صحة وبيئة

تغير المناخ وحقوق الإنسان.. هل من تدابير عاجلة؟

الساقية برس- إخلاص نمر:

ملمح عام..
يشير تغير المناخ الى التحولات طويلة الاجل في درجات الحرارة، وانماط الطقس، ويمكن أن تكون هذه التحولات طبيعية، بسبب التغيرات في نشاط الشمس، أو انفجار البراكين الكبيرة، ولكن منذ القرن التاسع عشر، كانت الانشطة البشرية، هي المحرك الرئيس لتغير المناخ، ويرجع ذلك، إلى حرق الوقود الاحفوري، مثل الفحم والنفط والغاز، ماينتج انبعاث غازات الاحتباس الحراري التي تسبب تغير المناخ.

مستقبل منخفض الكربون..
جاءت اتفاقية باريس للمناخ ، عقب المفاوضات، التي عقدت أثناء مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي، (كوب 21)،في باريس من العام 2015 ،وكان هدف الاتفاقية، تكثيف الإجراءات لتحقيق مستقبل منخفض الكربون ،والحد من انبعاث غازات الاحتباس الحراري، والسعي إلى الحد من زيادة متوسط درجة الحرارة العالميه، بحيث لايتجاوز (1.5درجة مئوية)، مقارنة بمستوى ماقبل الثورة الصناعية.

دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ رسميا، في الرابع من نوفمبر من العام 2016، وأصبحت اول اتفاق ملزم قانونيا، بالعمل على الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري.

ظواهر مناخية..
من جانبها، أكدت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، ان انبعاث غازات الدفيئة، الناجمة من نشاط الإنسان، لها تأثير قوي على الكوكب، بجانب الظواهر المناخية الأخرى، الكوارث الطبيعية، وارتفاع مستوى سطح البحر، و الفيضانات، وموجات الحر والجفاف والتصحر ونقص المياه، وانتشار الأمراض، والتي تؤثر بطريقة مباشرة او غير مباشرة، على تمتع سكان الكوكب، بكافة حقوق الإنسان، التي نص عليها ميثاق الحقوق، الذي قدم تفصيلا واضحا عنها، ابتداء من الحق في الحياة، والحق في الحصول على المياه المأمونة، وخدمات الصرف الصحي، والحق في الغذاء، والصحة، والسكن، والحق في الثقافة، والعمل والتنمية، كل هذه الحقوق اكدتها الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ ،وقرار مجلس حقوق الإنسان التابع للامم المتحدة(41/21)، والذي أقر بأن تغير المناخ، يترك بصمته القاسية، في الحصول على هذه الحقوق، كما يشكل تهديدا قويا للشعوب والمجتمعات في كل أنحاء الكوكب، ونبه فيه المجلس، إلى تأثير هذه التغيرات المناخية ، وتهديدها لحقوق الإنسان ، ففي العام 2009 كان القرار 5/29ثم القرار 22/18 في العام 2011، اما العام 2014 ،فقد كان القرار 27/26، وجاء عام 2015، بالقرار 15/29 ثم عام 2018كان القرار35/20 وفي عام 2019كان القرار 33/9 .

نادت كل هذه القرارات، بضرورة التكاتف الدولي لمواجهة تأثير التغيرات المناخية ، واستعادة الحقوق.

لم يصل حد الالتزام..
في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب 28) في دبي ، كان الإقرار ، بالحاجة إلى التخلي عن الوقود الاحفوري، لكنه لم يصل إلى التزام واضح ومحدد زمنيا ، للتخلص التدريجي من الوقود الاحفوري، هذا ماذكرته منظمة هيومن رايتس ووتش، والتي قال مدير قسم البيئة فيها، المستر ريتشارد بيرسهاوس (تسمية الوقود الاحفوري اخيرا في نتائج كوب 28، هو قرار طال انتظاره، بشأن القطاع المسؤول في المقام الأول عن أزمة المناخ، لكن الحكومات، لم تقدم الالتزام العاجل المحدد زمنيا، الذي يحتاج له العالم لمواجهة أزمة المناخ وحماية حقوق الإنسان).

بينما قال الدكتور عبدالله الدردري، المدير الإقليمي للدول العربيه لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (إن المشاركة النشطة للأشخاص ذوي الاعاقه، في المفاوضات والإجراءات المتعلقه بالمناخ أمر أساسي لتحقيق العدالة، وانه محوري لقيادة حلول مناخية، فعالة ومستدامة، من خلال تمكين ومشاركة جميع شرائح المجتمع، بما في ذلك الأشخاص ذوي الاعاقه، ويمكننا ذلك من تعزيز المزيد من الشمولية، وتصميم استراتيجيات، للتصدي للتحديات التي يفرضها المناخ).

%18
وكان سفير النوايا الحسنة الإقليمي، لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي للعمل المناخي، مايكل حداد، قد عبر عن قلقه في مؤتمر قمة المناخ كوب 28،تجاه ملف التغير المناخي وتأثيره على ذوي الاحتياجات الخاصه، موضحا أن 18%من سكان الكوكب، يعانون من اعاقات جسدية، وهم مهددون بالخطر، في ظل تفاقم الأزمات المناخية.

تمييز واقصاء وفقر..
وفي ذات الإطار تؤكد الأستاذة سعدية عيسى إسماعيل، الامين العام لمنظمة أسرتنا للأشخاص ذوي الإعاقة، إن الأشخاص ذوي الإعاقة في السودان يمثلون ، وعلى حسب إحصائية ٢٠٠٨ مايقارب ٤ ملايين و٨٠٠ الف شخص، ولم تكن هذه الإحصاءات دقيقة، حيث كان الكثير من الولايات في ذلك الوقت، تحت نيران الحرب، وتوضح سعدية قائلة (نجد ان الاشخاص ذوي الاعاقة يعانون دون غيرهم من الفقر، ومعظمهم ينحدرون من اسر فقيرة، واكثر هشاشة من غيرهم، .فهم يتأثرون مثل غيرهم بالتغير المناخي، وخاصة في فترة الجفاف وعدم سقوط الامطار، ومايسببه ذلك من نزوح ومعاناة، لذلك نجدهم الاكثر تضررا، لعدم إمكانية الوصول أو الانتقال من مكان إلى اخر، ما يجعلهم عرضة لعدم توفر الأمن الغذائي و نقص المياه وصعوبة الحصول عليه، وقطع المسافات الطويلة لجلبه، كل هذا يفاقم من أزمتهم، فتصبح لهم الأزمة ازمتان عطش واعاقة) وفي سؤال للساقية برس حول فقدان المعاقين أعمالهم بسبب التغير المناخي، أجابت سعدية (إن التغير المناخي ومايسببه من كوارث طبيعية وفيضانات ،حرائق ،تصحر،جفاف يجعل ذوي الاعاقة عرضة لفقدان كثير من فرص العمل والاستقرار، وفقدان مساكنهم ومزارعهم وصعوبة تعويضها . وعن ما يتردد من اقصاء وتمييز.

وأضافت سعدية عيسى: نجد أن فرصهم قليله، نسبة للوصمة والاقصاء والسياسات التمييزية، ما يعني عدم حصولهم على الكثير من الخدمات، وان وجدت تكون قليله، حتي في وجود الاتفاقيات التي صادق عليها السودان، عام ٢٠٠٩ والمعدل عام ٢٠١٧و٢٠٢١ ولكنها لم تنزل علي ارض الواقع، بشكل كامل. وامنت عيسى على عدم وجود تدابير تيسيرية للمعاقين في ظل التغيرات المناخية والكوارث ، او وضعهم ومشاركتهم في السياسات التي تراعي خصوصيتهم، فعدم المساواة يؤثر سلبا عليهم. وتزيد قائلة( لذلك نجد أن الهدف الثالث عشر من اهداف التنمية المستدامة هو المناخ، وتلبية احتياجات الدول النامية، لوضع التدابير للتغير المناخي والتكيف معه، كما وان المادة احدي عشر من قانون الاشخاص ذوي الاعاقة، تعمل على درء الآثار الناجمة عن الكوارث والحروب والتغير المناخي، لذلك لابد أن تكون هناك آليات واضحة للحد من آثار البيئة والمناخ، وتأثيرها علي الحقوق الاجتماعية لذوي الإعاقة، واحترام القوانين التي تحميهم من عدم المساواة والتمييز علي اساس الإعاقة).

وختمت سعدية حديثها (ذوي الإعاقة بعيدون كل البعد عن اتخاذ القرارات التي تخصهم، فيما يتعلق بالتغير المناخي، وتدني الخدمات العامة التي تقدم لهم.).

تغير المناخ وحقوق الإنسان..
(تغير المناخ يؤثر، بشكل مباشر وغير مباشر، على مجموعة من حقوق الإنسان المكفولة دوليا. ما يتطلب التزام كل الدول الموقعة والمصادقة على اتفاقية الأمم المتحدة الاطارية للتغيرات المناخية، باتخاذ تدابير فعالة، لمنع هذه الآثار المناخية ومعالجتها، وبالتالي التخفيف من آثار تغير المناخ، وضمان تمتع جميع البشر بالقدرة اللازمة للتكيف مع أزمة المناخ. تنبع أهمية هذه الالتزامات من أجل تعزيز اتساق السياسات والمساعدة، على ضمان أن تكون جهود التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه كافية وطموحة، بما فيه الكفاية، وغير تمييزية، لذلك يقع على عاتق الدول الالتزام باحترام جميع حقوق الإنسان، لجميع الأشخاص وحمايتها وإعمالها وتعزيزها دون تمييز، في مجال التخفيف من تغير المناخ، ومنع آثاره السلبية) جاء ذلك في حديث الدكتور إسماعيل الجزولي، الخبير في مجال التغير المناخي، موضحا أن عدم اتخاذ تدابير إيجابية لمنع الأضرار الحقوقية الناجمة عن تغير المناخ، بما في ذلك الأضرار المتوقعة على المدى الطويل، ينتهك هذا الالتزام. وأكد الجزولي أن التقرير الخامس للفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ، أكد على أن تغير المناخ ناجم عن انبعاثات غازات الدفيئة البشرية المنشأ، ومن بين الآثار الأخرى، يؤثر تغير المناخ سلبا على حقوق الناس في الصحة والسكن والمياه والغذاء. وستزداد هذه الآثار السلبية أضعافا مضاعفة، وفقا لدرجة تغير المناخ، الذي يحدث في نهاية المطاف، وستؤثر بشكل غير متناسب على الأفراد والجماعات والشعوب التي تعيش أوضاعا هشة، بما في ذلك النساء والأطفال وكبار السن والشعوب الأصلية والأقليات والمهاجرين والعمال الريفيين والأشخاص ذوي الإعاقة والفقراء. وأمن إسماعيل قائلا( يجب على الدول أن تعمل على الحد من انبعاثات غازات الدفيئة البشرية المنشأ، من خلال التدابير التنظيمية، من أجل منع الآثار السلبية الحالية المستقبلية، لتغير المناخ على حقوق الإنسان إلى أقصى حد ممكن.).

إنصاف..
وطالب الجزولي بضرورة تكريس موارد كافية، لإعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للجميع ، مع تقديم ضمان المساءلة والانصاف الفعال، من أضرار حقوق الإنسان الناجمة عن تغير المناخ، مشيرا الى ضرورة منح المتضررين، الآن وفي المستقبل، سبل انصاف مجدية، وأمن الجزولي على ان ميثاق الأمم المتحدة والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرهما من صكوك حقوق الإنسان ، تفرض على الدول واجب التعاون الدولي، لضمان إعمال جميع حقوق الإنسان في مجال تغير المناخ، الذي يشكل تهديدا لحقوق الإنسان.

واضاف قائلا ( من حقوق الانسان ضمان الإنصاف في العمل المناخي، وان إعلان ريو بشأن البيئة والتنمية، وإعلان وبرنامج عمل فيينا، و”المستقبل الذي نصبو إليه”، يدعو إلى إعمال الحق في التنمية، المنصوص عليه في إعلان الأمم المتحدة بشأن الحق في التنمية، من أجل تلبية الاحتياجات الإنمائية والبيئية للأجيال الحالية والمقبلة بشكل منصف. كما تدعو اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ الدول إلى حماية الأجيال القادمة، واتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ “على أساس الإنصاف ووفقا لمسؤولياتها المشتركة، ولكن المتباينة وقدرات كل منها”.) مبينا أن تغير المناخ يؤثر على الناس في كل مكان، وان أولئك الذين ساهموا بأقل قدر في انبعاثات غازات الدفيئة، أي الفقراء والأطفال والأجيال القادمة، هم الأكثر تضررا.

وشدد الجزولي على ضرورة دعم الدول جميعها، نشاط تطوير ونشر تكنولوجيات جديدة للتخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه، بما في ذلك تكنولوجيات الإنتاج والاستهلاك المستدامين.

ملزمة..
وعن حماية حقوق الإنسان، أوضح إسماعيل (حماية حقوق الإنسان من الأضرار التجارية، والذي تؤكده مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية، يوضح أن الدول ملزمة بحماية حقوق الإنسان من الأذى، الذي تسببه الشركات، في حين تتحمل الشركات مسؤولية احترام حقوق الإنسان، وعدم إلحاق أي ضرر بها. ونادى إسماعيل بأهمية ضمان المساواة وعدم التمييز، مع حماية حقوق الأطفال والمسنين والأقليات والمهاجرين والشعوب الأصلية، وغيرهم ممن يعيشون أوضاعا هشة.

 

بالغ الأهمية..
وعن ضمان المشاركة الهادفة والمستنيرة ضمن حقوق الإنسان، أكد إسماعيل ( يضمن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وغيره من صكوك حقوق الإنسان، لجميع الأشخاص، الحق في المشاركة الحرة، والنشطة والهادفة والمستنيرة، في الشؤون العامة) ووصف الجزولي ذلك بأنه أمر بالغ الأهمية، للعمل المناخي الفعال القائم على الحقوق، ويتطلب مؤسسات وعمليات مفتوحة وتشاركية، فضلا عن قياسات دقيقة وشفافة، لانبعاثات غازات الدفيئة وتغير المناخ وآثاره. مبينا أهمية أن تكون ، معلومات الإنذار المبكر المتعلقة بآثار المناخ والكوارث الطبيعية،متاحه لكل قطاعات المجتمع.

ندرة..
وفي ذات السياق، يضيف البروفيسور عمادالدين أحمد علي بابكر – خبير التكيف مع التغيرات المناخية في الزراعة – هيئة البحوث الزراعية سابقا، قائلا ( إن حقوق الانسان الاساسيه هي المأكل والمشرب والمأوى، مصحوبة بالامن والامان. والتغير المناخي يؤثر بشكل سالب على المأكل، بتأثيره على الموارد الاساسية للانتاج الزراعي والحيواني، وايضا يؤثر على المشرب بتاثيره على مورد المياه، والتغير المناخي يضع هذه الموارد الطبيعية الاساسية، في موضع الندرة، وخلق المنافسة حولها في المجتمعات المتأثرة، ما يشعل الصراع بين المجتمعات، واندلاع الحروب، التي تتسبب في انتهاك حقوق الإنسان من امن وامان ومال وعرض).

785 مليون شخص..
ويذهب الدكتور عبد العظيم ميرغني المدير العام السابق للهيئة القوميه للغابات، والأمين العام السابق للمجلس الأعلى التصحر إلى أن تأثير التغيرات المناخيه على حقوق الإنسان واضحة، من حيث الحصول على المياه الآمنة كماً ونوعاُ، فالتغيرات المناخية تؤدي إلى انخفاض معدل هطول الأمطار، وارتفاع درجات الحرارة مما يؤثر على جودة وكمية الموارد المائية. هناك حاليًا 785 مليون شخص، لا يتمكّنون من الحصول على مصدر للمياه، أو الصرف الصحي، وسيفاقم تغير المناخ من الوضع سوءاً. وحسب دراسة لوزارة الري والموارد المائية السودانية عام 2007 فإن نصيب الفرد السوداني من المياه البالغ 920 م3/ العام) والذي هو دون حد الفقر المائي (1000 م3 / الفرد / العام)، والذي سيتفاقم أكثر، إذ أن الدراسة أشارت إلى أنه بحلول العام 2027 فسوف تكون هناك فجوة مائية في السودان، مقدارها 30 مليار متراً مكعباً، ويبدو أن من ضمن أسباب ذلك، تزايد درجات الحرارة من 0.8 الى 1.6 درجة مئوية خلال الفترة 1960 – 2000، وتناقص معدلات الأمطار بنسبة 19% خلال الفترة 1941 الى 1999 حسب دراسة لبروفيسور حسين سليمان آدم في عام 2000. وللمعدلات السنوية المتصاعدة لإزالة الغابات.
ويضيف قائلا (لدينا جميعًا الحق في التمتع بالصحة البدنية والنفسية، بينما تعمل التغيّرات المناخية على زيادة المخاطر بالأمراض، التي تنقلها النواقل كالحشرات والأغذية والمياه، وزيادة معدلات الوفيات، بسبب موجات الحر والحرائق الأكثر حدة، ونقص التغذية نتيجة لانخفاض إنتاج الأغذية في المناطق الفقيرة، كما أن الأشخاص الذين يتعرضون لأحداثٍ صادمةٍ نفسيًّا كالكوارث الطبيعية، التي يفاقمها تغير المناخ، يمكن أن يعانوا من اضطرابات إجهاد ما بعد الصدمة)
عقبات..
واوضح ميرغني في معرض رده على الساقية برس حول حقوق النساء والفتيات موضحا ( من الشرائح الاجتماعية التي تتأثر بصورة مباشرة بالتغيرات المناخية النساء والفتيات، في المناطق الريفية واللائي غالباُ ما تقتصر أدوارهن على الأدوار والوظائف، التي تجعلهن أكثر اعتمادًا على الموارد الطبيعية. ولأنهن يواجهن عقبات في الحصول على الموارد المالية أو التقنية، أو يُحرمن من ملكية الأراضي، فإنهن أكثر تأثرًا بتأثيرات بالتغيرات المناخية، اما الأطفال والشباب فهؤلاء يعانون أصلًا بسبب احتياجاتهم الفسيولوجية والتنموية ، ولذلك فإن مجموعة كبيرة من حقوقهم – بدءًا من المياه، والصرف الصحي، والطعام، وصولاً إلى المسكن اللائق والصحة، والتعليم، والتنمية، ستتضرر بسبب التهجير والنزوح، وبسبب التغيرات المناخية كالفيضانات والأعاصير وخلاف ذلك.)

خمسون عاما..
وفي ذات المنحى يضيف ميرغني، ان الحق في الحياة والعيش بحرية وأمان مهم وضروري ، ولكن تغير المناخ، يلحق الضرر بالجميع ، فهو حسب منظمة الصحة العالمية يودي بحياة 250000 شخص في السنة بين عامي 2030 و2050 وحسب تقرير لشبكة CNN الأمريكية، أذاعته عام 2016 ويؤمن أن التغير المناخي قد يقضى على كل اشكال الحياة في السودان خلال الخمسين سنة القادمة، إن لم تتخذ التدابير الازمة والعاجلة لدرء خطره.

عدالة مناخية.
ويختم حديثه قائلا (بناء على ذلك يتعين على الحكومات اتخاذ إجراءات لمواجهة تغير المناخ، بالعمل على وقف ارتفاع درجات الحرارة في العالم، بأكثر من درجة ونصف مئوية، وتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، بشكل جماعي إلى الصفر المطلق قبل أو بحلول عام 2050، مع ضمان عدم انتهاك حقوق الإنسان، والالتزام بنهج العدالة المناخية، وذلك من خلال تحديد أصحاب الحقوق واستحقاقاتهم، وتحديد الجهات المسؤولة المعنية والتزاماتها لإيجاد سبل لتعزيز قدرة أصحاب الحقوق على التقدم طلباتهم، وقدرة الجهات المسؤولة على الوفاء بالتزاماتها.)

جرم..
وفي لقاء للساقية بالدكتور عيسى عبداللطيف الخبير في قضايا البيئة والحوكمة، ورئيس منظمة بيئتي، أوضح عبداللطيف، ان ارتفاع درجة الحرارة ودرجات الجفاف، في بعض الأماكن، تهدد حقوق الإنسان، فالاعاصير والجفاف من مهددات حياة الإنسان وحيواناته وممتلكاته، لذلك فإن تغير المناخ يهدد حياة الشعوب خاصة الفقيرة والدول الهشة ، التي هي اقل اسهاما في انبعاث غازات الدفيئة ، لذلك فإن الدول الغنية هي تجرم في حقوق الإنسان.

ويضيف عبداللطيف مبينا (نطالب العالم بعمل جاد تجاه خفض الانبعاثات، من أجل تقليل تأثير التغير المناخي ،على الدول الجزرية الهشة حول الصحراء، ومناطق الرعي والزراعه التقليدية، التي تهددها الاعاصير والجفاف والبرد القارس، وزاد عيسى على الدول الغنية دفع ماعليها من التزامات، للدول الفقيرة للتكيف مع تأثير المناخ ،ولتحقيق المسكن الأمن والماء والغذاء)

مسؤولية أخلاقية..
وشدد عبد اللطيف على ضرورة وجود مسؤوليه اخلاقيه، على الدول الغنية التي تسببت في الانبعاثات، وختم قائلا (من خلال مشاركتي في كوب 28في دبي، طالبت بضرورة التركيز على الإنسان، أكثر من التكنولوجيا، لان الانسان هو المستهلك، كما نبهت على أهمية البرامج التي تدعم التعليم والتربية و التثقيف، وترشيد الاستهلاك، الذي سيؤدي بدوره لخفض الانبعاث).

كل الحقوق..
وفي حديثه للساقية برس، يشرح المهندس إدريس سليمان، الناشط البيئي والمناصر لقضايا المناخ، كيفية تأثير تغير المناخ على حقوق النساء والفتيات، مبينا أن النتائج الكارثية الناتجة من التغيرات المناخية، (السيول و الفيضانات و الجفاف و التصحر )، مثل النزوح و الحروب، يجعل النساء اكثر عرضة للعنف لاسيما الجنسي منه في معسكرات و ملاجئ الايواء . و قد يضاعف من عدم نيل النساء حقوقهن الانسانية ،و ذلك بصورة مباشرة او غير مباشره عبر سلسلة مترابطة متداخلة من الاسباب والظروف، خلقت بواسطة التغيرات المناخية، مايؤثر على الحق في الغذاء شاملاً الوفرة (الاتاحة ) و السلامة و الاستدامة ويضيف (قد تؤدي الظواهر السالبة للتغير المناخي، الظروف الجوية القاسية، الى فقدان المراة الحق في السكن الملائم، و بذلك تفقد الحق في توفر خدمات صحية، و التي تؤدي الى تدهور الوضع الصحي، ما يقود الى فقدان مقومات الحق في الحياةو بعد التدهور و عدم القدرة في الحصول على جميع هذه الحقوق، سيقود ذلك حتما، الى فقدان الامل في الحصول، او توفر الحق في ايجاد تنمية ناجحة .)

تعاون..
ويضيف سليمان لابد من التعاون و التضامن في عمل و انشطة جماعية، تناصر قضايا المراة في الحصول على حقوقها الانسانية، و التي قد تهددها التغيرات المناخية و عواقبها الوخيمة بصورة او باخرى وفق قوله.

أضرار بيئية..
ويفند الدكتور فتح الرحمن عجلون الناشط في مجال تغير المناخ وعضو منظمة شباب من أجل المناخ، العوامل المختلفه التي تجعل من تأثير التغير المناخي على حقوق الإنسان فيبتدر حديثه (يؤثر تغير المناخ وسيظل يؤثر على توافر الموارد المائية وجودتها وإمكانية الوصول إليها، والقدرة على تحمل تكاليفها ومقبوليتها. ويرجع ذلك في الغالب إلى عوامل مثل ذوبان الثلوج والجليد، وانخفاض هطول الأمطار، وارتفاع درجات الحرارة وارتفاع مستوى سطح البحر. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الشركات الكبرى مسؤولة عن الأضرار البيئية واسعة النطاق التي لحقت بأنظمة المياه التي تعد مصدر حياة للمجتمعات وعلى سبيل المثال، في بعض مناطق تنقيب الذهب يتعرض المزارعون لتدمير سبل عيشهم بسبب مخلفات التنقيب التي يتم التخلص منها بصورة غير جيدة من الشركات، وعمال التعدين الاهلي، حيث لا يمكن للمزارعين اتخاذ إجراءات قضائية، ضد الشركات العاملة ومساءلة الشركات الكبرى، عن هذه المشكلات، أمر صعب بسبب المخاطر الكبيرة، وتهديد حياة الناشطين والمزارعين.
ويضيف عجلون ( نجد أن تواتر وشدة الفيضانات في كثير من مناطق السودان، تسبب في فقدان عدد من الأرواح، بسبب انهيار المنازل ما يفقد السكان الحق في الحصول على المأوى، ووفقا للجنة لانسيت المعنية بالصحة وتغير المناخ، يهدد تغير المناخ بتقويض المكاسب التي تحققت في نصف القرن الأخير في مجال التنمية والصحة العالمية، وخاصة الناس الذين يعيشون في المناطق الحضرية.)
ويشير عجلون إلى تأثير التغيرات المناخية بشدة على الزراعة، مضيفا (تؤدي بشكل مباشر إلى تقليل أو تغيير إنتاجية المحاصيل، والثروة الحيوانية ومصايد الأسماك، وتربية الأحياء المائية، ويؤدي ذلك أيضاً إلى فقدان التنوع البيولوجي.) .
وعن حقوق الأطفال يشرح فتح الرحمن في حديثه، مبينا ان التغير المناخي يعمل على تقويض حقوق الاطفال والشباب بشدة، سواء من خلال الإضرار بهم في الوقت الحاضر، أو من خلال تقليل فرصهم في التمتع بحقوقهم في المستقبل ، فقد تسبب الأمطار الموسمية في حدوث فيضانات شديدة في مناطق متعددة من زيادة معدلات وفيات الأطفال, كما أن انهيار المدارس ايضا يؤثر علي حقوق الطفل في التعليم والعيش في بيئة صحيه.

تحد واعتراف..
ويسترسل عجلون (يمثل تغير المناخ تحديًا كبيرًا للتمتع بالحق في بيئة آمنة ونظيفة وصحية ومستدامة، ان المحاكم تعترف في جميع أنحاء العالم بشكل متزايد بأن فشل الدولة في اتخاذ التدابير المناسبة ضد تغير المناخ، يعد انتهاكًا للحق في بيئة آمنة ونظيفة وصحية مستدامة.

الجدير بالذكر انه وقبل مثول التقرير أعلاه للنشر ،اوضحت خدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ، التابعه للاتحاد الأوربي، أن درجة الحرارة، وصلت في الفترة من فبرائر 2023 إلى يناير 2024، وصلت إلى 1.52درجة مئوية.

 

مقالات ذات صلة

إغلاق