مقالات

أقبل رمضان.. غاب الحلو وظهر المر

صوت القلم

د.معاوية عبيد:

من الكلمات التي تطلق في لغة العرب علي معنيين متضادين : كلمة المفازة و تطلق علي المنجاة أو المهلكة، أيضا كلمة السَّلِيم : للسالم أو للملدوغ
الجون : للابيض أو الأسود
السَّدُفة الظلمة أو الضوء
الغابر : الماضي أو الباقي
وعندنا في السودان كلمة الحلومر كلمة واحدة تطلق علي مسمي واحدة
وهذا الحلومر أو مشروب ( الابري ) تظهر ملامحة ونحن ننتظر قدوم هذا الشهر الكريم شهر رمضان والأسر تستعد لاستقبال هذا الشهر العظيم ، من أوجب الواجبات عندنا في السودان هذه الأيام( عواسة الابري ) هذا المشروب الرائع وهو يشكل قائد الفريق أو العضو الاساسي في المائدة الرمضانية السودانية ، هذا المشروب يتم تحضيره منذ وقت مبكر لقدوم الشهر الفضيل وهذه واحدة من معالم قروب هلال رمضان ، ففي كل حي وكل فريق تشتم رائحة ( الحلومر ) الذي يقمن النساء بتجهيزه وتحضيره بالإضافة للاستعداد لاستقبال شهر رمضان بكثير من العادات و التقاليد و المورثات التي وثها الشعب السوداني جيل بعد جيل، مثل شراء الاواني المنزلية الجديدة التي يحملها الرجال ( للضرا أو برش الإفطار ) أيضا إنارة الشوارع والمساجد وغيرها من مظاهر الفرحة بقدوم هذا الشهر ، ونجد أن الأمة الإسلامية في كل بقاع الارض تحتفي بقدوم رمضان احتفاء عظيما، ولكل بلد موروث ثقافي يتعلق برمضان، وهي موروثات تعبر عن البهجة باستقبال رمضان، وهي بهجة تأخذ أشكالا وصورا متعددة من طرق الاحتفال، تتوارثها الأجيال جيلا بعد جيل.
وهذا يدل على رسوخ هذا الدين، وتجذره في قلوب المسلمين سواء كانوا عربا أو عجما، وهذا بلا شك من تعظيم شعائرالدين،  فما من بلد مسلم إلا وأهله يستقبلون رمضان بانشراح وفرح، ولكن الشعب السودان في هذا العام غابت عنه هذه الفرحة وغابت من شوارعه وحواريه رائحة الحلو وظهر المر ، بسبب هذه الحرب اللعينة التي اشعلها أعداء البلاد والخونة والعملاء من ابناء بلادي ، هذه الحرب غيبت رائحة الحلو من فرحة السودان بقدوم هذا الشهر وطبعت علي وجوههم مر الذكريات و الايام الجميلة في ديارهم التي سرقها ونهبها الجنجوبد، غاب حلو لمت البرش والضرا وحضر مر التشتت في دور الايواء وبلاد المهجر ومعسكرات النازحين ، غاب حلو لقاء الاحبة وحضر مر استشهادهم أو نزوحهم الي اي ولاية من ولايات البلاد ، غاب حلو صلاة التراويح وصوت المآذن وظهر مر الجنجويد الذين دمروا هذه البيوت بيوت الله ومنعوا رفع الاذان في الاخري ، غابت رائحة ( الابري ) وظهرت رائحة الموت و البارود ، غاب حلو صوت المآذن وقراءة القرآن وظهر مر المدافع والدانات، غاب حلو ضحكة الأطفال وفرحتهم وسمرهم في هذا الشهر الفضيل في الاذقة و الشوارع وظهر شبح الموت والجنجويد في الاذقة و الحواري ، غاب حلو صوت الاذاعة السودانية وبرامجها الثرة وبرامج اغاني و اغاني وغيرها من البرامج الحلوة علي الوسائط الاعلامية وظهر علي هذه الوسائط مر الاخبار من قتل ونهب ودمار للبني التحتية لحياة الشعب السوداني، غاب حلو لعبات الصبية ( شليل وين راح وشدت وسكوكية) وظهر مر مطاردت الجنجوديد ( سكوكية) للشباب والصبية وقتلهم بدم بارد ، وراح شليل وراحت معه كل الذكريات الحلو من شوارعنا ومزارعنا ومدارسنا ومازلنا، غاب حلو التعليم و المدارس وطابور الصباح وظهر مر الجهل وضياع التعليم ومستقبل الأجيال، غاب حلو الحياة واستعداد النساء لشراء اغراضهن من الأسواق وإعداد زاد الصائمين بفرحة ، وظهر مر سرقة ونهب الأسواق واغتصاب النساء وضياع فرحتهن ، غاب حلو الحياة عند كل الشعب السوداني وهو يقدم الزاد للجار والصديق والجار من دول الجوار ولكن ظهر مر غدر هؤلاء بجارهم الذي قدم لهم اليد البيضاء ،ظهروا بمر قتل جارهم وسرقة داره ، ظهروا بمر ما تحمله قلوبهم السوداء من حقد وغل علي هذا الشعب السوداني ، ظهر حلو الذكريات مع هؤلاء الجيران و الأصدقاء اهل النفاق والغدر ، نسأل الله في نهاية شهر شعبان هذا أن يبلغنا رمضان ونحن علي أتم صحة وعافية وإن يعم السلام ديارنا وتعود حياة الشعب السوداني ويعود الحلو ويكون المر درساً للشعب السوداني في إعادة حياته وتعامله مع الحياة ومع جيران السوء سواء في الحلة أو دول الجوار ، تعود الحياة حلوة ويضع الشعب السوداني المر درسا يعمر به بلاده ويتوحد مع يعضه البعض.

 

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق