مقالاتمنوعات وفنون

عبدالكريم إبراهيم يكتب: الكندا عند مواطني الحلفايا

تظل (الكندا) من أقدم وسائل الترحيل في خطوط المواصلات التي عملت في مناطق عدة في السودان العاصمة والولايات خلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضي بجانب(البصات) كما حكا لي بعض المعاصرين لها، تنقل المواطنين لوجهاتهم المختلفة بجانب المناسبات والفعاليات وهي تشبه عربة (الكومر ) نوع من اللواري القديمة ادخلت عليها بعض التعديلات بإضافة صندوق و مقاعد خشبية طويلة تشبه كنب المدارس،لها باب خلفي واحد يدخل ويخرج من خلاله الركاب بجانب مقعدين أماميين إلى جانب السائق ، يقودها سائقون مهرة وتستمتع برحلة سعيدة بها مع الأحبة والأصدقاء بل إن البعض غنى لها كما وصلني (الكندا. الشينة ، الصارة عينه، سواقه اضينه. ما بركب فيها ،، الكندا ام سلم،، سواقه معلم وشلوخو سلم ) .


وتعد مدينة الخرطوم بحري إحدى أهم الخطوط التي عملت بها (الكندا) خاصة خط بحري ، شمبات ، الحلفايا ، الكدرو ، واوسي ، الخوجلاب ، الفكي هاشم، السقاي ، الجيلي ،، كان لها موقف معروف في بحري ( موقف الحلفاية ) بالقرب من مستشفى بحري ،، الحلفايا كما اشرت لها مسبقا احد الخطوط التي عملت بها (الكندا) و الصورة المرفقة تقف شاهدا لما ذكرته سلفا ،، حين خرج المواطنون شيبا وشبابا وهم على مقاعد كنفوي (كندات) ممتلئة تماما بهم حتى سقوفها في سنة ما للتعبير عن فرحتهم بحدث وتغيير حصل .


تعرفت على ثلاث روايات متباينات تحكي عن هذه الصورة التاريخية التوثيقية والحشود الجماهيرية الضخمة للعربة (الكندا) ،، حيث اقر كل من عمنا عبد الهادي حسن عبد الهادي (الحاج حسونة) ، يس محمد الهادي (حاج يس ) وعبد الرحيم صباحي حمد حفظهم الله ومتعهم بالصحة والعافية انها تخص مواطني الحلفايا فعلا ،، ولكنهم اختلفوا في مناسبتها وتاريخ التقاطها.

احدهم ذكر بأنها يرجح تاريخها لإحتفالات الحلفايا بأعياد الإستقلال في العام 1956 عند مرور الرئيس وقتها الزعيم الخالد اسماعيل الأزهري بشارع الحلفايا الرئيس بغرض تحيته ، وآخر أكد بأن تاريخها يرجع للعام 1958 عند مرور الرئيس عبود بشارع الحلفايا نفسه ، وثالث اوضح انها تعود للعام 1964 عند مرور رئيس مجلس الوزراء سر الختم الخليفة بشارع المعونة بغرض تحيته و منهم من قال انها لحضور فعالية احتفالية اقيمت بقرية النية شمالي الجيلي ،الذكرى السنوية لإستقلال البلاد وارجح هذه الرواية الأخيرة حيث اكد البعض أنها تم التقاطها فى العام 1964 مستدلين على أن صوراً لثلاثة مواطنين تم التعرف عليهم من أهالي الحلفايا يجلسون على رأس مقدمة ( الكندا).

وعلى كل، فإن مدينة حلفاية الملوك (الكندا) تمثل لهم تراثا وارثا مهما بلا منازع ،، وحكى لي يس محمد الهادي المعروف ب (حاج يس ) حفظه الله انه كان قد عمل بها في وقت مضى كمساريا ،، وعدد” من كانوا يملكون (الكندا) او يقودونها من مواطني الحلفايا منهم اعمامنا ،، عبد الله حسونة ، محجوب ابوالعلا ، طه ودسيدي ، علي خدره ، حسن محمد خوجلي الشهير ب (حسن ام دولة ) ، الصديق وديابا ، حسن حسين البلال ،احمد محمد علي مالك ( ابوحميد)، نابري، الصديق الحسن ، الحاج العوض ابويونس ، يونس العوض ، يس علي السيد ، علي محمد الحسن الشنقيطي ، عبد العال البرديسي ، عبد الرحيم عبد العال ، حمدان ، جبريل ودياب ابوزيد ، السيد صالح ، الفاتح سليمان (ود ريلة) ، عبد الغني ادريس ، الفاضل الحسن محمد نور ، حمزه البلوله ، حسن خوجلي ، عبد الغفار داموس ، خالد الميز ، جابر كازو ، لهم جميعا الرحمة والمغفرة والعتق من النار والجنات العلا ،، وكما ذكرت آنفا فقد كانت سيفونية رائعة تغنى لها الكثيرون منهم من قال (الكندا) ام سلم سواقها معلم … الخ الكلمات التي اتحفنا بها استاذنا ابراهيم الدابي المذكوره بعاليه واغنية ،، بلالي سواقنا ياأبوحميد ،، ودور بينا البلد ده احرق الجزلين والوابور جاز ،، دور بي حريقه دور بي ،، كلها كلمات اغاني لسائقي (الكندا) المهرة .

ويردد أن اسمها قد اشتق من دولة كندا شمالي امريكا الشمالية بإعتبارها الدولة المصنعة (لم اتحقق منها) كما يقال ان أول من ادخل الكندا في الحلفايا محمد علي العوض ابويونس كان يأتي بها من اثيوبيا كمخلفات حرب الطليان خمسينات القرن الماضي.

ويؤكد الأستاذ محجوب حسن العوض أن الكندا تم تصنيعها للجيش الانجليزي ووصفها بأنها تمتاز بالقوة والصمود ويشير إلى أن الصور المرفقة بالمقال مرحلة إلى مابعد (الكندا) مرحلة الفورد والأوستن قبل ظهور العربة السفنجة .
ومن الطرائف التي تحكى عن (الكندا) نختم بها المقال أن كمساريا كان يعمل مع عمنا المرحوم السر الإمام علي رحمه الله و عند إفطارهم قد طلب وجبة (لحمة) بينما طلب السائق طبق( فول) عادي وعند الحساب تم اخطارهم بأن تكلفة( اللحمة) تبلغ( عشرة) قروش بينما (الفول ) ( خمسة) قروش، عندها قال السائق عمنا السر للكمساري : تعال سوق انت وأديني الشنطة اشتغل كمساري بدلا عنك، رحم الله العم السر الإمام علي والذي يعد من أشهر سائقي (الكندا) المهرة في الحلفايا.

الرحمة والمغفرة للموسيقار الرياضي الفنان المصور الإنسان فيصل محمد نصر الذي كان له الفضل في التوثيق لمناسبات وفعاليات الحلفايا المختلفة وكان حظنا هذه اللقطة الخالدة الحاشدة لمواطني الحلفايا في العام 1964 وهم يخرجون للتعبير عن فرحتهم بذكرى استقلال السودان والتحية والعرفان لإبن اخته عصمت مصطفى الذي أمدنا بهذه الصورة المعبرة من أرشيف الفقيد فيصل محمد نصر.

 

 

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق