مقالات

حمدوك ومسلسل الارتماء في أحضان العمالة والارتزاق

حدود المنطق

إسماعيل جبريل تيسو:

لا أدري من أين يأتي دكتور عبدالله حمدوك بهذا ( المزاج الواعي) الذي يدفعه للتفكير خارج الصندوق، والإتيان بما لم يأتِ به مَنْ سبقه من الأولين، ولن يفكر في انتهاج سبيله مَنْ يأتي بعده من الآخرين، أظن ” وليس كل الظن إثم ” أن ما يفعله حمدوك ليس سوى تأثيرات سلبية من صنيع التفاعلات الكيميائية لتخمُّر العنب أو الشعير المعتق، ليكون الناتج مواقف وأفعال ما أنزل الله بها من سلطان، إن يتبع إلا الظن وما تهوى نفسه، وهو في الآخرة من الخاسرين.

لقد أدهش حمدوك منطق الأشياء وهو يرأس أول حكومة للثورة، ويطالب في الوقت نفسه المنظمة الدولية بالتدخل في الشأن السوداني عبر إرسال بعثة أممية بتفويض سياسي يقوم على مساعدة السودان في تحقيق الانتقال الديمقراطي، ليفرض حمدوك على السودان وصاية دولية ويُلبسه جلباب استعمار جديد، في وقت تجاهد فيه الكثير من الدول من أجل إبعاد وطرد البعثات والقوات التابعة للأمم المتحدة من أراضيها بعد أن فشلت في تأدية مهامها وواجباتها المنصوص عليها في التفويض الممنوح لها، حدث ذلك في الصومال وفي البوسنة والهرسك وفي كسوفو، بل حدث ذلك حتى في السودان نفسه، من خلال التجربة الفاشلة للقوات المشتركة من الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في دارفور والمعروفة باسم يوناميد.

حمدوك وبعد أن خلع عن نفسه قميص رئاسة الوزراء وردّ بضاعة الشعب السوداني، وهام على وجهه عاطلاً في أرصفة المجتمع الدولي والإقليمي ومتوكأً على عصا الفشل الذي لازمه لأكثر من ثلاث سنوات قضاها (مهزوزاً ) في كرسي الحكم في السودان، هاهو يعود إلى الواجهة محمولاً على أكتاف الأزمة السودانية، وينطلق بذات المفاهيم الفاشلة، ليكتب عنواناً جديداً لضلاله القديم فيستنجد مرةً أخرى بالمنظمة الدولية ويطلب استمرار تفويض بعثة الأمم المتحدة يونتاميس التي أحضرها قبل ثلاث سنوات وشهد فشلها بأم عينيه.!

حمدوك أعرض عن هذا، واستغفر لذنبك إنك كنت من الخاطئين، التائهين، الآمرين بالسوء، وإلا كيف لك أن تتجرأ على مخاطبة الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن الدولي، بأي صفة؟ وبأي جنسية؟ ومن فوضك؟ لقد أضحكت علينا العالم الذي ظل يبكي على السودان منذ الخامس عشر من أبريل الماضي، تأريخ اندلاع الحرب التي كنت شريكاً في إشعال نارها بشخصيتك الرمادية وضعفك البائن في إدارة دولاب الحكومة الانتقالية، وهروبك بعد أن شاركت في انقلاب ٢٥ أكتوبر الذي تتزرع به الأن لتبرير فشلك وإضاعة فرصة تأريخية لتقديم نموذج دولة تنعم بالأمن والسلام والاستقرار والحرية والديمقراطية والنهضة والازدهار، فما وجدته من تأييد جماهيري لم ينله أي سياسي أو مسؤول في تأريخ السودان الحديث.

لا شك أن مخاطبة حمدوك للأمين العام للأمم المتحدة ولرئيس الدورة الحالية لمجلس الأمن الدولي، يعتبر جريمة نكراء وانتهاكاً واضحاً وصريحاً لسيادة السودان، وعلى وزارة الخارجية أن تتحرك فوراً للنيل من هذا الحمدوك الذي لم يوقفه نزع جوازه ولن يرعوي، وسيمضي في هذا الخطل ويأتي بالمزيد من التُرّهات والأباطيل طالما أن الحكومة تتعامل معه ومع من يقفون وراءه من عملاء ومرتزقة، بهذا التساهل في وقت تشهد فيه البلاد حرباً ضروساً تتطلب من أجهزة الدولة إعمال الشدة والغلظة والحسم مع هؤلاء المرتزقة الذين لا يريدون لبلادنا خيراً، ويحاولون مع سبق الإصرار والترصد تنفيذ أجندات خارجية تستهدف تدمير السودان وتفكيكه وتمزيقه.

لم يتعلم حمدوك من دروس الأمس، ولم يستفد من العظات والعبر التي أفرزتها تجربته الفاشلة، فحمدوك الخبير الاقتصادي الذي يحمل شهادة دكتوراة في علم الاقتصاد من كلية الدراسات الاقتصادية بجامعة مانشستر في المملكة المتحدة، فشل في إخراج السودان من ضائقته الاقتصادية، بل زاد الطين بلة فشهدت البلاد في عهده انفلاتاً جنونياً للدولار، وارتفاعاً غير مسبوق للأسعار، ومعاناة في معاش الناس، وليس هذا بمستغرب طالما أن هذا الحمدوك ارتضى أن يكون بخبرته الاقتصادية وشهادته العليا، نائباً لرئيس اللجنة العليا للطواريء الاقتصادية في السودان، التي ذهبت رئاستها لمحمد حمدان دقلو الذي لا يفقه في الاقتصاد شيئاً سوى تجارة الحمير وتهريب الذهب، وهاهو حمدوك نفسه يعيد الكَرّة اليوم، ويتحرك تحت إمرة قوى سياسية، كان لها القدح المعلى في فشله المبين، (والبباري الجداد بمشي الكوشة).

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق