مقالات

د.محمد الجاك سليمان يكتب: الحرب الدائرة في السودان تأثيراتها و مقترحات الحلول

ان الحرب الدائرة في السودان الآن قد أثرت على الكثير من السكان. أول هذه التأثيرات موجات النزوح للداخل و اللجوء إلى بعض الدول حيث تشير بعض التقديرات إلى ان ما لايقل عن ٦ مليون شخص قد فقدوا مأواهم و تشردوا من مناطق سكناهم الأصلية، ثانيا فقد معظم الذين تشردوا مصادر دخولهم. كما ان الموظفين في القطاعين العام و الخاص فقدوا دخولهم. كما فقد الكثير من الناس أموالهم و منقولاتهم و عقاراتهم و مصانعهم و متاجرهم
ايضا فقد البعض جزء او كل آحباءهم فمنهم من لقى حتفه متاثرا بطلق ناري مباشر او قصف مدفعي خاطىء كما أن البعض مات نتيجة لنقص الرعاية الصحية و أحيانا انعدامها لإغلاق المرافق الصحية في الخرطوم و بعض مدن دارفور او نقصان الأدوية و المستلزمات الطبية مثل مستلزمات الأمراض المزمنة
على سبيل المثال مرضى الكلى و السكري و أمراض القلب
ايضا اوقفت الحرب النظام التعليمي في جميع مراحله حيث تشير بعض التقديرات الي ان حوالي ٢٣ مليون طالبا و تلميذا قد انقطعوا تماما عن فصولهم و مزاولة الدراسة كما اصاب الشلل تقريبا قطاعي الأمن والعدالة.
كذلك فإن الحرب قد أثرت على كل الأنشطة الاقتصادية و الاجتماعية حيث نجد ان الكثير من القطاعات المرتبطة بالنشاط الاقتصادي قد تاثرث بشكل مباشر وغير مباشر سواء في قطاع النقل أو التجارة أو القطاع السياحي والخدمي وورش الصيانة والمطاعم و غيرها قد تأثرت كليا او جزئيا جراء الحرب الدائرة.
اجمالا يمكن القول بأن الحرب الدائرة الان قد ادت الي تعميق الأزمة الاقتصادية و المعيشة وارتفاع حجم التحديات حيث تعاظم حجم الركود الاقتصادي الذي أصاب القطاع الاقتصادي بشقيه الانتاجي و الخدمي في السودان بمقتل. على سبيل المثال كان قطاع المقاولات و العقارات و الزراعة الالية توظف الملايين من العمال الأكثر فقرا والأقل تأهيلا الذين كانوا يعملون في ظل رواج تلك الانشطة وقد تسبب هذا الوضع في تراجع كبير في دخول مختلف اصحاب العمل و رجال الأعمال بدءا من تدني عوائد المزارع و المصانع و المناجم و المحاجر في الولايات التي لم تصلها الحرب حيث تشير الدلائل الي ان مصانع الاسمنت و السكر و كلها في الولايات قد تراجع انتاجها و مبيعاتها بنسبة كبيرة ونفس الحال في توقف اعمال المقاولات و عوائد الصناعة و الزراعة و القطاع التجاري و فقدان سائقي ومالكي الشاحنات دخولهم والذي جاء على إثر الركود العميق الذي شهده ويشهدة السودان حاليا كما انعكس ذلك على تدني دخول أصحاب البقالات والمطاعم وغيرها من الأنشطة الخدمية التي وجدت نفسها متعثرة وبنسبة كبيرة جدا وانتقل جزء كبير من العاملين وسيارات النقل الى مناطق أخرى ومعظهم عرض اعماله وانشطتة للبيع وبأسعار بخسة مع ركود اوتوقف الأنشطة الاقتصادية في مدن و إقاليم السودان المتاثرة بالحرب.
وعلى الرغم من أن الركود الذي يشهده قطاع الاقتصاد يرجع ايضا الي بعض العوامل الخارجية بشكل رئيس بعد أن وجه المغتربون تحويلاتهم التي كانت تسهم بنسبة كبيرة في إنعاش ورواج القطاع الاقتصادي في بلدهم إلى الاستثمار في مناطق عملهم بعد أن فتحت اغلب دول الخليج مؤخرا الابواب و الفرص أمام المغتربين العاملين في بلادها للاستثمار في المناطق الصناعية والمدن السكنية الضخمة التي شرعت في بنائها وفق الرؤية الاقتصادية الحالية الجاذبة للاستثمار في تلك الدول.
هذا الوضع مع تأثر القطاع الاقتصادي سلبا كان ينبغي أن تكون المعالجة له مختلفة تماما لا أن تزيد التحديات أمام المشتغلين في القطاع الاقتصادي،
كان يتعين أن تكون أمام الدولة والمجالس المحلية رؤية اقتصادية لمعالجة الصعوبات والتقليل من حجم ركود القطاعات الاقتصادية و تتجه لتوفير الحوافز التي تضمن استمرار وتشجيع نشاط القطاعات الانتاجية من زراعة و صناعة و خدمات و غيرها.
عليه يمكن القول أن الأزمة الاقتصادية الحالية والاثار الاجتماعية والمعيشية التي ترتبت على تراجع النشاطات الإنتاجية و الخدمية و التي ترافقت وتعززت مع تراجع قطاع الاقتصاد انعكست آثارها على انخفاض الطلب على المنتجات و الخدمات بالإضافة لما ذكرنا من العوامل تٱكلت دخول المواطنين مع تدهور سعر الصرف فقد أدى ذلك إلى تراجع الاستهلاك الكلي وبالتالي تراجع الناتج المحلي الإجمالي للبلاد .
وللأسف الشديد يحدث ذلك في ظل توقف عوائد الضرائب و الجمارك ومدخلات الصادرات المختلفة و تحويلات المغتربين التي تمول موازنة الدولة بالموارد وتصرف على رواتب موظفي الدولة وكانت محصلة كل هذه العوامل أزمة اقتصادية و اجتماعية ومعيشية خانقة و غير مسبوقة .
ختاما و للخروج من هذه الازمة الطاحنة لابد ان تراجع الحكومة و الجهات المختصة في الدولة على وجه الخصوص إجراءات منح رخص مزاولة الاعمال وازالة التعقيدات والمعوقات التنظيمية والامنية وتقليل تعدد الجهات المسؤولة عن منح التراخيص وترك الناس تنتج و تبيع وتشتري بكل حرية و أريحية بقليل من القانون وبكثير من العمل.
ولن يتاتى ذلك إلا في ضوء اجراء دراسات اقتصادية سريعة و جادة لمعرفة الآثار والأضرار الاقتصادية والمعيشية التي ترتبت على هذه الحرب مع تراجع قطاع الانتاج و الأنشطة المرتبطة به التي كانت تعمل وتؤمن مدخلات القطاعات الإنتاجية من صناعة وزراعة و قطاع الصناعات الاستخراجية و قطاع الخدمات و على راسه النقل و التعليم و الصحة و ما يليها. إننا نرجو من حكومة الأمر الواقع ان لاتبقى متفرجة ولابد من برنامج إسعافي لتخفيف الضرر على الاقتصاد الكلي.
في هذا السياق نقترح أن تجرى الحكومة تقييما اقتصاديا وإداريا وماليا في ظل المتغيرات التي حدثت ومعالجة الأسباب التي أدت إلى زيادة تراجع النشاط الاقتصادي و تراجع عوائده. ويجب أن يتم هذا التقييم بالتنسيق مع الوزارات و الجهات ذات الصلةمن مراكز بحوث و جامعات و بيوث خبرة مؤهلة للقيام بذلك و ان وترفع نتائج التقييم مع المقترحات اللازمة إلى حكومة الأمر الواقع في السودان باتجاه معالجة و توفير الحوافز وزيادة عمليات الجذب التي تؤمن إعادة نشاط الادنى . هذا و بالله التوفيق

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق