مقالات

إعتصام الصمود لأهل القبة يبلغ شهره الأول

ميرغني أحمد الطاهر:

مقال رقم (٨)

نبدأ من حيث إختتم الشاعر عبد العزيز الديريني قوله:
مشيناها خُطىً كُتِبَت علَينا ومَن كُتِبَت علَيهِ خُطىً مشاها
وَمَنْ كَانَتْ مَنِيَّتُهُ بِأَرْضٍ فَلَيْسَ يَمُوتُ فِي أَرْضٍ سِوَاهَا
يوم الأربعاء ١٦/١١/٢٠٢٢ م بلغ إعتصام أهالي منطقة القبة (نهر عطبرة) شهراً بالتمام والكمال سبب هذا الإعتصام كان التعدي الذي حدث على قرية القبة النموذجية من شركات إستثمارية تجاوزت فيه كل القوانين والأعراف ودون إحترام لهيبة الحكم والدولة. مناسبة هذا المقال هو تلخيص للأحداث التي صاحبت الاعتصام وموقف المواطنين وثبتهم على مطالبهم والدور الحكومي الحاضر بلجانه والغائب بأفعاله ودور المجتمع المحلي بمحلية الدامر ومنطقة نهرعطبرة وماجاورها.
زيارات حكومية متكررة والمحصلة لجان صفرية
– شهدت هذه الفترة زيارة ميدانية لأمين عام الحكومة بمرافقة ممثلين من اللجنة الأمنية بالولاية.
– زيارة للمدير التنفيذي لمحلية الدامر وبعض الجهات الأمنية.
– زيارة المدير التنفيذي للوحدة الإدارية الاتبراوي برفقة كل إداراته.
– زيارة من وإلى الولاية برفقة الأجهزة الامنية والأمين العام للحكومة والمدير التنفيذي لمحلية الدامر ومدير تنفيذي الاتبراوي.


ملخص كل هذه الزيارات:

تبادل للخطاب الجماهيري يستعرض ثبات المواطنين على المطالب وإعتراف حكومي بأحقيتهم في الأرض ولابد أن ترجع الحقوق الي أهلها حتى ولو كان الثمن الذهاب من كرسي الولاية كما ذكرها السيد الوالي في خطابه وانه ذاهب إلى الخرطوم بهذا الخصوص ويتكرر السيناريو كما بدأ.

دور مجتمع نهر عطبرة
من مكاسب إعتصام أهل القبة هو توحيد أهل نهر عطبرة خلف هذه القضية وكان هناك سند مجتمعي قوي وغير محدود تنادي له كل الأهل التبارة من كل مناطق تواجدهم أثبت تلاحم مجتمع منطقة نهرعطبرة كيف لا وهم أهل الوجعة والشركاء في الظلم الذي وقع نتيجه الهجمة الإستثمارية الجائره فكانت الزيارات اليومية لوفود منطقة نهرعطبرة من أعلاها في منطقة بقيادة نظارهم وقبائلهم المختلفة ورموز المجتمع الي أدناها في منطقة الاتبراوي من المقرن وحتى جرسي غربا ومن البخيتاب شمال وحتى أعالي سيدون شرقاً في تلاحم تباري خالص كان له الأثر الطيب في نفوس أهالي منطقة القبة انساهم جفوة وفجوة الحكم بهذه الولاية.
حاضرة الولاية دامر المجذوب كانت حاضرة
في قلب الحدث كانت حاضرة الولاية دامر المجذوب وضواحيها بزيارات العمد وزعماء القبائل والأهل والاصدقاء من هذه المدينة العريقة فكان لها وقع خاص في نفوس الأهل.
منظمات المجتمع المدني والاحزاب والقبائل
لم تقتصر الزيارات على المواطنين فقط فكان التفاعل من منظمات المجتمع المدني والاحزاب السياسية وأجهزة الإعلام والصحفيين حضوراً فكانت زيارة الأحباب في هيئة شئون الأنصار وحزب الأمة القومي بولاية نهر النيل وبعدها كانت زيارة وفد التجمع الاتحادي الموحد مناصرين ومؤيدين لهذه القضية، وأعقبتها زيارة أخرى من هيئة شؤون الأنصار بقيادة مرشدها للمرة الثانية. أيضاً كانت زيارات نظارة الجعليين والكمالاب والطالباب والقرعان والنوبة والأهل بكبوشية وأم شديدة وغيرها من القبائل ونعتذر لمن فاتنا ذكرهم.

إعلان زيارة والي نهر النيل واعتذار مفاجئ
تواصل الاعتصام من غير أن تلين للمعتصمين عزيمة وكلهم إصرار على مواصلة المشوار
في ليل الجمعة الموافق ٤/١١/٢٠٢٢م الساعة التاسعة مساءً تم إخطار المتعصمين بموعد لزيارة والي الولاية للاعتصام عند الساعة التاسعة صباحا من يوم السبت ٥ نوفمبر ٢٠٢٢م فتم إخطار كل مواطني منطقة القبة والقرى المجاورة من منطقة الاتبراوي لهذا الحدث المهم وتم الحشد وسط ترقب من المواطنين بأرض الإعتصام وتوقع الجميع أن الوالي قادم بحل ينهي معاناة الناس لفترة دامت ١٠ سنوات مضت في البحث عن فردوس القرية النموذجية المفقوده بفعل فاعل ولكن للأسف طال الإنتظار وبدأ الجميع في التململ وضاقت أرض الاعتصام بما رحبت وفي تمام الساعة ١٢ ظهرا حضر أمين عام الحكومة برفقة مدير أمن الدامر معلناً اعتذار الوالي عن الحضور وأحدث هذا الخبر هرجا ومرجا في صيوان الإعتصام حيث اعتبره الحضور إستخفافا من الوالي بالحضور وعدت هذه الزيارة على خير بعد تدخل من عقلاء أهل المنطقة.

بعد هذه الحادثة إتفق الجميع على أن الحل ليس بالأمر السهل ويجب الإستمرار في الإعتصام وإيقاف كل أشكال التعامل مع الجانب الحكومي لحين إشعار آخر لكن كان هناك طلب ومساعي من الأهل في منطقة الاتبراوي بأن تتاح لهم الفرصة في الجلوس مع الجهات الحكومية ومقابلة من تراه مناسبا لمناقشة هذه القضية وسبل حلها.

علاقة المعتصمين بالمستثمرين:
طيلة هذه الفترة إلتزم المواطنون جانب السلمية ولم يتعرضوا للعمال أو ممتلكات المستثمرين وخلت هذه الفترة من أي صدام سوى بعض المناوشات التي تم التعامل معها بحكمة وبالأخص مع عمال المحاور الخاصة عدا ذلك هناك غياب تام لهذه الشركة ولم يعرف لها أثر أو هوية.

مساعي لجنة الإدارات الأهلية بالدامر
تقدم وفد من الإدارات الأهلية بالدامر بطلب للمعتصمين بأن تتاح لهم الفرصة لمناقشة الأمر مع الوالي وحكومته تم السماح لهم بذلك اجتمعت هذه اللجنة بالجانب الحكومي برئاسة الأمين العام للحكومة الوالي بالإنابة والجهات الفنية بالولاية (مرفق صورة الخبر) وخرجت أكدت اللجنة على حقوق مواطني منطقة القبة وأنه لابد من حل جذري لهذه المشكلة ورفعت اجتماعها لموعد آخر حدد له يوم الأحد، لم تجتمع هذه اللجنة وتوقفت عند هذا الحد وتم إبلاغ لجنة القبة باعتذراهم عن المواصلة.

لجنة حكومية أخرى
يبدو أن الحكومة رأت ان المخرج من هذه المشكلة هي كثرة اللجان، في يوم الأحد تم تكوين لجنة أخرى برئاسة المدير التنفيذي لمحلية الدامر بغرض وضع حل شاف لهذه المشكلة.

عقدت هذه اللجنة أول إجتماعاتها يوم الثلاثاء برئاسة المحلية بحضور بعض عضويتها ومازالت هذه اللجنة تباشر أعمالها بغرض الوصول لحل.

لجنة القبة تقطع الطريق أمام الجميع
بسبب كثرة اللجان من الجانب الحكومي بالأخص ونسخها بلجان أخرى قبل أن تصل لنتائج رأت لجنة القبة وقف التفاوض مع الجانب الحكومي عبر اللحان لعدم جدية هذه اللجان من ناحية وكذلك عدم منحها التفويض الكامل.

وحتى لا يتم إستغلال إسم مواطني القبة بدون علمهم لدرجة ان يذكروا في التقارير الرسمية (تقرير لجنة المساعي الحميدة نموذجا) هذا التقرير هو القشة التي قصمت ظهر البعير كل ماحدث فيه هو استدراج وفخ لصناعة حدث ما، لايعنينا في شئ نتطرق له في حينه لكن خلاصة القول أن هناك اتفاق من المواطنين وتوجيه صارم إلى لجنة المنطقة بوقف كل أشكال التعامل مع هذه اللجان والجهات الرسمية وأن ميدان الاعتصام هو الفيصل للحل وعلى المكشوف وبمشاركة أهل المصلحة من أهالي القبة وأي مشاركة خلاف ما اتفق عليه تخص صاحبها وغير ملزمة.

خلاصة القول
أولا: ماحدث في أمر قرية القبة النموذجية هو فساد إداري واضح ومخالفة لنصوص قانون التخطيط العمراني وتعدي واضح برعاية الدولة ويجب أن تتحمل فيها مسئوليتها كاملة.
ثانيا: إلى الآن لم يتم الكشف عن هوية شركة الرفاق التي تعدت على الأرض بل تتمتع هذه الشركة برعاية وحصانة حكومية بصوره تدعو للتعجب.
ثالثا: عجزت الحكومة في تطبيق الإجراءات الإدارية المتعارف عليها بالرجوع لاجهزتها الفنية من تخطيط عمراني والأراضي والمساحة وإعتمدت سياسة الجودية في حل مثل هذه المشاكل المعقده.
رابعا: بعد هذ الشهر إرتفع سقف المطالب لدي مواطني قرية القبة ليشمل كل أراضي القبة السكنية والزراعية ويجب أن يشمل الحل هذه الأراضي والا خيار التصعيد سوف يصل إلى إيقاف المستثمرين في كل أراضي ووديان القبة ومناهضة قرار التسوية الظالم وارجاع كل الأراضي الي أهلها.
خامساً: خلال فترة الشهر ومن قبلها خمسة سنوات من ٢٠١٨م توصلنا الي ان هناك عدم جدية من الجهات التنفيذية بالولاية لحل أي مشكلة تخص الاستثمار ودائماً ماتنحاز الحكومة الي جانب المستثمر على حساب المواطن.
سادسا: كل اللجان التي تم تكوينها من حكومة الولاية لجان عاجزة ولا جدوى من تكوينها وإنما للاستهلاك فقط.

ختاماً: رسالتنا لحكومة الولاية هل وصل الأمر أن تقطع مشكلة قرية القبة النموذجية قول كل خطيب وأن تتعطل اللوائح والقوانين يكفي الرجوع إلى خريطة الولاية بإدارة المساحة بالولاية ومعرفة مالك الأرض موضوع النزاع وكذلك الرجوع إلى خريطة الأمن الغذائي الدامر لمعرفة حدوده وتحديد ما إذا كانت هذه الأرض داخل أو خارجه. وأخيراً إثبات الحق لأهل القبة بهذه الطريقة أهم من التفكير في تعويض المواطنين ليشمل هذا الإثبات الكشف عن هوية هذه الشركة ومن يقف وراءها.

مطالب لن تتغير لأهل القبة
تسليم الأرض السكنية والزراعية كاملة بدون قيد أو شرط، القضية واضحة وعلى الحكومة أن تحترم خيارات أهالي القبة هذه بلدهم ومنطقتهم لا تنازل عنها.

نختم كما قال عكير الدامر:

الواسطة التجيك لي كتلة والله خسارة
ناس خليك أخير ديل تماسيح سارة
ورهم القنع بي كل جد وجسارة

صبح ونستهم مالقينا فيهو بصارة

والله المستعان

ميرغني أحمد الطاهر – القبة

الأربعاء ١٦ نوفمبر ٢٠٢٢م

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق