صحة وبيئة

السودان أكثر الدول تضررا بتغير المناخ.. وجهود للمقاومة

خبراء: تغير المناخ أدى لازدياد معدل الجفاف

الساقية برس- إخلاص نمر:

خلص باحثون من شبكة ويرلد ويذر اتربيوشن world weather Attribution ، والتي تضم علماء في مجال دراسة العلاقه السببية بين الظواهر المتطرفة والتغير المناخي، خلص هؤلاء إلى أن التغير المناخي الناتج عن النشاط الإنساني، زاد  20 مرة على الأقل من احتمالات حدوث الجفاف في نصف الكرة الشمالي.

ونقلت الدراسة (أن خطر حدوث جفاف للتربة، كما حدث في أوروبا والصين وغيرها، يمكن أن يتكرر مرة كل 20 عاماً ، وأضافت الدراسة أن التغير المناخي الناتج عن النشاط البشري، أدى إلى زيادة احتمالية حدوث الجفاف السطحي، بمقدار 5 مرات على الأقل، وحدوث الجفاف الزراعي والبيئ بمقدار 20 مرة على الأقل) وفق ما أوردته فرانس 24 في السادس من أكتوبر الجاري.

معاناة..
عانت دول كثيرة من ظاهرة الجفاف في فصل الصيف، وعلى سبيل المثال لا الحصر فرنسا والمانيا، والصين، وتمثل ذلك في جفاف الأنهار، هنا وحرائق قضت على الغابات هناك، الأمر الذي انعكس في كثير من الدول التي عانت ذلك، على القطاع الزراعي والبيئ.

وعلى ذكر القطاع الزراعي والجفاف، يقفز اسم السودان قفزا، إذ انخفضت المحاصيل الزراعية، في وقت تشهد فيه البلاد، ارتفاعا ملحوظا في أسعار المواد الغذائية، ونظرة عاجلة على اتفاقية باريس للمناخ، والتي دخلت حيز التنفيذ في الرابع من نوفمبر 2016، توضح، كيفية التزام جميع الأطراف بتعزيز الاستجابة العالمية، لتغير المناخ من خلال زيادة القدرة على الصمود، والحد من التأثر، ففي مدينة جلاسكو (كوب 26)، اعتمدت الدول ميثاق جلاسكو للمناخ الذي يدعو إلى مضاعفة التمويل لدعم الدول النامية في التكيف مع آثار تغير المناخ وبناء المرونة، كما أنشأت جلاسكو برنامج عمل لتحديد هدف عالمي بشأن التكيف، والذي سيحدد الاحتياجات الجماعية والحلول اللازمة لأزمة المناخ التي تؤثر بالفعل على العديد من الدول.

انخفاض الموارد المائية..
َوبما أن الجفاف قد مد ذراعيه وبصم على السودان، الذي يعاني من أزمات متنوعة، أكد البرفسور طلعت دفع الله عبد الماجد الأستاذ بكلية الموارد الطبيعية جامعة بحري ، أن الجفاف ،يؤدي إلى انخفاض الموارد المائية، وبالتالي يؤثر على الأنشطة الزراعية والاجتماعية ويضيف قائلا (ان دخول تقنية الاستشعار عن بعد، بواسطة الأقمار الصناعية، فرصة عظيمة لجمع بيانات الرصد الجوي الزراعي، بجانب بعض الأنشطة المقترحة لتخفيف حدة الجفاف، مثل بناء السدود الصغيرة، لنشر المياه على الحقول الزراعية، ودعم صغار المزارعين، والمجموعات الرعوية في المناطق المتأثرة بالجفاف، وزيادة مساحات التشجير في المناطق المتدهورة، وكبح جماح الزحف الصحراوي، وتشجير المحميات الطبيعية، مع الاستفادة من تقنية حصاد المياه، وإدخال الزراعه البيئية، لإعادة خصوبة التربة).

وأشار عبد الماجد إلى أن عدم انتظام هطول الأمطار، وانخفاضها خلال سنوات الجفاف، أدى لتناقص المياه الجوفية، وختم حديثه منوها لتأثير الجفاف على إنتاجية المحاصيل الزراعية، كما أنه يؤدي لتدهور إنتاجية الثروة الحيوانية، نتيجة سوء المراعي وندرة المياه، وأردف موضحاً “جاءت الجهود لمكافحة الجفاف والتصحر والتكيف مع التغيرات المناخية، متمثلة في مشروع إدارة مستجمعات المياه في وادي الكوع، الذي يوضح تخطيط المياه ودمج علوم المياه وتنمية الموارد الطبيعية، فمشروع التكيف يهدف إلى بناء قدرة المجتمع على التكيف مع التغير المناخي وذلك في مشروع التنمية الريفية في البطانة، وامداد المياه، في الخوي ولاية غرب كردفان، كذلك تحسين امدادات المياه في الحواته وود العقيلي”.

نساء من أجل ضمان الأمن الغذائي..
(الجفاف يؤثر مباشرة على المحاصيل الزراعية، مايؤدي لنقص الإنتاج، ولايقف عند هذا الحد بل يمتد إلى التدهور البيئي) كان هذا حديث الأستاذة فاطمة مصطفى، رئيسة منظمة زينب لتنمية وتطوير المرأة التي أوضحت أن الجفاف ومآلاته يلقي بظلال قاتمة على المجتمعات الريفية، خاصة المرأة التي تقضي جل يومها في زراعة حقلها ومتابعة انتاجيته، لذلك تعمل المنظمة على رفع الوعي في هذه المجتمعات وتنويرها، بآثار تغير المناخ ،خاصة الجفاف وكيفية التأقلم معه في مجال القطاع الزراعي، من أجل ضمان الأمن الغذائي، وذلك باستخدام تقنيات زراعية حديثة، وحزم كاملة من أنواع الحراثة وحصاد المياه وتوزيع البذور المحسنة التي تقاوم الجفاف.

مع ليلى.. حصاد الفول..
ليلى محمد مدني، تباشر بنفسها حقلها، في قرية ود ضعيف، وتسرد معاناتها مع الجفاف، وتؤكد قائلة (يؤثر الجفاف على أسرتي، لأننا نعتمد في الغذاء على الزراعة، ويؤثر على تعليم أبنائي، لأني أنفق من بيع الإنتاج الزراعي على التعليم، ويمتد التأثير كذلك على علاقاتي الاجتماعية، فأنا فرد في المجتمع اتفاعل معه وفيه، من حصيلة انتاجي الزراعي، ولايسلم الإنتاج الحيواني كذلك من تأثير الجفاف، لأنه يتغذى على أعلاف الإنتاج الزراعي، لذلك فإن الجفاف يمتد تأثيره على الإنتاج والانتاجية برمتها) وتضيف موضحة أنه تم التغلب على ذلك من خلال ماقدمته منظمة زينب لتنمية وتطوير المرأة التي بدأت برنامج التكيف مع آثار المناخ، منوهة الى تحول  450 فدان من الزراعة التقليدية، إلى استخدام التقنيات الحديثة في الزراعة، مانتج عن ذلك عدد 64 جوال من الفول من بطن 5 فدان فقط، الأمر الذي عزز تحول المرأة الريفية إلى امرأة منتجة.

إجهاد وانهاك..
من ناحيته أوضح البروفسور عصام وراق، أن السودان يقع في نطاق الأراضي الجافة، وأن درجات الجفاف تتفاوت من الشمال للجنوب، حسب معدل الأمطار وقابلية التبخر والنتح، مشيراً إلى أن تغير المناخ أدى لارتفاع درجات الحرارة وعدم انتظام هطول الأمطار، ما أدى لازدياد معدل الجفاف، والذي أدى بدوره إلى إنهاك بنيات السودان ومكوناته الحيوية وغير الحيوية، منوها إلى أن قطع الأشجار والضغط على المراعي وزيادة الأنشطة الزراعية المطرية، فاقمت من آثار تغير المناخ، وارتفاع درجات الحرارة، وأضاف قائلا (أن زيادة وتيرة الجفاف مصحوبة بقطع الأشجار، أدى إلى تغير تشكل الأنواع الشجرية والرعوية، في نظم الغابات، بتناقص بعض الأنواع وزيادة انواع أخرى، وختم حديثه بأن السودان من أكثر الدول تضررا بتغير المناخ وتقلباته، فموجات الجفاف والتباين الكبير في معدلات هطول الأمطار، خلال العقود الماضية، وضع الكثير من الإجهاد على الزراعة المطرية، التي تمتد على مساحات كبيرة، وعلى النظام الرعوي كذلك، وهما من أهم سبل كسب العيش في المجتمعات المحلية في القطاع التقليدي).

تهديد..
وفي السياق، يضيف البروفيسور عمادالدين أحمد علي بابكر – خبير التكيف مع التغيرات المناخية في الزراعة – هيئة البحوث الزراعية سابقًا- أن تغير المناخ يهدد بلادنا مباشرة، بتسببه في ارتفاع درجات الحرارة وتذبذب معدلات الأمطار بالزيادة والنقصان، ما ينتج عن ذلك، الفيضانات وكذلك الجفاف، الأمر الذي يؤثر، في تدهور قدرتنا على تحقيق الأمن الغذائي، وتحقيق التنمية المستدامة، مشيرا إلى أن آثار التغير المناخي مباشرة وغير مباشرة على الإنتاجية الزراعية، وأولئك الذين تعتمد سبل عيشهم وتغذيتهم عليها، حيث يؤدي الجفاف نتيجة للتغير المناخي، لتدهور الإنتاجية وفقدان حصاد المحاصيل الغذائية الأساسية، مثل الذرة الرفيعة والدخن وأيضاً فقدان وتدهور انتاجية المحاصيل النقدية، والتي هي مصدر الدخل الوحيد لصغار المزارعين.

ونوه عماد إلى ضرورة تبني نظم التكيف الذكية، مع هذه التغيرات المناخية، حتى نتمكن من ادارة المخاطر المناخية بصورة ناجحة.
وأردف أن هنالك بعض الممارسات الذكية للتكيف مع مخاطر التغير المناخي، على الزراعة، لتحقيق الأمن الغذائي المستدام وهذه الخلاصة هي نتاج بحث تم على المدى القصير والمتوسط والطويل، لذلك يجب على الحكومة وصانعي القرار دعم المؤسسات البحثية، وتأهيلها لتقوم بواجبها البحثي على أكمل وجه.

وثمن نتائج هذه البحوث وتوصياتها التي قال إنها تشكل عاملا مهما وأساسيا ، في وضع الخطط المستقبلية للتكيف مع التغيرات المناخية، وتقليل وامتصاص اثارها السالبة، والاستفادة من الآثار الإيجابية إن وجدت.

وقد تنقرض..

ويذهب دكتور محمد المكي البدوي، أستاذ علم الطيور بجامعة سنار إلى أن توفر الماء يعتبر ضروريا لحياة الطيور، مثلها مثل أي كائن حي خاصة طيور المناطق الرطبة، (البحرية والبرك والمستنقعات والأنهار) التي تتاثر أولاً بموجات الجفاف في ظل التغيرات المناخية.

ويوضح المكي قائلا “يؤدي الجفاف إلى تدمير الموائل الطبيعية للطيور، وفقدان أماكن التعشيش والتزاوج، الأمر الذي يترك تأثيرا واضحا على وضع البيض، كذلك نجد تأثير الجفاف، على هجرات الطيور الموسمية، وتغيير طرق وانماط الهجرة، كما يؤثر على سلوك الطيور، فالجفاف المتكرر وطول فترة الجفاف، يؤدي إلى نفوق أعداد كبيرة من أنواع الطيور خاصة الطيور الصغيرة”.

وأكد المكي أن الطيور تختلف في تعاملها  وتكيفها مع الجفاف، فطيور المناطق الباردة أقل تكيفا، بينما طيور المناطق القاحلة أكثر تكيفا. وتمتاز الطيور بالمقدرة العالية لاستخلاص الماء، من الطعام وذلك لامتيازها بوجود كلي بعدية، تتكون كل كلية من ثلاث فصوص لفصل البول عن الماء، كذلك مقدرتها في معادلة الأملاح الالكتوليتية مع مثيلاتها من الفقاريات الأخرى كالثديات.
ونوه إلى أن الجفاف يعتبر تحديا كبيرا، يواجه الطيور، ويحد من نشاطها، وحتى الطيور التي تستطيع التكيف والمقاومة، فإنها لن تستطيع مقاومة فترات الجفاف الطويلة، وفي النهاية سيؤدي ذلك إلى انقراضها.

 

 

 

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق