مقالات

روشتة سياسية

بقلم/ سيف الدين أبونورة:

مازالت فترة حكم الانقاذ الطويلة والعميقة تلقي بظلالها (شراً وخيراً) على المشهد السياسي السوداني خلال الفترة من سقوط النظام وحتى الآن، فالتأثير كان على كل المناحي والمحاور. ونطرح هنا الجانب السياسي وهو الأهم ويجب أن تلتقي فيه الأطراف جميعها متواضعة يعترف كل منهم بالآخر ويتعامل بحجم ووزنه الطبيعي ويقوم بدوره تفادياً للانفجار المتوقع والذي إذا حصل – لا قدر الله- يقضي على الأخضر قبل اليابس ويتأذى منه الكل والخسارة ستكون فادحة على الجميع.

وعندما نتحدث عن المعالجات يجب أن نبدأ بقوى إعلان الحرية والتغيير باعتبار أنها أساس التغيير وصاحبة التجربة السابقة والمتأهبة الآن لقيادة الحكم، وعليها قبل ذلك أن تضع لنفسها المعايير اللازمة التي تمكنها من معالجة قضاياها الداخلية وأن تراجع أوزان مكوناتها وتعيد هيكلة الجسم ومن ثم تراجع تجربتها السابقة في الحكم، ثم تطرح رؤيتها الجديدة للحكم الراشد، وترفع شعار الوطن للجميع.
أما عن الجانب العسكرى بشقيه (الجيش والدعم السريع) فمهما اختلف الجميع حول شكل وتقييم وجوده في المشهد فهو يعتبر العمود الفقري الذي يضمن تماسك البلاد وتنعم بسببه بقدر من الاستقرار، ويتمنى كل عاقل وحادب على مصلحة الوطن من السادة قادتها بناء الثقة الشخصية بينهم ثم وضع الأسس واللوائح التي تساعد على صناعة التنسيق المحكم  بين المؤسستين  معا فإذا جدوا في ذلك سيسجل لهم  التاريخ هذا الموقف الحكيم.

ومن أطراف هذه المرحلة التي زادت المشهد تعقيداً، الحركات المسلحة التي جربت الحرب وتعرف نتائجها ومخلفاتها، فعليها أن تراجع بمسؤولية أسباب تكوينها والأهداف النبيلة التي قامت من أجلها والتي لن تتحقق إلا في ظل فترة انتقالية تسودها السلمية والاستقرار وصولا إلى
انتخابات حرة ونزيهة تقي البلاد شبح الانهيار وتقودها إلى الأمام.
المؤتمر الوطني والذين شاركوه لهم كامل الحق في التمتع بعدالة انتقالية حقيقة وعليهم أن يتركوا الآخرين يأخذوا فرصتهم في  الحكم كاملة.

ماذكرناه جله صراع مركز ومراكز القوة فيه فهناك وكما هو معلوم صراع المركز  والهامش والذي أثر سلبا على الهامش أو الأطراف وأنتج واقعا مؤلما  كالنموذج السائر في شرق السودان والمتمثل في انحدار الصراع وانعكاسه على الواقع بشكل دموي حتى داخل الأحياء بين الجار  وجاره.
وللخروج من هذا المأزق، لا بد من إدارة عملية سياسية مدنية تنقل المجتمع  من العنصرية والجهوية  إلى رحاب الوطن والمواطنة. وأرى في تحالف القوى السياسية والمدنية والمنظمات  بالشرق مثالا جيدا لصناعة واقع متصالح
متجانس ومتماسك يعمم على أجزاء  السودان المتأثرة بمثل هذه الصراعات ليصلح ما أفسده الدهر وبعد  المركز.
ختاما على المجتمع الدولي أن يعي دوره  وكذلك دول الجوار وخاصة مصر وعلاقاتها المتعددة واريتريا وقربها من الشرق، وأن تصطحب الآلية الثلاثية في مفاوضاتها طبيعة وتسامح السودانيين الذين عندما يلتقون تذوب كل خلافاتهم ولا تسمع في نهاية كل نقاش إلا أبشر يازول.

سيف الدين أبونورة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق