مقالات
لواء شرطة (م) د. إدريس عبدالله ليمان يكتب: تأملات فى معركة الكرامة
لم يَكُنْ أَكثر النَّاس تَشَاؤماً يَتَوقَّع أنْ تَستَمِر الحَرب يوماً أو بَعضَ يوم ..!! حتى مساعد القائد العام تَوَقَّع لها بِضعَ ساعات فقط فى حدِيثه لقناة سكاى نيوز العربية .. !! وحِينَ إستَحَرَّ القَتل على الشعب السودانى وسَالَتْ بُحور وشلالات الدِّماء تحت أقدامه مع السلب والنهب والتَشرِيد والتهجير لأكثر مِنْ عام بدأ فى البحث عمَّن يَحُلُ له اللغُز الغَامِضْ ويُجيب على أسئِلَتِه الحائِرة : ما هِىَ دواعى هذه الحرب اللَعينة لِتَكون آثارَها ونتائِجَها بهذا القَدر مِنْ الدَّمَار والخَرابْ ..!!؟ وهل هِىَ حرب عبثية كما كان يَظُنُّ الناس عند إندلاعها أم حرب كرامة حقيقية وصفحة فى تأريخ الصِراع بين الحَقِّ والبَاطِلْ ..!!؟ وهل كان جيشنا قويَّاً وهو يُظهِر ضَعفَهُ أمام المليشيا ، أم كانت المليشيا ضعيفة وهى تُظهِر لنَا قوتها الباطشة الكاذبة ..!!؟ وهل قام كذَّاب اليمامة الجديدة وقائد المليشيا والحاكم العام المُرتقب للبلاد بإمر أسياده وبرعاية الكفيل والوكيل بحساب التَكلُفة الباهظة للحرب وهو يسعى لإبتلاع الدولة السودانية ، أم قادَهُ التَهَوُّر الأرعنْ للمحرقة وهَلاك مُقاتِليه ونُفُوقَهُم فيها ..!!؟
ومَرَّتْ أيام الحَربْ وشهورها ثقيلة على أهل السودان وهم يعيشون لحظاتها ويخوضون غمارها ينتظرون ما يُخَبِئَه لهم القَدَر موتاً أو حياةً دون أن يَجِدوا الإجابة ، وأضحت الدقائق وهى تَمُرُّ عليهم كأنها الدهر والعُمرُ كُلَّه .. فقد كانوا فُقرائُهم وأغنياؤهم آمنون فى سِربِهم تَحرُسَهم عِناية الله قبل أن يأتيهم الموت القادم من الغرب ومن عُمقِ الصحراء ، ويأتيهم طُوَفَان العُقوق من كُلِّ مكان .. فقد مَثَّل ذلك السرطان الصحراوى الذى زرعت قوى الشَّر خلاياه الخبيثة فى جسد الدولة السودانية عبر وكيلها الإقليمى فنما وترعرع وإنتشر فى مفاصل الدولة تحت بصر حُكَّامنا القُدامى والجُّدُدْ ( غباءًا فى التدبير وطمعاً فى السُلطَة ) .. مَثَّل ذلك الورم إبتلاءًا حقيقياً لأهل بلادى البُسطاء الكُرماء المُسالمون ، فنازلوا الغُزاة المعتدون بسلاح الرجولة الذى لا يملكون غيره ، وبقلوبٍ لا تعرف الخوف ..!! فسقط منهم من سقط فى ميدان البطولة وساحة الشرف والكرامة دفاعاً عن أعراضهم وأنفسهم وأموالهم ودفاعاً عن أرضهم التى ضَّرجوا تُرابها بِمسك دمائهم ( لا شُلَّتْ أيديهم ولا نَضَبْ معين رجولتهم ) .. فأولئك الغُزاة لا يعرفون إلاَّ لُغة القوة ولا يفهمون إلاَّ حديث ( أم قدوماً عفِنْ ) ، ولا يهابون الإَّ الشُجعان و ( فلاحتهم فى المساكين العُزَّل وفى النساء ) فليخسأ بنى دقلو ومليشياتهم ومن على شاكلتهم ومن ناصرهم وشايعهم من بنى وطنى .
فيا سيِّدى البرهان سيكتب التأريخ فى ألواحه وأوراقه وصفحاته أنَّ بلادنا فى ظِلِّ ولايَتِكُم كانت قاب قوسين من الضياع بعد أن غرز من كُنَّا نَظُّنهم إخوةٌ لنا خِنجرهم المسموم فى خاصرة دولتنا وإحالة جريمتهم لتُسجَّل ضِد مجهول بعد إنكارها والتبرؤ منها رغم الدماء التى لاتزال على صفيحة خِنجرهم والثمن الذى ملأ جيوب أعوانهم ..!! وسيكتب التأريخ أيضاً أنكم وطاقم حراستكم سجلتم ملاحم من البطولة فى قتال مباشر وغير متكافئ مع المليشيا المدججة بالسلاح النوعى فكانت أرواحهم الطاهرة كالقناديل التى أضاءت الطريق وبددت العتمة ..!! وسيكتب التأريخ أن قواتنا المسلحة الباسلة وشرطتنا الفتيَّة وجهاز أمننا القوى الأمين ومن خلفهم أبناء الشعب السودانى مناصرين وداعمين إستطاعوا إستعادة الدولة السودانية من الإختطاف وإنقاذها من الضياع فى أهم عملية إنقاذ وأضخم إنجاز خلال الحقبة الوطنية وإن كان الخطر لايزال قائماً ولو بنسبة أقل ..!! وأنَّ هذا المشروع الإستعمارى الإستيطانى الصهيوأماراتى المُدَمِّر مصيره الفناء يا سيِّدى .. ويقيننا بالله وظننا به أن الأمن سيستَتِبْ وستطمئِنُ النفوس وسَتُفرشُ البُسُط وتُذبح الذبائح وتُنحر الجَزور بحول الله وقوته .. إلاَّ أن شبح التشويه والتشويش لواقعنا وحالنا من قوى الشَّر بسياسة التطويع الإقتصادى والخنق والتجويع ستظَلُّ قائمة وتتطلب منكم اليَقَطة والتَصَدِّى ، فكُلَّ الذى يُريده منكم شعبكم ومواطنيكم أنْ تكونوا قادة بحق .. قادرون على رسم المآلات بوعىٍ وبصيرة وبشورى وحكومة قوية .. !! لا قادة يتحركون فى دائرة الفرعون الذِّى لا يُرِى قومه إلاَّ ما يَرى ، وفى ما إنتهت إليه رؤيتهم .
نسأل الله أن يُعينكم ويوفقكم ويمدكم بأسباب النصر .
وحفظ الله بلادنا وأهلها من كُلِّ سوء .