حوارات وتحقيقات

“الساقية” تحاصره بين “ضحوة” و”عصرية” قلع تيراب البصل….! الصحفي-المزارع ينثر خلاصة تجربته في مؤانسة الموسم..!!

حسن حميدة: بعد تجربتي في السوكي أصبحت عاملا ولم أعد مزارعا

بعض مزارعي البصل انتحروا بسبب تدني سعره..

لاحقه -عبر الماسنجر – بالسؤال تلو السؤال : عبدالله رزق أبوسيمازة

حسن حميدة، ترك خلفه ماجستير الدراسات الاستراتيجية، وبكلاريوس الصحافة وسنوات خبرة طويلة ممتازة في إدارة اقسام الأخبار في العديد من الصحف واتجه لفلاحة الأرض، مابين شندي وسنار وغيرها، فسنوات الأزمة العامة في البلاد التي أناخت بكلكلها على الصحف التي بدأت في التوقف تباعا لتدفع العاملين بها في مشوار قاس للبحث عن مهنة بديلة ومستحيلة لكسب العيش تائهين مابين الباعة الجائلين والفريشة وغيرهم من الهامشيين.

شهدت اتجاه أستاذ حسن حميدة للزراعة “بضراعه ” ومع ذلك لم يتخل عن مهنة المتاعب.وهو يستبدلها بمهنة متاعب أخرى، أكثر مشقة، فقد حرص -مشكورا – على تغطية عمله ونشاطه الزراعي وما يحيط به من أحداث آخرها ما أورده في صفحته على فيسبوك عن نشاط عصابة للنهب المسلح، بين حلفا الجديدة والعطبراوي، تستهدف مزارعي البصل قرب أم شديدة من نواحي شندي الأمر الذي يرشحه لحمل لقب المزارع -الصحفي أو الصحفي-المزارع أيهما أحلى، لكن هل مرد ذلك إلى أن الصحافة تلازم صاحبها بلا فكاك مثل علة لا شفاء منها ؟

لماذا الزراعة بالذات اختيار مؤقت أم نهائي :

“الساقية ” التقت بالأستاذ حسن حميدة الصحفي المزارع، في مايمكن وصغه بمؤانسة الموسم (موسم مكابدة الانتقالات الدراماتيكية في حياة حسن حميدة من صحفي إلى مزارع ومن مزارع إلى عامل زراعي  وهكذا لحين إشعار آخر )، خلال فاصلة بين ضحوية وعصرية قلع تيراب البصل بالسوكي، وحاورته حول جوانب من تجربته في المجال بدءا من اختياره للعمل بالزراعة كبديل لامتهان الصحافة، وعما إذا كان اختيارا مؤقتا أم نهائيا، وأوجه الشبه أو الخلاف بين مهنتي المتاعب، وكيف يمكنه من واقع تجربته، تقديم نفسه أو تعريفها، وقد توحد في شخصه الصحفي والمزارع معا،  ما حظه من مهنة متاعب يميل بعض العاملين في مجالها لتشبيهها بالقمار نسبة لتحكم الحظ فيها كما يقولون، لاستحالة السيطرة على تقلبات الطقس والمناخ خاصة مع تفاقم أزمة المناخ عالميا، وعن محصلة “شقا عمره” في هذا المجال، وإذا كان بناء عليها ينصح الزملاء الصحفيين بدخوله وما افادته من تجربته وخبرته الصحفية في حقل العمل الزراعي.

ما وراء مجازفتي مع زراعة
القطن في السوكي:-

يتذكر حميدة في مستهل حديثه، مجازفته مع القطن في إطار مشروع إعلامي طموح، فالزراعة لم تأخذه بعيدة عن الإعلام والصحافة :-

الصحافة تلازمني مثل ظلي تماما فهي عندي نور يضئ دياجر الظلمات وهي عندي غير مرتبطة بالعمل في المكتب وإنما أينما وجدت مشكلة تداعت لدى أفكار المعالجة، يا استاذنا عبدالله، ومن بين الأمنيات إن يسر الله وأعان أن أنشئ مشروعا إعلاميا طموحا.

اختيار الزراعة، وبالتحديد زراعة القطن، دفعني لها ما سمعته عنها وعن أنها تدر دخلا ماليا ، يمكن من خلاله أن تحقق أحلاما وتنفذ مشاريع، بينها ما هو إعلامي وأخريات. فقد كانت سيرة الأرباح في مشروع السوكي من القطن على الألسن، في الصعيد هنالك ونقلها الزملاء لزملائهم في المتمة، فأخذنا حقائبنا واتجهنا إلى هناك، بعد أن دخل معنا فيه شريكان وأرسلا لنا قسط المال الأول، واستطعنا أن نزرع أربع حواشات في أماكن متباعدة ثم بدأت بعد ذلك المعاناة حيث انسحب ممول المشروع الذي أنجح ستة مواسم، قبل موسمنا في عام (ارجع للصفحة في الفيس تجد تاريخه) ثم تولت الحكومة الأمر وكأنما قصدت إفشال الموسم، فقد أصبحت زهرات ولوز القطن على وشك الذبول، بسبب العطش الناتج عن زيادة مياه النيل الأزرق ونقصانها وتأثير ذلك على الترعة الرئيسية للمشروع، بجانب عطل الطلمبات، فحصدنا الريح وصبرنا واحتسبنا.

كان اختيار الزراعة مؤقتا، حال فشلها يتواصل حال نجاحها لكن عن طريق تشغيل مزارعين والتفرغ للإعلام والعلم.

ما بين الزراعة والصحافة:-

كصحفي مزارع أو مزارع صحفي، على الأقل، يجد حميدة ما هو مشترك بين مهنتي المتاعب وكذا ما بينهما من اختلاف..
وكأن الزراعة تضن عليه بهويتها فإن الأهالي عمال ومزارعون ينادونه بالصحفي وهم يحتفون بالجيل من الشغيلة (ناس الصحفي )، بينما يعرف نفسه كعامل لا أكثر. ومع ذلك لم يتخل عن ممارسة الصحافة، متى ما كان ذلك ممكنا.

ويقول في هذا الصدد :-

الزراعة مرهقة جسديا أكثر من إرهاقها ذهنيا، والصحافة مرهقة ذهنيا وجسديا، أحيانا بما قد تقتضيه من الحركة بجانب كتابة النص.

الزراعة لا تعرض صاحبها للمساءلة أو البلاغات والملاحقات، كما الصحافة. اللهم إلا أن يلاحق البنك الزراعي أو غيره ، مزارعا معسرا أو متهربا من تسديد ما عليه.
الزراعة قد تعرض صاحبها لخسارة مالية فادحة، فمثلا في الموسم قبل الماضي، في جهة نهر عطبرة، ترك المزارعون البصل داخل حفره في الأرض لتدني سعره، بل إن بعضهم انتحر، وكثيرون صبروا وأعادوا الكرة وارتفع سعر البصل وربحوا البيع.

تتشابه الزراعة والصحافة في أخذ جل الوقت سواء في العمليات الزراعية المختلفة، أو في مطاردة المعلومات وتحريرها ونشرها.

يمكن أن تجد دخلا مجزيا في الزراعة، إذا صادف المحصول إنتاجية وسعرا عاليين، يمكن من خلاله أن يشتري المزارع الصغير عربة، أو يشيد منزلا أو يتزوج، كما يمكن أن يفكر من خلاله المزارع المتقدم في السن في توسيع تجربة الزراعة، وتنويع المحاصيل.

عن نفسي، أينما حللت ينادونني بالصحفي، لأن أهل البلد، إما مزارعون أو عمال بل ولا يذكرون تجربتي في السوكي، لبعدها خاصة وأنني بعدها أصبحت مجرد عامل ولم أعد مزارعا. لأن الزراعة تحتاج إلى تمويل ومن الصعب أن تجد الممول.

وكما أسلفت فقد أصبحت عاملا، لكن اينما وجدت ما يستحق أن يكون مادة صحفية أسرعت إليها، وجمعت معلوماتها ودفعت بها إلى الزملاء في الصحف، وإلى صفحتي في فيسبوك، وقروبات الواتساب.

سمعنا بتشبيه الزراعة بالقمار ولكن…

لكن حميدة لم يغفل عن المجازفة التي تنطوي عليها الزراعة، حتى ان البعض من العاملين فيها يشببها بالقمار بسبب تقلبات الطقس والمناخ التي تفاقمت مؤخرا في أزمة عالمية. (سمعنا تشبيه الزراعة بالقمار )، لكن الأمر في الزراعة مختلف كما يقول:

من واقع أن صاحب الزرع موعود بالأجر إن شاء الله، لأن الزراعة لابد أن يأكل منها إنسان أو بهيمة أو طائر بينما لاعب القمار موعود بالعقاب، وربما خسر مرتين، وأما الزراعة فالخاسر فيها رابح بالصبر ، لأن الله ذكر ذلك (…ونقص في الأموال والأنفس والثمرات.. )، ثم أعقبها بالبشارة للصابرين ليفوزوا بصلوات من ربهم ورحمة وهداية.

وللطقس والمناخ تأثيرات كبيرة، فحال ارتفاع درجات الحرارة، فإنها تقضي على محصول البصل المخزن وحال برودة الطقس، فإن الزراعة تزهر وتثمر. وقد تكون الخسارة ناتجة عن تدني الأسعار، في أغلب الأحيان.

قد تكون لاحظت في أحايين كثيرة، عند حصاد معظم المحاصيل، تتدنى أسعارها لدرك سحيق، كما يحدث للبصل والقمح.

الزراعة لمن يحتمل ضرباتها الموجعة..

تجربة حميدة في الزراعة ومحصلتها، لم تكن كبيرة ،فهي لازالت في بداياتها ،ومع تواضع مردودها المادي بالذات، إلا أنها لم تخلو مما يمكن أن يفيد منه آخرون من الزملاء الصحفيين خاصة في دروب بحثهم عن البديل المهني يقول:

طبعا، يا استاذ عبدالله ،أنا لم أجرب الزراعة بصورة فعالة غير موسم سنار، وما عداه كنت ولم أزل عاملا في الزراعة، فقد شتلت البصل وحصدته وقد بذرت الفول والفاصوليا وجنيت البازنجان والفلفلية وحفرت (المتر)، بل وقمت بنظافة الأراضي الزراعية، من خلال قطع ما فيها من أشجار، كل ذلك بالأجرة، فحظي من خلال تجربة العام، كدقيق فوق شوك نثروه.
يضحك حميدة .(…ههههها) .ثم يحمد الله ويقول : ( تجربة زادتني قوة)، ويستطرد : ولكن حسبما أرى، فالأشياء تتشابه، ونصيحتي للزملاء أن من كان له مال فليتجه به إلى التجارة، فقد ذكر أن تسعة أعشار الربح في التجارة، غير أنها هي الأخرى عرضة للخسارة. ومن يستطع أن يصبر على ضربات الزراعة الموجعة ،فليقبل عليها فربما منحته المليارات وحققت له الأمنيات.

بعيدا عن الكندشة: لا ضل ولا شمسية 

عن اثر خبرته في الصحافة والعمل الصحفي، صحفيا ومدربا وما أفادته به في مجال العمل الزراعي، من ناحية، وما أفاد به زملاءه من المزارعين والعمال بالمقابل من الناحية الأخرى، يقول حميدة:

فائدة تجربة الصحافة في حقل الزراعة، كنت رئيسا للأخبار في الغرف المكندشة وأصبحت رئيسا للعمال في الحقل (لا ضل ولا شمسية ) والحمد لله. يقول المزارعون: “جايين ناس الصحفي” لشتل أو نجام (نظافة الزرع من الحشائش)، يمكن أن تسميه كديب. بجانب بعض الإرشادات للمزارعين، أو الدفع بآراء في ما يخص الزراعة.

كثيرا ما أحدث المزارعين والعمال عن تجربتي، وما يواجهه الصحفيون من المخاطر، وأحدثهم خلال العمل، أحيانا أو خلال ساعات الفراغ أثناء زمن الفطور أو وقت القيلولة أو بالليل، وأتمنى أن يأخذوا منها المفيد في مجال عملهم أو مجال الحياه عموما.
في نهر النيل وتحديدا في محليتي شندي والمتمة، وفي هذه الأيام يلاحظ سيطرة موجة برد منذ حوالي عشرين يوما، حتى تخوف مزارعون من زيادتها وتوقعوا أن تحرق محصول الفاصوليا ، ولكنهم كانوا يمنون أنفسهم باستمرار البرد لإنجاح البصل وهذه الايام تغير الطقس وأصبح أقرب الدافئ، وإلى الآن، ولكن يبقى الأمل في نجاح الموسم الشتوي خاصة مع النسمات الباردة التي هبت مساء اليوم الخميس 24 يناير ، إلا أن تعتري المناخ تغيرات جذرية توقف البرد تماما، عندها يحدث التغيير الكامل في برامج الزراعة إجباريا.

 

 

 

 

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق