مقالات

الكومة.. أقدار الجغرافيا والتاريخ

بقلم/ بكري المدني:

لم أجد حاضرة سودانية ظلمتها الجغرافيا و التاريخ مثل الكومة حاضرة أهلنا الزيادية بشمال دارفور.

الكومة تدفع ثمن موقفها التاريخي وموقعها الجغرافي وبدلاً من أن يكون الموقف التاريخي شفاعة لها في الحاضر والموقع الجغرافي نعمة عليها أصبح كل ذلك نقمة وهاهي اليوم بين المطرقة والسندان.
في الماضي حارب أبناء الكومة التمرد مع الدولة عبر حرس الحدود فدفعت ثمن الحرب وفي الحاضر تدفع الكومة ثمن انتماء بعض أبنائها لمليشيا الدعم السريع وهي تدفع فوق ذلك في الماضي والحاضر ثمن موقعها الجغرافي الإستراتيجي الرابط بين الفاشر وباقي البلاد مما جعلها هدفا من الجو للطيران وهدفا على الأرض من الجنجويد.
وفي هذه الأيام تتعرض منطقة الكومة لضغط إعلامي كبير بسبب المعارك من فوقها ومن تحتها بينما لا يزال عدد مقدر من أبنائها يرابطون في خنادق القوات المسلحة بالفرقة السادسة مشاة بالفاشر وفي الجانب الإعلامي والإسناد أيضاً (وما المراسل الحربي آسيا الخليفة منكم ببعيد) وكذلك في أم درمان والخرطوم ضمن متحركات الجيش في جميع مناطق العمليات المختلفة ، كذلك إستشهاد عدد مقدر من أبنائها في معارك القيادة العامة والعمليات الاخري وهذا يعتبر إمتداد لدورهم الطليعي والرائد في إسناد الدولة منذ فجر التمرد بتأمين طريق الأربعين للقوافل التجارية، وامتد هذا الدور حتى إنشاء طريق الانقاذ الغربي والذي تعتبر فيه الكومة معبر رئيس للدخول الى الفاشر من جهة الشرق حيث تعتبر أكثر البوابات انضباطا وتأميناً المسافرين والبصات السفرية والشاحنات التجارية.

هذه الأدوار كلها تأتي ضمن السياق الطبيعي لابنائها في العمل ضمن أجهزة ومؤسسات الدولة وأداء دورهم فيها بكل تجرد سوى الإنحياز للواجب الوطني.

لذلك لابد من إعادة النظر في أمر المحلية و النظر إليها بعين الإعتبار ولما يقوم بها ابناءها الخُلَّص في جميع مواقع المساندة. وإن اختار قليل من ابناءها الوقوف في الجانب الخاطيء من معركة الكرامة لكن هذا أمر لا يؤخذ على عموم المنطقة. فكثير من ابناء المناطق التي سيطر عليها التمرد إنخرطوا معه في أعماله العدائية حتى تجاه مواطنيهم فهذا امر شائع ولا يؤخذ فيه الكل بجريرة الجزء.

فيما عدا القليل من أبنائها ينتمون لمليشيا الدعم السريع فإن رموز المنطقة وغالب مواطنيها مع الجيش وناظر الزيادية كان ولا يزال داخلها وهو في موقف الحياد الشجاع وأغلب مناطق شمال دارفور بتحت سيطرة مليشيا الدعم السريع.

إن موقف الإدارة الأهلية للزيادية في منطقة الكومة وغالب مواطنيها وإن وقفت على الحياد والتزام الصمت فهو موقف مقدر جدا ومحترم في راهن الزمان والمكان والحال ولكن اعتقد أن على أبناء الزيادية خاصة و الكومة عامة خارج المنطقة التقدم خطوة للإعلان عن الموقف الذي يشبه الكومة وجغرافيتها وتاريخها وهم أبعد ما يكونون عن دفع الثمن المباشر وذلك بتكوين تنسيقية عاجلة لقبيلة الزيادية تأخذ موقعها بين تنسيقات القبائل السودانية الرافضة للإرتزاق بإسم القبيلة ومن ثم النظر والعمل على تحرير الكومة وأهلها من مليشيا الدعم السريع بما فيها بعض من أبنائها.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق