أخبار وتقارير

متقدمون رسبوا في مواد أساسية يتم تعيينهم في وظائف دبلوماسية

وظائـف الخـارجية.. الفساد والمحسوبية

الخطوة تخرق قانون العمل الدبلوماسي والقنصلي..

خطأ لمفوضية الخدمة المدنية، تساهلت معه وزارة الخارجية..

إحباط وسط الدبلوماسيين،، والنقاشات تشعل منصات التواصل الاجتماعي..

تقرير- إسماعيل جبريل تيسو:

حالة من الإحباط والتململ والامتعاض تضرب بنية وزارة الخارجية، بعد أن طفحت قضية استيعاب راسبين في وظائف دبلوماسيين بالخارجية إلى الواجهة وشغلت التايم لاين خلال اليومين الماضيين، حيث ظلت ” قروبات” السفراء والدبلوماسيين على منصة واتساب محتدة بالنقاشات الساخنة منذ أن أثار الزميل الصحفي محمد عبد الماجد القضية، ونفض عنها الغبار من خلال تدوينة له على صفحته على منصة فيسبوك، حيث أشار الأستاذ عبد الماجد إلى تكتمٍ شديد ينتظم دوائر وزارة الخارجية على ما أطلق عليها ( فضيحة الموسم )، منوهاً إلى تدخل شخصية نافذة في الدولة، مارست ضغوطاً لاستيعاب مجموعة من الراسبين والراسبات ممن تقدموا للالتحاق بوظائف وسيطة في الوزارة السيادية في العام 2021م، حيث أفضى تدخل الشخصية النافذة إلى خضوع الوزارة للتوجيهات العليا باستيعاب تلك المجموعة وسط ذهول كل القيادات المحترمة داخل وزارة الخارجية.

تفاصيل القضية:
وتعود تفاصيل القضية إلى العام 2021م حيث أعلنت وزارة الخارجية عن حاجتها لملء وظائف شاغرة على المستوى الوسيط ” مستشارين وسكرتيرين أوائل”، ولما كانت الخارجية من الوزارات المرموقة التي يسيل لها اللُعاب فقد تدافع الألاف من الخريجين، كلٌّ يمنِّي نفسه بمقعد من الخمسين وظيفة التي تحتاجها وزارة الخارجية ( 20 وظيفة بدرجة مستشار، و30 وظيفة درجة سكرتير أول)، وبعد اجتياز الامتحان الإلكتروني للمعلومات العامة، تصفَّى العدد إلى 900 متقدم أو يزيد بقليل جلسوا جميعهم في حضن جامعة الخرطوم لامتحان تحريري من أربعة مواد هي اللغة العربية، واللغة الإنجليزية، والعلاقات الدولية، والمعلومات العامة، وانتهت هذه الامتحانات بنجاح أكثر من 100 متقدماً في المواد الأربعة ليصبحوا مؤهلين لخوض الامتحان الشفوي، والذي سيتم من خلاله اختيار خمسين متقدماً لشغل الوظائف المطروحة للتنافس، ولكن مفوضية الخدمة المدنية فاجأت الجميع وأعلنت أن كل من حصل على نسبة خمسين بالمائة فما فوق في المواد الأربعة سيكون مؤهلاً ليدخل الامتحان الشفوي، فوصل العدد إلى نحو 300 من المتقدمين، كان من بينهم من رسبوا في المواد التحريرية، فاختارت الخارجية منهم خمسين لشغل الوظائف المطلوبة، منهم 13 راسب وراسبة في قائمة المستشارين، و24 راسب وراسبة في قائمة السكرتيرين الأوائل، ليكون عدد الراسبين المرشحين للقبول في الوظائف 37 متقدماً، تتفاوت معدلات رسوبهم ما بين مادة ومادتين، فيما توجد متقدمة واحدة رسبت في ثلاث مواد، الأمر الذي يثير شكوكاً حول معيار اختيار هذه الدفعة التي تتحدث المجالس عن انتماء الكثيرين منهم الكوادر إلى القحاتة، مما يعيد إلى الواجهة جدلية المحسوبية في التوظيف، على حساب الكفاءة والقدرات.

ضجة كبرى:
ولم تكد تظهر القائمة النهائية المرشحة لشغل الخمسين وظيفةً في وزارة الخارجية إلى العلن، حتى ثار المتقدمون ممن اجتازوا الامتحانات التحريرية بموادها الأربعة، ولم يتم اختيارهم بعد الامتحان الشفوي، فأقاموا الدنيا وأقعدوها، وأحدثوا جلبة وضجة كبرى سارت بها الركبان، وشغلت منصات التواصل الاجتماعي والوسائط الإعلامية ليتدخل وقتئذٍ رئيس مجلس الوزراء دكتور عبد الله حمدوك، حيث شكّل لجنة حكومية برئاسة دكتور صديق أمبدة للنظر في القضية وحلها بشكل فوري، وانتهت اللجنة الحكومية إلى ما اسمته وجود خلل تعددت أشكاله، صاحب عملية الإعداد والاختيار النهائي للوظائف، وانتقدت اللجنة استيعاب بعض الراسبين في وظائف الخارجية، ورأت أن الإجراء يخالف قانون السلك الدبلوماسي، وأن السفراء في المقابلات معهم أقروا بوجود خطأ، فقررت اللجنة الحكومية أن يتم استيعاب عدد ال 13 الذين اجتازوا كل المعاينات التحريرية والشفوية، وبشأن ال37، فقد تم استبعاد 8 منهم بصورة نهائية لرسبوهم في مادتي اللغة العربية والإنجليزية، على أن يجلس ال29 المتبقون لامتحان ملاحق في مادتي العلاقات الدولية، والعلاقات العامة، وفي حال اجتيازهم للمادتين يتم إلحاقهم بال13 الذين تمت تكملة إجراءات تعيينهم، وبخصوص الذين أثاروا القضية ممن اجتازوا الامتحانات التحريرية بموادها الأربعة، قررت اللجنة الحكومية إخضاعهم لمعاينات شفوية.

قرار المحكمة العليا:
ولم يُرض قرار اللجنة الحكومية المتقدمين ممن اجتازوا الامتحانات التحريرية، فطعنوا في قرار اللجنة أمام المحكمة العليا، التي أقرت بوجود خرق لقانون العمل الدبلوماسي والقنصلي في المادة 22 والتي تشترط للوظائف في السلك الدبلوماسي والقنصلي، النجاح في الامتحان المهني والمعاينة، ووجهت بتعيين المتقدمين لوظائف المستشارين والسكرتيرين الأوائل بوزارة الخارجية، وهي المجموعة التي اجتازت الامتحانات التحريرية والمعاينة الشفوية، وألزمت المحكمة، وزارة الخارجية بتنفيذ القرار، وقالت إن قرار تعيين الراسبين الذي أصدره رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك فيه إساءة للسلطات، مبينة أن القرار في فقراته المتعلقة بعمل ملاحق لمن لم ينجح في الامتحانات “يفتح الباب واسعاً أمام إساءة استخدام السلطة”، والزمت المحكمة وزارة الخارجية والجهات المعنية بتنفيذ هذه القرارات فوراً، وعلى الرغم من صدور قرار المحكمة العليا، فإن العاصفة لم تهدأ، فقد رفض ال37 قرار جلوسهم لامتحان ملاحق، ومارسوا ضغوطاً ليتم تعيينهم وفق قرار الوزارة الأول باعتبار أحقيتهم للوظائف، ويبدو أن وزارة الخارجية ماضية في استكمال إجراءات تعيينهم.

خاتمة مهمة:
على كلٍّ، ومن خلال قراءة متأنية لحيثيات قضية الدبلوماسيين المرشحين للالتحاق بوزارة الخارجية، يبدو واضحاً أن مفوضية الخدمة المدنية ارتكبت خطأً عندما طالبت كل من حصل على نسبة خمسين بالمائة فما فوق أن يجلس إلى الامتحان الشفوي دون مراعاة لرسوب البعض في مواد الامتحان التحريري الأربع، لتخالف بذلك المادة 22 من قانون العمل الدبلوماسي والقنصلي الذي لا يسمح بتعيين راسبين في السلك الدبلوماسي ناهيك أن يكون الرسوب في اللغتين العربية والإنجليزية، ولعل اللافت للانتباه أن وزارة الخارجية صمتت وتماهت مع قرار المفوضية، فلو اعترضت الوزارة على قرار المفوضية في حينه، لما وصلت القضية إلى هذا الجدل الكثيف والمنعرج المخيف.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق