مقالات
اليوم أكاد أجزم.. لو متنا لحاربت المقابر!!
الجميل الفاضل:
في بيتنا “ترسان” عصيان على الكسر، نبتا على كيفهما الخاص، كسائر أبناء هذا الجيل، لا يقبلان أدنى مساومة، ولا يعترفان بأنصاف حلول.
تعلمت من مصاب الجمعة “الفاضل” ومصاب الثلاثاء “مصطفى “، ماذا يعني بالضبط سميح القاسم وهو يقول:
الوحش يقتل ثائرا
والأرض تنبت ألف ثائر
يا كبرياء الجرح لو متنا
لحاربت المقابر.
فقد قدر إبني “مصطفى ” الذي تجاوز العشرين بسنة واحدة، ألا يترك مكان أخيه “الفاضل” الذي أصاب الكجر عينه في مقتل بمواكب الجمعة ٢١ أكتوبر .
فقد الح مصطفى في مواكب يوم ٢٥ أكتوبر ألا يترك هذا المكان في الصفوف المتقدمة شاغراً أو حتى ليسده سواه.
بيد أن من رموا عين أخيه اليسرى بطلق مطاطي قبل ثلاثة أيام ، أبوا إلا أن يرموا ساعده الأيسر هو كذلك بعبوة حارقة ذات شظايا، لم تترك في جسده الغض شبراً إلا وغرست فيه أنيابها الجارحة.
لقد امتحنني الدهر في أقل من أربعة أيام ، في فلذتي كبدي.
امتحان شخصي وضعني فيه القدر أمام سؤال مباشر.. هو سؤال الاتساق؟
بيني وبيني سألت بالطبع نفسي.. ترى هل كنت جديراً عند الاختبار بمقام ما دأبت أقول به للناس، وما ظللت أطلقه من أفكار في الهواء الطلق؟ أم أني كنت غير ذلك؟ ثم هل أنا قادر من بعد كل هذا على تحمل مسؤولية مثل هذه الأفكار والأقوال والأفعال كما ينبغي وبقبول تام، بل وهل أنا قابل لدفع أثمان مثل هذه الأفكار والأفعال والأقوال، في أعز ما أملك من الدنيا، عن صبر ورضا وطيب خاطر؟.
هي أسئلة أرجو أن يكون قد حالفني النجاح إلى الآن على الأقل، في ترجمتها إلى سلوك وواقع وفعل وممارسة.