أخبار وتقارير

واقع المرأة في مناطق النزاع والحروب.. الدول العربية نموذجا

الساقية برس- تقرير/ عبد القادر جاز:

أظهرت الحروبات والنزاعات واقعا مغايرا لما تحمله الإنسانية من معاني وقيم لحفظ كرامة الآدميين خاصة فئة النساء التي تزداد نسبة إنتهاكها بالاغتصاب مرة وبالقتل مرات، وبالتشريد المخالف للعادات والتقاليد السائدة في مجتمعاتنا العربية في ظل الحروب، يمثل ذلك أكبر تعدي إنساني يكشف عن جوانب ضعف جذرية في القوانين، ما الكيفية التي يمكن بها تلافي هذا الفعل مستقبلا؟.

يرى البعض أن عدم الاعتراف بالنساء أضاع عليهن فرص المشاركة في صنع المستقبل العربي، وجعل المراة مهيضة الجناح ومضطهدة في المجتمع العربي الذي يغلي كالمرجل في ظل حروب لا تعرف التوقف، أين تكمن المشكلة وما الحل؟

الركون والاستضعاف..

أوضح د.ياسين حسن محمد عثمان أستاذ القانون بجامعة نيالا وعضو الاتحاد الدولي للحقوقين أن طبيعة الحُروب في كلِ المُجتَمَعَات بِمُخَتَلفِ العصور خاصةً العربِيَةِ مِنْها، تجد أن نَظَرة المُجتَمع قاصِرَة تجاه المرأة، فضلا عن ركون المرأة نفسها لمظلة الإستِضعاف، مشيراً إلى أن هذا زاد من اضْطِهادها بواسطة المُجتَمع أو إِرْهاقٌها بتدابير عُرفية عنيفة وجائرة تُخالِف الدين والأخلاق ومُعامَلتها مُعامَلةٌ قَهْريَّة قاسية وتعسُّفيَّة، قائلاً إن هذا الأمرُ اتضح جليّاً في الآثار النفسية والبدنية والاجتماعية والإنسانية السّالبة التي تُخلفها الحرب على فئة النِساء.

الإصلاح الأخلاقي القانوني..
اعترف ياسين أن الحُروبات في مُجتْمعِنا العربي تَجَعَلْ من المرأة محل تعدي وانتهاك جُسمانِي بشكل مُستمِر ومُحط بالكرامة الإنسانية أكثر من غيرها من فئات المُجتَمع الأُخرى، على سبيل المثال الحروب التي دارت في السودان في الفترة من ٢٠٠٣ – ٢٠٢٣م، نجد التعدي على المرأة بشكلٍ قاسيِ ومُخيف من تشرد وقتل واغتصاب، ووصف تقشعرُ منه الأبدان، مرجحا أن هذا يرجع إلى عدة أسباب أهمها: ضُعف الوازع الأخلاقي والديني لدى المُجتَمع الذكوري خاصةً الجنود المتحاربين، بجانب ضعف بعض القوانين الجزائية من حيث التقنين والتطبيق، منبها إلى أنه يمكن تلافي هذا الضعف والقصور بالإصلاح الأخلاقي للمجتمع والقانوني بحيث تكون العقوبات المقررة لجريمة الاغتصاب مُشددة تُحقق الردع الخاص والعام معاً، مؤكدا أن الأثر النفسي والاجتماعي الذي تتركه جريمة الاغتصاب على المرأة تجعلها محل سخرية واستهزاء وكراهية من المجتمع قد تقودها إلى الثأر والإنتحار بحثاً عن كرامتها وشرفها، مستطرداً بقوله: إن بعض قوانين الدول تفرض عقوبات مشددة على جريمة الاغتصاب كالإعدام، أو هدم وتعطيل وظيفة الجهاز التناسلي للجانِي المُغتصِب.

الاستهجان والنظرة القاصرة..
أكد ياسين أن مشكلة الاعتراف في مجتمعاتنا العربية بالمرأة ككائِن بشري له حقوق آدمِية في المقام الأول وحقوق قانونية مُكتسبة هي محل صراع اجتماعي وجدل مفاهيمي خاطئ، مبيناً أنه على الرُغِم من أهمية دور المرأة في المجتمع نجِد أن الهيمنة الذكورية للإستئثار بالسُلطَة ومراكز القرار جَحِد الإعتراف بدور المرأة في حياتنا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغيرها، مشيراً إلى أن ذلك أدى إلى إضعاف وتحجيم وتقليل دور المرأة للمشاركة في صناعة المستقبل، قائلاً: “المرأة هي المدرسة التي تُعَلِم المَرْء الحياة”. ويرى أن حل قضية استِهجَان واستِضعَاف المرأة والنظرة القاصرة تجاهها تكمن في ضرورة الإعتراف بدورها العظيم الذي تقوم به في كافة ضروب الحياة المختلفة، بجانب تغيير المفاهيم المجتمعية الخاطئة المتمثلة في الأعراف والعادات والتقاليد الضارة المنافية للأخلاق والدين، مطالباً بضرورة التعزيز من فرص مشاركة المرأة في كافة مجالات الحياة التي هي جزءُُ منها، وتكريمها واحترامها ومنحها حقوقها الطبيعية والقانونية والشرعية كاملة حتى تكون جزء من صناعة هذا المستقبل.

النظرة الشمولية والنرجسية..
أقرت د.فاتن رمضان، رئيس منظمة بلا قيود السورية بأن الموروث الاجتماعي للثقافة العربية والتفسيرات الخاطئة للعادات والتقاليد والدين والعرف صنعت نظرة شمولية وفوارق لتفوق الرجل على المرأة في مختلف نواحي الحياة مؤكدة أن الحرب التي لا تعرف إلا لغة القوة والبطش وتنامي النرجسية الذكورية على حسب ضعف النساء ومحدودية قدراتهن في ظروف الحرب والقسوة التي جعلتها ضحية الحروب وسلعة في مجتمعاتنا تحكمها الذكورية والقوانين والعادات الرجعية والسلطوية.

القوانين الرادعة..
ترى فاتن أن تلافي معالجة قضية اغتصاب النساء العربيات وفقا لعدة إجراءات وخطوات جذرية لمعالجة هذه المشكلات المتأصلة في مجتمعاتنا من بينها عملية سن قوانين حقيقية حازمة وصارمة لردع ومعاقبة كل مجرم أو معتدي بحق النساء أثناء الحروب، واتخاذ عقوبات قانونية مباشرة، مشيرة إلى أن ذلك من شأنه التخفيف من هذه الممارسات اللا إنسانية واللا قانونية واللا أخلاقية، وتحميل السلطات الحاكمة والمشاركة بهذه النزاعات مغبة نتائج أي انتهاكات وجرم قد يطال النساء.

الظروف الاستثنائية..
شددت فاتن على ضرورة قيام حملات وعي لنشر ثقافة حقوق المرأة في مجتمعاتنا وبشكل خاص في الظروف الاستثنائية كالحروب والنزاعات لضمان صون حياة وكرامة وإنسانية المرأة بمعزل عن تلك الحروب التي يفتعلها تجار الحروب، وتذهب النساء كأحد ضحاياها، ودعت إلى أهمية إنشاء روابط وتجمعات نسائية متمكنة وقادرة على الدفاع عن نفسها بالرأي والوعي والتمكين بحيث تصبح المرأة العربية قادرات ومؤثرة في مجتمعها خاصة في الظروف الاستثنائية كالحروب والنزاعات.

الدور الشكلي والديكوري..
فيما يخص فرص مشاركة المرأة في صناعة المستقبل العربي، رجحت أن المشكلة الحقيقية تكمن رغبة وإرادة الحكومات العربية في إفساح المجال للنساء في المشاركة في الحياة السياسية وصناعة القرار في الدول العربية، ووصفت الدور النسائي في المشهد السياسي العربي كدور شكلي ديكوري بعيدا عن مراكز صناعة القرار الحقيقي، والرجل هو الذي يرسم مستقبل هذه الدول، مؤكدة أن معالجة هذه المشكلة تحتاج من الدول العربية لكثير من النضال والعمل الحقيقي على مستوى القوانين والأنظمة والوعي المجتمعي للتعريف بالمساواة والعدالة وحق المشاركة الحقيقية للنساء العربيات في صناعة القرار في دولهن ومجتمعاتهن، مطالبة بضرورة إعطاء الدور السيادي الحقيقي للنساء باعتبارهن نصف المجتمع والعمود الفقري له.

 

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق