صحة وبيئة

اليوم العالمي للأراضي الرطبة

د. الفاتح يس:
alfatihyassen@gmail.com

الأراضي الرطبة هي كل وسط تغمره المياه كليا أو جزئياً؛ سواءً كان ذلك بصفة دائمة أو مؤقتة، وبداخل هذه الأراضي الرطبة نظم بيئية متعددة، وتلعب هذه النظم دورا رئيسياً في دورة المياه ونقاؤها، والمحافظة على الكائنات الحية الموجودة فيها، وهي ذات أهمية حيوية لبقاء البشرية نظراً لفوائدها التي لا حصر لها وللخدمات الإيكولوجية التي تقدمها منذ قرون بعيده، ولو لا الأراضي الرطبة لما نما ولا إخضّرَ زرع ولا ضرع، ولما وُجدت مراعي ولا غذاء، ولا عاش حيوان ولا إنسان

مؤتمر الأراضي الرطبة ذو الأهمية الدولية، والذي يعرف أيضًا باسم مؤتمر رامسار Ramsar؛ عرَّف الأراضي الرطبة بأنها تشمل البحيرات والأنهار، المستنقعات والسبخات، الأراضي العشبية الرطبة وأراضي المخثات، الواحات، مصبات الأنهار، دلتا الأنهار وسهول المد، المناطق البحرية القريبة من الساحل وأشجار المنغروف.

يجب الحفاظ على الأراضي الرطبة لأنها تقدم حلاً طبيعيًا للتهديد العالمي لتغير المناخ الذي بات من مهددات العصر الحديث، فهي تمتص غاز ثاني أكسيد الكربون، ولذا فهي تساعد على تقليل وإبطاء من ظاهرة الإحتباس الحراري وتقليل التلوث، وبالتالي فغالبًا ما يشار إليها باسم ”كلى الأرض”، وتخزن أراضي الخث (أحواض تخزين الكربون) وحدها ضعف كمية الكربون التي تخزنها جميع غابات العالم مجتمعة.

يحتفل العالم، في الثاني من فبراير من كل عام، باليوم العالمي للأراضي الرطبة
(WWD) World Wetland Day
بهدف زيادة الوعي بالأهمية الكبرى التي تمثلها الأراضي الرطبة في حياة الإنسان ووظائفها الحيوية بالنسبة لكوكب الأرض. ويعتبر هذا اليوم العالمي أيضًا مناسبة لتخليد ذكرى توقيع اتفاقية رامسار بشأن الأراضي الرطبة في مدينة رامسار الإيرانية سنة 1971.

المحافظة على الأراضي الرطبة بالعمل على منح حماية شرعية ورسمية من قبل السلطات الحكومية ووكالات حكاية البيئة للمواقع الطبيعية؛ ولابد أن تُستمد هذه القوانين والتشريعات من القوانين الدولية الإقليمية والعالمية.
وأيضاً لابد من وضع قوائم حمراء للأنواع المادية والحيوية المهددة بالندرة والانقراض، ولابد من وضع خطط واضحة المعالم للمواقع الطبيعية ذات الأهمية الأيكولوجية المعتبرة، ووضع أدوات تُحافظ على المحميات الطبيعية؛ بمشاركة الجهات المختصة مثل المجلس الأعلى للبيئة ووزارة الزراعة والغابات والثروة الحيوانية ووزارة التخطيط العمراني وشرطة حرس الصيد والحياة البرية وغيرها.

السودان به مساحات كبيرة من الأراضي الرطبة مثل نهر النيل وشواطئه وحتى الأنهار الموسمية مثل نهر عطبرة ومجاري النيل وروافده والخيران (خور أبوعنجة) ومجاري السيول والفيضانات؛ وللأسف الشديد تتعرض للتلوث عن طريق رمي النفايات بها وغسيل السيارات وتصريف مياه الصرف الصحي والصناعي بها، والبناء العمراني فيها وفي مجاري السيول، بالإضافة إلى النشاطات الصناعية مثل إستخراج المعادن والممارسات الشخصية السالبة مع المياه والأراضي الرطبة؛ وكل هذه تعتبر مهددات للبيئة وللأراضي الرطبة؛ وتعمل على تدهور النظام البيئي الإيكولوجي؛ الذي بدوره يؤدي إلى تهديد وإنقراض الكائنات البحرية والتي تعيش في هذه البيئات الرطبة، والتي تتغذي عليها بعض الكائنات البحرية الغذائية مثل الأسماك؛ وبالتالي يحدث كسر او خلل في السلسلة الغذائية ومستوياتها؛ الذي بدوره يقلل من تكاثر ونمو الثروة السمكية؛ وبالتالي تحدث أزمة في الغذاء، وحتماً ستؤثر في الإقتصاد بصفه عامه؛ ومن هنا نناشد المجلس الأعلى للبيئة بالإهتمام بالأراضي الرطبة بوضع وسنّ وتنفيذ قوانين واضحة المعالم وسهلة التنفيذ وعقوبات رادعة، وووقف كل الممارسات التي تهدد الأراضي الرطبة والبيئة.

د. الفاتح يس
أستاذ جامعي وباحث في قضايا البيئة والمناخ والإقتصاد الأخضر والطاقات المتجددة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق