صحة وبيئةمقالات

عيد الشجرة.. التاريخ والمغزى..

شغف شخص واحد بالطبيعة ألهم العالم للاحتفال بعيد الشجرة

بقلم/ طلعت دفع الله عبدالماجد:

جاء الاحتفال بعيد الشجرة، كاقتراح في البداية في القرن التاسع عشر الميلادي، من قبل الصحفي ورجل السياسة الأمريكي جوليوس سترلينج مورتون، Sterling Morton)، وهو صحافي من ولاية ميشيڠان ، لكنه انتقل هو وزوجته كارولين، من نيويورك، إلى السهول التي اكتسحتها الرياح في إقليم نبراسكا، لم يجد الزوجان الأشجار التي تساعد في بناء وتسخين منزلهم، وتوفير الراحة من أشعة الشمس الحارقة، والرياح العاتية، لم ينتظر أحدا ليساعده، بل قرر وفي لحظات يسيرة، ان يزرع الأرض الخالية بالاشجار، بذل قصارى جهده الى ان رأى بأم عينيه ثمرة الجهد المتواصل، إذ غطت الشجيرات والأشجار الأرض باللون الأخضر بعد أن كانت أرضاً مهجورة، تبدل الحال بعد انتظار، ولكنه كان حدثا ملهما، جعل للشجرة يوما في تاريخ الطبيعة يحتفى بها، بفضل تفكير هذا الرجل.

** عمل مورتون رئيسا لتحرير اول صحيفة في نبراسكا، الأمر الذي أتاح له كتابة الكثير من المقالات عن أهمية الزراعة في الولاية، وعن الأشجار بصفة خاصة ، الأمر الذي لفت نظر أهل الولاية إلى أهمية الاشجار ودورها في صد الرياح العاتي والعواصف، بجانب ظلها، وبفضل ماقدمه الصحفي، أصبح عضواً بارزا في المجلس الزراعي في نبراسكا.
** استهل مورتون في افتتاحية صحيفته بالكتابة، عن الاراضي والأشجار والزراعة وذلك لتشجيع ملاك الاراضي، وجذب انتظارهم نحو الزراعة و البساتين، حدثهم عن أهمية ذلك وعن المكسب الطبيعي بوجود ظلال وارفة.

** اطلق مورتون لصحيفته العنان، بوصفه اول رئيس تحرير لصحيفة في نبراسكا، لنشر المعلومات الزراعية والحاجة للأجار، وفي . في 4 يناير 1872، اقترح على مجلس الدولة للزراعة إجازة لزراعة الأشجار في أبريل، وأطلق الدعوة إلى غرس الأشجار من قبل الأفراد والمنظمات المدنية، من أجل الصالح العام.
** تم تقديم جوائز للمقاطعات والأفراد، لزراعة معظم الأشجار بشكل صحيح، و تشير التقديرات إلى أن نبراسكا قد زرعت أكثر من مليون شجرة في أول يوم لعيد الشجرة.
** في عام 1885 تم تسمية يوم الشجرة عطلة رسمية في ولاية نبراسكا؛ وهو يوم عيد ميلاد مورتون،اما في الثاني والعشرين من أبريل من العام نفسه، فق تم اختياره كاحتفال دائم.
**خلال سبعينيات القرن التاسع عشر، أصدرت ولايات أخرى، تشريعات تنص على الاحتفال بيوم الشجرة، وبدأ هذا التقليد في المدارس منذ العام 1882، وللمساعدة في إعادة التشجير في ولاية نبراسكا، (وللإعلان عن اليوم الجديد)، أنشأ مجلس إدارة الولاية، مسابقة يستطيع من خلالها الأشخاص والمقاطعات، الفوز بجوائز أكثر لكل من زاد من رقعة المساحات المزروعية بالاشجار بشكل سليم. ويقال( ان أكثر من مليون شجرة غرست في نبراسكا في ذلك اليوم الاول من عيد الشجرة!)
**جاء حب جي ستيرلنج مورتون للأشجار من حياته في ولاية ميشيغان، حيث عاشت عائلة مورتون في ديترويت، والتحق بمدرسة عامة في مونرو، ثم لاحقًا كلية ألبيون التي فصل منها عام ( 1850)، وجامعة ميشيغان، التي فصل منها هي الأخرى (عام 1854).
** لقد تعلق حب مورتون بمجموعة من الأشجار الخضراء النابضة بالحياة، التي نشأ معها في ميشيغان، واستمر في زراعتها طوال حياته،
واليوم، فإن أكثر مواعيد احتفالات الدولة شيوعا بيوم الشجرة، هو يوم الجمعة الأخير في أبريل.
** أعلن العديد من رؤساء الولايات المتحدة يوم الشجرة الوطنيه هو يوم الجمعة.
وفي العام 1885، قرر المجلس التشريعي في ولاية ميشيغان “أن يطلب من الحاكم، بموجب هذا توجيه انتباه شعب الولاية، إلى أهمية زراعة الأشجار للزينة، وتسمية اليوم الذي سيبدأ فيه العمل، والذي يجب أن يكون مميزا و خاصًا ، ليكون معروفًا بيوم الشجرة ففي كل عام، يعلن الحاكم وهيئة ميشيغان التشريعيه، ان الأسبوع الأخير من شهر أبريل، هو أسبوع الشجرة.
**أعلن مورتون أن “يوم الشجرة ليس مثل أيام العطل الأخرى، التي تحن الي الماضي، فعيد الشجرة يرمز للمستقبل،
وفي حين أن مدينة نبراسكا، هي المكان الرسمي لعيد الشجرة، فإن المجتمعات في جميع أنحاء العالم، عليها ان تجتمع كل عام للاحتفال بالأشجار ، وزراعة الخضرة، صونا للطبيعة لأجيال الغد.
*** تبنت معظم دول العالم عيد الشجرة وحددت له يوما مناسبا للاحتفال به.
** صاحب فكرة الإحتفال بعيد الشجرة هو المرحوم الدكتور الفاتح النور، حيث اُقيم اول إحتفال بمدينة الأبيض، فىالسابع عشر من يوليو عام 1963 تحت شعار “إن لم تزرع شجرة-فلا تقطع شجرة”.
وتبنى فكرة العيد، مجلس مديرية كردفان وباركها السيد، محمد كامل شوقي أول مدير سوداني لمصلحة الغابات، الذي وجه مشاتل الغابات، في كل أنحاء السودان، بإنتاج الشتول وتوزيعها علي المواطنين بهذه المناسبة،
وأقيم أول احتفال لعيد الشجرة بميدان الحرية في كردفان، في 17 يوليو 1963، حيث شاركت فيه 43 مدرسة للبنين والبنات من مراحل التعليم المختلفة، وأرسل الفريق إبراهيم عبود برقية يشيد فيها بالاحتفال ،
وعندما جاء الإقتراح في الحديث المتداول بين السيد ضابط بلدية الأبيض، والأستاذ الفاتح النور صاحب ورئيس تحرير جريدة كردفان الغراء، تبني في ذاك الوقت السيد عبد الله محمد أبو راسين عيد الشجرة، والذي كان محافظ غابات القسم الغربي يومها، وتبلورت الفكرة، إلي أن أصبحت واقعا بجهد الأستاذ الفاتح الذي واصل المشوار، بمشاركته ودعمه ومتابعته اللصيقة، إلي أن تم تتويج الفرح بالاحتفال في فجر ذلك اليوم، من عام 1966م.
**في العام 2/8/1991،صدر القرار الجمهوري رقم 268 والخاص بالاحتفال بعيد الشجرة القومي، وكان نص القرار: –
(1) الاحتفال بعيد الشجرة القومي في 3 أغسطس من كل عام.
(2) التزام الدولة بمحاربة الجفاف والتصحر وإعادة تشجير السودان.
(3) التزام الدولة بإدخال التربية البيئية في مناهج التعليم بكل مراحله.
مناسبة عيد الشجرة هي مناسبة للوفاء لأهل العطاء، وتقديم الجوائز التشجيعية، وفقاً لمعايير وأسس التنافس بين الولايات، والمحددة مسبقاً، والمتمثلة في درجة الاهتمام بالغابات، وقدرة الولاية، علي استقطاب الدعم السياسي والمعنوي لقطاع الغابات، وانجازات الولاية في مجالات الحجز والتشجير الرسمي، والشعبي، وحماية الغابات وزيادة رقعتها، ودرجة تفاعل المواطنين مع قضايا الغابات واهتمامهم بالحماية والتعمير.

**تطورت مناسبة عيد الشجرة ولاقت اهتماما واسعاً من الدولة بكافة المستويات، فقد تم إصدار وتحديث عدد من السياسات والتشريعات التي تدعم مسيرة التشجير، كذلك صاحبت هذه الاحتفالات بعض الأنشطة، مثل زراعة الأشجار في الشوارع والساحات العامة والمؤسسات الحكومية،
وتحتفل الهيئة القومية للغابات بهذه المناسبة في كل عام وتقام في الولايات والمركز، والان يتم الاحتفال بعيد الشجرة القومي رقم 59 بولاية النيل الأبيض مدينة الديوم عاصمة التعليم بالسودان، . تحت شعار “معاَ من اجل سودان أخضر”،
وتخليدا لهذه المناسبة يقول المرحوم د. محمد كامل شوقي، (الغابات لماذا؟ لماذا الضجيج عن اهميتها ومخاطرها) وظل الاهتمام بها جزءا اساسيا من قيمتها الحقيقية، إلى أن أفرزت لها اتفاقية السلام الشامل مفوضية خاصة بها مع الاراضي). ا ** معلوم لدرجة البداهة ان للغابات أدواراً أساسية وبيئية واقتصادية واجتماعية، ما جعلها تعرف بانها ام الموارد الطبيعية المتجددة، فهي توفر المياه (دوراناً ومطراً وبخراً ونتحاً وخزناً وصيانة لمواردها في المساقط والجداول والخيران والأنهار والابار، وحماية من الجفاف والتصحر والاطماء والفيضانات المدمرة). وتخصب التربة وصيانتها من التآكل والنحر، والجرف المائي والهوائي، والجفاف والتصحر، واضمحلال الإنتاجية، وهي خط الدفاع الاول امام زحف الصحراء الكبرى المتسارع.

* الغابات تعمل على تكيف المناخ من الحرارة وحتى الظلال والرطوبة والنقاء من التلوث بالغازات والغبار، كما انها . حماية التنوع الحيوي،. وتحويل ضوء الشمس الى طاقة، وتوفير كذلك هي محرك أول للحياة من توفير الغذاء والوقود العضوي بوصفها أضخم كتلة خضراء علي كوكب الأرض، ولها دور كبير في توازن عناصر البيئة، الحاكم للحياة علي الأرض، ومكوناتها من الأحياء والجمادات (الاكسجين وثاني اكسيد الكربون) وجمال الطبيعة، وصحة البيئة وسعادة الإنسان.
**. لذلك من المهم بمكان أن نلفت الانتباه إلى أشجارنا، والحاجة إلى الاستمرار في زراعتها، في منازلنا وأماكن أعمالنا وصناعاتنا، ومدارسنا وطرقنا السريعة، وفي جميع مناطق الريف، بحيث تعكس جلالتها تقديرنا لعظمة الطبيعة، وتزيد من ثقافة دولتنا واقتصادها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق