهم للحديث صراحة عن دمج الجيش في الدعم السريع وليس العكس. الم يكن دعاة لا للحرب، هم الذين طالبوا مجلس الأمن بتنفيذ حظر ضد طيران القوات المسلحة لمّا إشتد عويل وصياح حليفهم من ضربات الطيران الموجعة، الم يطالبوا المجتمع الدولي بتسليح المتمردين بسلاح اقوى لدحر الجيش الوطني. إن هدف المناصرة المتدثرة بشعار لا للحرب هي محاولة لإدراك احلام اصحاب شعار لا للحرب والتي حواها الاتفاق الإطاري وارتبط تنفيذها بحليفهم المتمرد. إن التحالف المعلن بين دعاة لا للحرب وقائد التمرد، يضعف مصداقية الشعار ويقدح في نوايا اصحابه ويجعلهم غير جديرين ولا مؤهلين لرفع هذا الشعار وهم شركاء وحلفاء للمتمردين،
فلا يمكن لدعاة لا للحرب، تحقيق السلام عبر هذا الشعار او بذل وإسداء النصح لخصم حليفهم فلا يمكن لمتخيز أن يسعى بالعدل او ينطق بالحق، او يحقق صلح، او يوقف حرب. فشلت الانتليجنسيا التي ترفع شعار “لا للحرب” في إصدار بيانات تدين الممارسات الفاسدة التي نفذتها المليشيا المتمردة بدلا من إنتقاد القوات المسلحة ومحاولة تحميل جهات متوهمة مسؤولية إشعال الحرب.
4
ليس من الوطنية في شئ رفع شعار “لا للحرب”، والجيش يخوض معركة تحرير وليس رد عدوان، حرب لمناهضة إحتلال كامل لمدينة الخرطوم وليس مدافعة قوى تريد دخولها من إحدى جبهاتها، حرب وقودها العمالة والخيانة والغدر واللؤم. لا للحرب، وقد تأسس القتال في الحرب الدائرة على قواعد جديدة لا تمت بشئ لقواعد الاشتباك المعروفة عالميا في الحروب، بل جاء المتمرد بأساليب خسيسة ودنيئة في القتال، كإرهاب المواطنين العزل وإزلالهم وطردهم من منازلهم، ونهب ممتلكاتهم، وإغتصاب حرائرهم، والإختباء في المرافق الخدمية والمناطق الرخوة، وإحتلال المستشفيات وتدنيس المساجد وتنجيس المدارس والجامعات. إن الحرب القائمة والتي يقودها المتمردين والمرتزقة ليست حرب ضد الجيش، إنما هي حرب ضد المواطنين العزل، فلم تجرأ القوات المتمردة على إحتلال مقر واحد تابع للجيش بعد إندلاع الحرب، بل دمر الجيش كل معسكرات العدو واسترد معظم المقار العسكرية التي كانت تحت سيطرته سلما وليس حربا، لم يلتقي المتمردين كفاحا في معركة مع الجيش إلا خسروها، ولاذوا من جبنهم وخستهم بمنازل المواكنين بل إستمرأوا الاستئساد على المواطنين العزل فيما هم أمام الجيش حمائم ونعائم تتخذ من النساء والأطفال دروعا بشرية، مجافية بذلك كل القيم والاخلاق والمثل، بل حادوا عن شعاراتهم وتهديداتهم التي عرفوا بها ” ديك النقة” وقد إختبؤوا بالمنازل والمساجد والمستشفيات وتركوا النقعة، و”مطر بدون براق” وقد افزعهم وارعبهم مطر سلاح الجو، فهاهم هائمين على وجوههم دون مأوى ولا قيادة، يختبئون في منازل المواطنين ويخلعون ملابسهم ويهربون بعد ان نالوا ما يستحقون من الضربات الموجعة، والدروس التي لن ينسوها، والعبر التي سيسطرها التاريخ، إلا أن اصحاب النفوس المريضة التي اسرفت في العداء للجيش من دعاة لا للحرب، وسعت من قبل لتفكيكه والنيل من مهنيته وتشويه سمعته واتهامه في عقيدته وانتمائه يحاولون بإستماتة تبخيس صمود الجيش والتقليل من إنتصاراته ونجاحه في سحق المؤامرة في مهدها، وتشويه صورته الذهنية وكأنه جيش عاجز عن حماية المواطن، وهذا كذب وإفتراء فما زال الجيش ممسكا بزمام المباداءة والمبادرة وأنه ظل يحقق إنتصارا تلو الإنتصار وهو يواجه في مدينة واحدة أكثر من مائة ألف متمرد ومرتزق بكامل جاهزيتهم في معركة تتطلب كثير من التريث والصبر والحكمة، وتتداخل وتتقاطع فيها مصالح دول اجنبية واجهزة مخابرات عالمية، وارتال من العملاء والجواسيس من اصحاب النفوس الرخيصة والذمم الوضيعة. إن الجيش ليس متراخيا ولا متكاسل كما يروج أصحاب شعار لا للحرب، الذين بلغت بهم الخسة والدناءة ان يطلقوا على الجيش القومي عبارة “ما يسمى بالقوات المسلحة” ولكن لكل معركة ظروفها وتكتيكها فمعارك حرب المدن لا تدار بالطرق التقليدية وأسلوب المعارك المفتوحة، فهي تعتمد على استنزاف قدرات العدو، ويعمل الجيش على ذلك وقد حقق نجاحا باهرا، فلا تستعجلوا النصر، ولا تنزعجوا من كثافة إنتشار المتمردين في طرقات العاصمة، فهو إنتشار بلا فاعلية ونفوذ غير نهب المواطن الابرياء وسلب ممتلكاتهم، فالجيش لا يريد الدخول في حرب شوارع حتى لا يبدد طاقاته وقدراته بملاحقة المتمردين بين الازقة والطرقات.
5
إن المنن في طي المحن، فإن من أعظم منن هذه الحرب هي التفاف الشعب السوداني حول قواته المسلحة بعد محاولات جسام قادها حلفاء المتمردين الذين يرفعون شعار “لا للحرب” لإيقاع الفتنة بين الشعب والجيش وعزله عن عمقه الشعبي والجماهيري وهي لم تكن المحاولة الأولى فقد سبقتها حملة ( معليش ما عندنا جيش) إلا أن الشعب كيس وفطن ومدرك إلى ان الحفاظ علي كيان الدولة السودانية والحفاظ علي حياته وامنه وممتلكاته يكمن في إلتفافه ودعمه للجيش الوطني. كذلك من المنن تحطيم مفهوم ان المال والسلاح يمكن ان يصنعا مجدا ويشيدا وطنا ويمكنان من تولي السلطة عنوة فقد إنهارت مملكة السلطان والمال التي تهيئت لها كل وسائل النجاح المادية في لمحٍ من البصر.
6
عجبت لقوم يرفعون شعار “لا للحرب” ويجتهدون في ظل هذه الظروف التي يقود فيه الجيش حرب تحرير في إقحام اجندتهم السياسية مثلهم كمثل “الطلقوها وبالها في الرجوع” يتحدثون عن العملية السياسية وعن الثورة التي أضاعوها وباعوا دماء شهدائها ينشطون تحت تحالف جديد أشبه بتحالف قوى الحرية والتغيير النموذج السئ للإنتهازية والبراغماتية، ما زالت اقلامهم المأجورة والمأفونة تنافق شعبها بالتمسك بعودة الأطراف العسكرية إلى الثكنات وقد ارتمت في احضان المتمردين العسكر ورضعت من سحتهم حتى ارتوت، وثملت من قيحهم النتن حتى صارت لا تفرق بين الخيانة والعمالة، وبين النزاهة والشجاعة. مازالوا في هذه الظروف التي يخوض فيها الجيش معركة الكرامة يتحدثون عن بناء جيش جديد قائم على احلامهم الفطيرة، وتمنياتهم العبيطة، يشمل القوات المسلحة والدعم السريع. عجبي من دعاة لا للحرب الذين يدعون الوطنية والمعرفة والثقافة المطلقة والإلهام الإلاهي في السياسة وهم يحاولون تضليل البسطاء بتغيروا اسباب نشوب الحرب من حرب ضد مليشيا متمردة واسرة تطمح في تولي السلطة وحكم السودان بالسلاح والمال، الى حرب هدفها استعادة النظام السابق يقودها الكيزان. إن من العبط والغباء أن يفكر حلفاء المتمردين دعاة لا للحرب في العودة مجددا للمشهد السياسي السوداني فقد سئم الشعب فشلهم في إدارة الفترة الانتقالية، وفشلهم في تحقيق اهداف الثورة، وفشلهم في القصاص لدم الشهداء، فشلهم في إدارة خلافاتهم في تحالف قوى الحرية والتغيير حتى ذهب ادراج الرياح وتفرقت به السبل، سئم مناصرتهم المكشوفة كفصيل سياسي للمتمردين، سئم تربصهم بالاحهزة الأمنية والسعي لتفكيكها تحت دعوى إصلاحها، سئم دعوتهم للمجتمع الدولي لمناصرة المتمردين، سئم هروبهم الجماعي في مواكب إجلاء الاجانب، فكيف لهؤلاء أن يفكروا في قيادة الشعب من جديد.
سيهزم الجمع ويولون الدبر.

Krimhashimi5@gmail.com
0912677147

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق