مقالات

ورحل الصادق.. مثل النسمة

كتب/ يوسف عركي:

ترك فينا حزنا مقيما وفراغا أليما، ومازلت من هول الصدمة الملم أطرافي، كان وقع الخبر علينا فاجعا، كنا نتحاشى خبر الموت رغم حتميته ونكذب رحيله رغم أنف الحقيقة.
ورحل صاحب الإبتسامة الصافية النقية فى زمن عز فيه الابتسام كانت تخرج ابتسامته صافية من بريق الثنايا ومن تلك الدواخل التي لا تعرف الغل والحقد.
كان قوياً في موافقه هينا في عريكته يقنعه حديث المنطق وحديث القلب للقلب، كان صادقا جوهراً ومظهراً. ولكم اختلفنا في المواقف ولكن توحدت قلوبنا في محيط الزمالة، لم يفرقنا حائل ولم يقطع وصالنا كائن. ورحل الصادق لم يودعني وهو فى طريقه للخرطوم لاستلام نتائج الفحوصات والتي كان فى كل مرة يكذب فيها حدسه وينتقل من طبيب إلى طبيب ومن معمل إلى معمل ليس خشية من الموت.

كان دوماً مع الحياة يهب روحه الشفيفة للغير ويقدم خلقه النقى للآخرين من أول لحظة وانت تصادفه تولد عندك أشياء كثيرة وتحس انك قريبا منه وجداناً ومثلما خرج من الدنيا خلسة ودعنا الصادق خلسة، قبل سفره الأخير إلى الخرطوم بأيام تناولنا معا والزميل الهادىي إسماعيل العشاء فى بيت المندي بسنجة ولم احسبه العشاء الأخير، كانت جلسة تحمل عنوان الوداع ويتلطف فى حديثه زاهدا فى نعيم زائل قال لي يا ابوعرب لم اقوى على تخطي هذه السلالم فى مرات سابقة ولكن الحمد لله العافية بدت تدب فى الجسم وغدا بإذن الله السفر إلى الخرطوم.

احتضنت الخرطوم أم السودانيين الراحل المقيم فى قلوبنا الصادق آدم وهو يلتحف رداء القومية بمهنيته الإعلامية، منذ العام 2004 وقبلها بعامين كان الصادق يمارس هوايته المحببة عبر آلة التصوير فى براعة فائقة وتقديس كبير للعمل الإعلامي يحسد عليه، أهَّله ذلك لأن يكون مصوراً فى قناة الشروق ليمكث هناك زهاء العامين ويعود مرة أخرى إلى سنجة ليغازل هذة الآلة الساحرة، رئيسا لقسم التصوير بتلفزيون ولاية سنار قبل أن ينخر المرض فى جسده وهو يتحمل من آلامه ما تعجز عن حمله الجبال صارع المرض وصارعه إلى أن لقي ربه شهيداً.

رحل أبومحمد وأبوشريف وأبوأمنية، وهو الذي توزع موطنه في سنجة والدبكرة والخرطوم.
لم يعرف للحياة موطنا، كان حبيب الكل صديق الجميع.

رحل بلا استئذان، كان يقيني أن إرادته القوية ستهزم المرض، ولكن إرادة الله كانت فوق إرادة الجميع ولا راد لقضائه ولا نقول إلا مايرضي الله، وإنا لفراقك لمحزونون تركت فينا حزنا مقيما بكاك كل الزملاء فى هيئة إذاعة وتلفزيون ولاية سنار وكل من عرفك ولو لكسر من الثانية توطدت علاقتك به كمثل عقارب الحياة التي تجمع الناس دقائق وثوان.

اللهم اغفر لعبدك الصادق واحسن نزله ومسكنه وتقبله عندك شهيداً وادخله فى واسع رحمتك ومغفرتك في الفردوس الأعلى وبارك فى ذريته وصبرنا جميعا على فقده.
إنا لله وانا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
عنك: أخوك الزميل: يوسف العركي
هيئة إذاعة وتلفزيون ولاية سنار- سنجة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق