مقالات

قرار إنهاء يونتامس.. بداية لمشوار التفاؤل

حدود المنطق

إسماعيل جبريل تيسو:

ولم يخيِّب مجلس الأمن الدولي ظن الحكومة السودانية وهو يستجيب لطلبها بإنهاء ولاية بعثة الأمم المتحدة في السودان ( يونتامس ) والتي كان يفترض منها مساعدة السودان في تحقيق الانتقال الديمقراطي السلس، ولكنها فشلت في التفويض الممنوح لها، فلم يجد مجلس الأمن بُدّاً من الاستجابة لطلب الحكومة السودانية، فأصدر قراره رقم 2715 والذي أنهى بموجبه ولاية يعثة ( يونتامس) اعتباراً من الأحد الثالث من ديمسبر 2023م.

ويمثل إنهاء ولاية بعثة الأمم المتحدة في السودان يونتامس، انتصاراً جديداً للحكومة السودانية ودبلوماسيتها الرسمية التي نجحت في إقناع مجلس الأمن الدولي بفشل بعثة اليونتامس وعدم تمكنها من الإيفاء بالتزاماتها تجاه السودان وفقا لنص التفويض الممنوح، واتهمتها صراحة بالإسهام في تعقيد الأوضاع بدلاً عن معالجتها، وإصرارها على غض الطرف والسمع والتجاهل والإعراض عن كل الملاحظات التي ظل يبديها مسؤولو الحكومة السودانية بشأن الأداء السالب الذي ميز نشاط البعثة منذ تسلمها مهامها في العام 2021م.

وعلى عكس الحكومة السودانية، فقد كان قرار إنهاء ولاية بعثة الأمم المتحدة في السودان، بمثابة لطمة قوية في وجه تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية ( تقدم) بقيادة رئيس الوزراء المستقيل دكتور عبد الله حمدوك، والذي كان قد خالف كل التوقعات وخاطب كلاً من رئيس مجلس الأمن الدولي، والأمين العام للأمم المتحدة مطالباً إياهما بالموافقة على إبقاء وتمديد تفويض بعثة يونتامس في السودان، الأمر الذي أثار سخرية العالم، وربما كان سبباً مباشراً في استجابة 14 دولة من أصل 15 عضواً في مجلس الأمن لطلب الحكومة السودانية بإنهاء ولاية بعثة الأمم المتحدة في السودان.

ليت حمدوك ومن يقف وراءه من الناشطين والمراهقين في بلاط السياسة، يستفيدوا من هذا الدرس القاسي الذي قدمته لهم الأمم المتحدة بتجاهلهم، بعد أن أدركت مدى جهلهم بأعراف ومواثيق المنظمة الدولية التي لا تتعامل مع أحزاب وتنظيمات وناشطين سياسيين ارتموا في أحضان العمالة والارتزاق، وباعوا مواقفهم بثمن بخس دراهم معدودة لتمرير أجندات خفية لجهات لا تريد لجسد السودان عافية أو راحة، وإنما تسعى للنيل منه واستغلال ثرواته عبر بوابة استعمار جديد يتجدد عبر استخدام أبنائه ممن مزقوا جنسياتهم الأصلية، وارتضوا بجنسيات بديلة يراهنون عليها من أجل تفتيت وحدة وتماسك وطنهم الأصلي بعد أن فشلوا في حكمه.

ولعل من حسن طالع الحكومة السودانية أن قرار إنهاء ولاية بعثة الأمم المتحدة في السودان يونتامس، قد جاء عقب سويعات من تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش المهتمة بحقوق الإنسان، والذي أدان الجرائم والفظائع والانتهاكات الواسعة التي ارتكبتها ميليشيا الدعم السريع الإرهابية المتمردة في ولاية غرب دارفور، حيث طالبت المنظمة الحقوقية كلاً من الاتحاد الأوربي والمملكة المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيقاد والحكومات المعنية، بفرض عقوبات على ميليشيا الدعم السريع جراء الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها في دارفور.

تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش بإدانة الانتهاكات الجسيمة لميليشيا الدعم السريع وفرض عقوبات عليها، مقروءاً مع قرار مجلس الأمن الدولي بإنهاء ولاية بعثة الأمم المتحدة في السودان يونتامس، يمثل شارة خضراء لانطلاقة الحكومة السودانية في كافة الاتجاهات بإعمال أدواتها السياسية والدبلوماسية لتعرية ميليشيا الدعم السريع وكشف عوراتها أمام المجتمع الدولي ومنظماته الإنسانية والحقوقية من جهة، وتحريك آلياتها العسكرية وإطلاق يد الجيش للقضاء على الميليشيا المتمردة ومحوها من خارطة الوجود في المشهد السوداني من جهة أخرى.

لقد نجحت الحكومة السودانية في تجاوز صدمة البدايات التي نجمت عن تمرد ميليشيا الدعم السريع، وقلبها لظهر المِجَن بإشعالها فتيل الحرب، فاستطاعت الحكومة خلال فترة وجيزة تحقيق اختراقات مهمة وكبيرة في العديد من المستويات أبرزها التعامل مع المجتمع الدولي واستعادة قوة الإرادة وصلابة المواقف وشجاعة القرار، الأمر يبشِّر بأن سودان ما بعد الحرب سيكون مختلفاً وخالياً من الخونة والعملاء، فما تبقَّى في مشوار نظافة الخرطوم من المتمردين ليس طويلاً، ويظل باب الأمل مفتوحاً على مصراعيه أمام استعادة الأمن والأمان، ليعود النازحون واللاجئون إلى ديارهم، وتعود السيرة الأولى لسودان الشهامة والكرم والوعد والقمح والتمني، ويا وطني، سلمت غداً نحقق مشرق الأمل.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق