إسماعيل جبريل تيسو:
لم يكن مستغرباً أن يجد خطاب مساعد القائد العام للقوات المسلحة السودانية الفريق أول ركن ياسر العطا، كل هذا التجاوب والتفاعل والإعجاب من قبل جماهير الشعب السوداني التي ما انفكت تصلى سعير هذه الحرب المدمرة وتكتوي بنيران إفرازاتها الإنسانية الصادمة، وتصبر في الوقت نفسه على تداعياتها المرهقة روحياً ونفسياً وجسدياً ومالياً.
لقد كان خطاب الفريق ياسر العطا مُتنفَساً واقعياً لجماهير الشعب السوداني لكونه أول مسؤول حكومي يلامس الوجع الحقيقي الذي يعتمل في صدورهم وهو يعلن صراحة وبشجاعة كبيرة ضلوع دولة الإمارات في إشعال فتيل الحرب ودعم متمردي الدعم السريع بالمال والعتاد والمعدات الحربية ونقلها عبر مطارات دول شقيقة وجارة سواءاً في يوغندا أو أفريقيا الوسطى أو تشاد.
لم تكن المعلومات التي أوردها الفريق ياسر العطا في خطابه (المباشر )، جديدة على أذان وأسماع معظم جماهير الشعب السوداني، فقد كانت هذه المعلومات مبذولة ومتاحة على منصات التواصل الاجتماعي والسوشيال ميديا، وكانت تُقرأ بشيء من الدهشة والاستغراب وعدم التصديق رغم قرائن الأحوال التي تؤكد وجود علاقات ومصالح مشتركة بين دولة الإمارات وقائد ميليشيا الدعم السريع الهالك محمد حمدان دقلو.
لقد ظلت الكثير من الأسئلة تثار وتشغل الأفئدة والقلوب والألباب عن سر الصمت الغريب والعجيب من قبل الحكومة السودانية تجاه المواقف الإماراتية الداعمة لميليشيا الدعم السريع في حربها على السودان؟ لماذا اكتفت الحكومة بإشارات فقط كان يرسلها الناطق الرسمي باسم الجيش في بياناته اليومية عن تدمير أو استلام دبابة إماراتية الصُنع؟ لماذا تعمدت الحكومة التكتم على الدعم الإماراتي للمتمردين ولم تكشف المستور وتعلنه صراحة أمام الرأي العام السوداني وأمام المجتمع الدولي؟
لقد فعلها الفريق ياسر العطا في خطابه وأعلنها صراحة، وكان الإعلان مقصوداً خرج مرتباً يحكي مراحل الدعم وتنقله عبر المطارات، وتجاوزه لكافة العراقيل والمتغيرات الدولية والإقليمية ليصل إلى أيدي ميليشيا الدعم السريع، لم ينفعل الفريق ياسر العطا وهو يعلن هذا الأمر، مما يعني أنه ينطلق من أرضية ثابتة، وموقف واثق، وأن توقيت هذا الإعلان له ما بعده، سواءاً على الصعيد العسكري ميدانياً، أو حتى على الصعيد الحكومي سياسياً.
إن ما يهم الشعب السوداني في الوقت الراهن هو انتصار القوات المسلحة السودانية ودحر ميليشيا الدعم السريع ومحوها من الوجود، وهي ترتيبات حسب خطاب الفريق ياسر العطا تمضي وفق استراتيجيات وخطط تضعها القيادة العامة للجيش، ولكن ذلك لا يعني أن يغض الجيش والحكومة الطرف عن أشياء تبدو في تقديري مهمة جداً، كاستمرار وجود السفير الإماراتي في بورتسودان، واستمرار وجود السفير السوداني في أبوظبي، لابد من صفعة في وجه الإمارات عبر موقف سياسي ودبلوماسي شجاع يحفظ ماء الوجه، ويعيد الاعتبار ،ويستعيد عافية الإرادة وقوة القرار، وأن تأتي متأخراً خيرٌ من ألا تأتي مطلقاً.