مقالات

الدعم السريع مليشيا بلا أخلاق ولا دين ولا تقاليد سودانية

بقلم/ بكري المدني:

ما جرى في 15 أبريل والأيام التالية لم يكن الحدث الأول من نوعه بالخرطوم فالعاصمة شهدت من قبل عددا من الغزوات والعديد من الانقلابات العسكرية، ولكن ما ميز تلك الأعمال الحربية والعسكرية عما يجري اليوم هو توقف اؤلئك عند الخطوط الحمراء بينما لم يكن لهؤلاء أي خطوط يتوقفون عندها لا أخلاق ولا دين -لا عادات ولا تقاليد سودانية.

أسوأ ما شهدته خلال الأزمة الجارية كان تسجيلا (فيديو) في مسجد يخاطب فيه دعامي بكامل زيه العسكري بعض المصلين في منطقة طرفية على ما بدا ويحدثهم عن عدوهم المفترض والذي لم يكن سوى بعض المجتمعات والقبائل السودانية الأخرى محددا التعامل معهم بصوت رصاص كان يطلقه من فمه الحاقد.

وأسوأ ما سمعته كذلك حديث أحد القساوسة من أقباط ام درمان والذي حكى في حوار مطول الإذلال الذي تعرضوا له في منازلهم وفي كنائسهم من قبل الدعامة والذين كانوا يطلبون منهم فوق ذلك أن يسلموا.

لم تكن دور العبادة للمسلمين والمسيحيين هي وحدها التى تعرضت للانتهاك في الخرطوم ولكن كثيرا من الدور المحترمة والتى لديها بعض من قداسة لدى كثير من السودانيين تعرضت هي الأخرى وساكنيها للانتهاك وللذكر وليس الحصر فلقد عبث الدعامة بدار ابو جلابية -نزل السيد الميرغني- ودخلوا بيت الإمام الصادق المهدي واحتلوا بيت الزعيم الأزهري ونهبوا منزل البروف على شمو وهذه فقط مجرد عينات من كميات لم يراع فيها الأوباش لا للرموز ولا لمن يقدرونهم.

إن كان ذلك تعامل الدعامة مع الكبار فإن تعاملهم مع الصغار ومع الضعاف أسوأ فمع انتهاكاتهم الفظيعة للنساء من خلال عمليات الاغتصاب التى وثقوا لها قبل غيرهم اغتصبوا فتيات صغيرات في السن أيضا ولعل بطلة أقبح فيلم اغتصاب صوروه أنفسهم كانت قاصرا ولكن أنى لهم الأخلاق وبين صفوفهم العديد من الأطفال المجندين قصرا والذين اقحموا في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل.

أمس الأول قتل الدعامة العديد من الشباب العزل في منطقة العزوزاب (جنوب الخرطوم) لتنضم بذلك هذه الجريمة البشعة لسلسلة جرائم استهداف المدنيين والتى ابتكر فيها الدعم السريع طريقة خسيسة وهى ضرب البيوت عشوائيا بالدانات عند سماع صوت الطيران للإيحاء بأنهم ضحايا قصف الطيران وهى طريقة لا يأتي بها إلا شيطان من حيث التفكير ومن حيث التطبيق.

ان كان أعلاه نصيب المعاني مع الدعامة فإن واقع المباني أسوأ إذا لا توجد مؤسسة عامة أو خاصة على طول وعرض العاصمة إلا وطالها النهب والتخريب والدمار والتشويه والتشفي الذي يدعو للحيرة، كل المصارف والبنوك والفنادق والنزل والوزارات والمؤسسات العامة والأماكن الخاصة والمواقع السياحية والمناطق الأثرية وكأنهم هبطوا من كوكب آخر لدمار عمار الأرض بدوافع غريبة وسلوك غير مفهوم.

إن ما يجري في الخرطوم ومثله ما جرى في الجنينة وبعض مناطق دارفور الأخرى جريمة ضد الإنسانية وجريمة حرب كاملة وجريمة ضد الدولة وكل جرائم التطهير العرقي والقتل خارج إطار القانون والإتلاف والإرهاب والاغتصاب والسرقة والنهب وغيرها من الأعمال البربرية والتى تصنف الدعم السريع أكثر من غيرها كواحدة من أسوأ المليشيات الإرهابية في العالم وكل هذه الجرائم لن تسقط بالتقادم وإن سقط الدعم السريع بالهزيمة ولن تعالج بالتسوية وإن جرت مجريات السياسة بالصلح والاتفاق.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق